في ذكرى رحيله.. من ”طباخ الريس” إلى ”غبي منه فيه”.. طلعت زكريا نجم الكوميديا وضحكته التي لا تغيب

في مثل هذا اليوم، الثامن من أكتوبر عام 2019، رحل عن عالمنا الفنان الكبير طلعت زكريا، أحد أبرز نجوم الكوميديا في مصر والعالم العربي، الذي أهدى جمهوره ضحكات لا تُنسى، وجعل من البساطة والمرح رسالة وفنًا يُخلد في الذاكرة.
تميز طلعت زكريا بخفة ظل فطرية وقدرة على صناعة الضحك بطريقة طبيعية، فكانت ابتسامته تصل من القلب إلى القلوب، وتترك أثرًا يستمر حتى بعد رحيله.
بدأ مشواره الفني في المسرح قبل أن ينتقل إلى السينما والتلفزيون، وقدم خلال مسيرته مجموعة من الأعمال التي شكلت علامات بارزة في تاريخ الكوميديا المصرية أبرزها.
طباخ الريس
قدم من خلاله شخصية "متولي" الطباخ البسيط الذي يعمل على عربة طعام في الشارع، لتجمعه الصدفة برئيس الجمهورية في أحداث تمزج بين الضحك والرسالة الاجتماعية العميقة.
وكان لهذا الفيلم أثر كبير في حياة طلعت زكريا، إذ فتح له بابًا للقاء خاص مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهو اللقاء الذي ظل يحكي تفاصيله دائمًا بكل فخر.
قال طلعت زكريا:
ذهبت وكنت في قمة الرعب، ووجدت أنه كان لديه اجتماع مع الوزراء ولكنه تم إلغاؤه، وشاهدت عددًا من الوزراء في القصر، ووقتها قلت إني سأدخل له لمدة دقيقة أسلم عليه وأغادر مباشرة، ولكن ما حدث أنه جلس معي ساعتين ونصف كاملتين."
وأضاف:
طلب مني مقابلتي بسبب فيلم (طباخ الرئيس) حيث أعجب كثيرًا بالفيلم، وأثر فيه جدًا، وأحب أن يكون هناك أحد ينقل له نبض الشارع. والحقيقة أنه لم يكن يريد مقابلتي بصفتي فنانًا وإنما كواحد من الشعب المصري، خاصة وأننا لم نتحدث عن الفن، إنما كان عاوز يحس بنبض الناس في الشارع من مواطن عادي مثلي.
وتابع:
أول سؤال سألهولي: الناس عايشة إزاي؟ وعاملين إيه؟ مبسوطين ولا لأ؟، فكان ردي صريح، وأكدت له إن الناس تعبانة من العيشة اللي بقت صعبة ومش لاقية تأكل. فأجاب مبارك: (أنا أعمل إيه؟!)، واتكلم على التعداد السكاني اللي بيزداد بشكل مستمر، وقال إنه بيبني مدن وكباري وطرق جديدة، وكل ده مش كفاية، وإنه مش يقدر يمنع زوجين من الإنجاب.
وأكمل طلعت قائلاً:
بعد الوقت الطويل اللي جلست فيه معاه اقتنعت بكلامه، وقلت هو هيكدب عليا ليه؟ أنا مواطن عادي مش مسؤول. صورتي مع مبارك أفتخر بيها، لأنها كانت مع رئيس الدولة، وأي فنان كان يتمنى القعدة دي. ولما بشوف الصورة بحس إني ناجح، لأن أكبر راس في الدولة هناني على فيلمي. واللي فاجئني إن جلستنا كانت فيها كوميديا وخفة دم، وما كنتش متخيل أبدًا إن دمه خفيف كده، لدرجة إن حسيت إن دمه زي السكر.
مشواره في السينما
بعد هذا اللقاء الذي ارتبط بفيلمه الشهير، واصل طلعت زكريا تألقه في عالم السينما، ليقدّم مجموعة من الأدوار التي أصبحت محفورة في ذاكرة الجمهور.
غبي منه فيه
جسد فيه دور صديق البطل “سلطان”، الذي يواجه مواقف كوميدية لا تنتهي، في قصة تسلط الضوء على البراءة والبساطة وسط مجتمع لا يرحم، في إطار فكاهي راقٍ.
سيد العاطفي
شارك في واحد من أنجح أفلام تامر حسني، حيث قدم دورًا كوميديًا مميزًا أضفى خفة دم على أحداث الفيلم التي تناولت قضايا الحب والعائلة في قالب اجتماعي لطيف.
حاحا وتفاحة
قدم فيه شخصية “حاحا” بطريقة ساخرة ومليئة بالكوميديا الشعبية، وكان من أكثر الأدوار التي لاقت رواجًا بين الجمهور، لما حملته من عفوية وطابع مصري أصيل.
عرفه الناس بخفة روحه وبساطته، وبإخلاصه لفنه ووطنه، فقد كان دائمًا يقول:أنا ابن البلد اللي بيحب ضحك الناس"
وهي الجملة التي تختصر شخصيته كفنان وإنسان.
ورغم مرور السنوات على رحيله، ما زالت أعماله تُعرض على الشاشات وتنتزع الضحكات نفسها من القلوب، لتؤكد أن الفنان الحقيقي لا يموت ما دام الناس يذكرونه بابتسامة.
رحل طلعت زكريا عن عمر ناهز التاسعة والخمسين بعد صراع مع المرض، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وذكريات لا تُمحى، ليظل نجم الكوميديا وضحكته علامة خالدة في ذاكرة المشاهدين.