لماذا رفضت إيران حضور قمة شرم الشيخ للسلام؟

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، أسباب رفض إيران حضور قمة شرم الشيخ للسلام، موضحة أنه قد يبدو من الوهلة الأولى، أن إيران أضاعت فرصة تاريخية بالمشاركة في قمة شرم الشيخ، القمة التي كان من الممكن أن تعيد رسم أطر التفاوض معها في المستقبل، لكن بعد مشاورات عميقة ومدروسة، وجهت إيران شكرها لمصر ورفضت الدعوة، موضحا وزير خارجيتها عباس عراقجي أن أي تعامل مع من هاجموا الشعب الإيراني وما زالوا يفرضون العقوبات والتهديدات، أمر لا يمكن قبوله.
وقالت «المرسي» في تحليلها، إن المحللين ينقسموا بين فريقين: أحدهما يرى في موقف إيران تعبيرا عن تشدد وطني وعزة وكرامة، على حساب المسار الدبلوماسي وربما مهددا بارتفاع احتمالات الخيار العسكري، والفريق الآخر سيرى أن إيران أضاعت فرصة للحوار الجاد بوساطة مصرية لضمان السلام والاستقرار، لكن في أعماق القرار، يكمن منطق أعمق، وهو اختيار الطريق الأصعب، ليس تقليلا من دور مصر في الوساطة، بل إدراكا لحيل الجانب الأمريكي والإسرائيلي، والتي لن ترضخ إيران لها.
وأضافت الدكتورة شيماء المرسي، أن مؤشرات ذلك تجلت بوضوح في خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أمام الكنيست، حين شكر ترامب على اغتيال قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، فيما اعتبر ترامب تدمير الاتفاق النووي أمرا ضروريا لأمن المنطقة، وفخره بذلك لم يخفِ استعلاءه المعتاد. أما خطابه في شرم الشيخ، فكان نغمة مختلفة تماما، حيث قدم حرب الإثني عشر يوما كضرورة لتحقيق اتفاق غزة، وكأن العنف نفسه صار أداة لتحقيق السلام وفق رؤيته.
وأكدت أن هذا الخطاب، لم يكن مفاجئا للقيادة الإيرانية، التي لطالما تعامل معها ترامب باستعلاء يتنافى مع كرامة النزعة الفارسية. ولهذا، جاء هدوء إيران وبرودتها في إعادة التخطيط لدبلوماسيتها، للتعامل مع خطة ترامب للسلام بدهاء شديد، وتستغل اتفاقية ترامب للسلام، كفرصة استراتيجية لإعادة التموضع من جديد، لا مجرد تسوية ظرفية.
وأوضحت الدكتورة شيماء المرسي، أنه رغم تحفظاتها على بعض بنود الاتفاق، أعلنت إيران دعمها الظاهر للاتفاق، واستثمرت بيان مكتب المرشد الأعلى في توجيه رسالة ضمنية إلى نتنياهو، الذي بدا كأنه يبحث عن حل لحرب خسر فيها. في الوقت ذاته، دفعت حماس خلف الكواليس لإدارة التفاوض، وهذا أوجد ارتباكا وتنازعا داخل الكنيست، بل وهدد اليمين الإسرائيلي بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا مضى نتنياهو في تنفيذ الاتفاق.
وأشارت إلى أنه بهذا الأسلوب، تدير إيران الأزمة وفق مبدأ الربح البارد، لا المواجهة المباشرة، فرغبتها في استدامة التوتر ببقاء غزة مشتعلة سياسيا، يبقيها منخرطة في الملف الفلسطيني، ويجعلها تحتفظ بشرعية خطاب المقاومة، دون السعي إلى حل نهائي في ظل الاحتلال الإسرائيلي، بل بهدف عرقلة استقرار إسرائيل وتعزيز مكانتها كلاعب لا يمكن تجاوزه في معادلة الشرق الأوسط.