إلغاء التخصيص بسبب التوكيلات في المدن الجديدة.. هل الإجراء ”قانوني”؟

أصدرت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منشورًا رسميًا أكدت فيه ضرورة توجه أي مشترٍ لوحدة سكنية أو تجارية – أيًا كانت طبيعتها – إلى جهاز المدينة المختصة لإثبات نقل الملكية من المالك الأصلي المثبت اسمه لدى الهيئة.
وحذرت الهيئة من أن عدم الالتزام بهذا الإجراء قد يعرض المشتري لخطر إلغاء التخصيص، باعتبار أن ذلك يمثل إخلالًا بالإجراءات القانونية المنظمة لشراء الأراضي أو الوحدات داخل المدن الجديدة. وأكدت الهيئة أنها بدأت بالفعل في حصر شامل للتوكيلات الصادرة بخصوص بيع الوحدات، تمهيدًا لتوجيه المشترين بضرورة إثبات التنازل أو البيع أمام أجهزة المدن.
وفي تصريحات خاصة لـ"النهار"، وصف الدكتور طارق نجيدة، المحامي بالنقض والدستورية العليا، هذا الإجراء من الهيئة بأنه "إجراء باطل"، مؤكدًا أن التوكيل في حد ذاته لا يُعد دليلاً قاطعًا على إتمام البيع أو التنازل، حيث يمكن إصدار توكيل دون تنفيذ عملية البيع فعليًا.
وأوضح نجيدة أن محكمة النقض أقرت بأنه لا يمكن اعتبار التوكيل عقد بيع إلا إذا تضمن الإشارة الصريحة إلى ثمن البيع، وهو ما لا يتوفر في أغلب التوكيلات العامة أو الخاصة بالتصرف.
وقال نجيدة: "إذا لم يكن هناك عقد بيع ابتدائي أو عقد بصحة توقيع مقترن بالتوكيل، فإن التوكيل وحده لا يُعد تصرفًا ناقلًا للملكية، ولا يجوز بناءً عليه اتخاذ قرار بإلغاء التخصيص، لأن ذلك يُعد تعسفًا في استعمال السلطة، ويُشكل قرارًا قابلًا للطعن أمام مجلس الدولة بنسبة قبول تتجاوز الـ100%، لكونه يخالف أحكام القضاء المستقرة."
وأضاف نجيدة أن الهيئة يحق لها اتخاذ إجراءات ضد من يخالف شروط التخصيص، فقط في حالة ثبوت وجود عقد بيع (سواء كان مقترنًا بتوكيل أو بدونه). ويمكن للهيئة التحقق من ذلك عبر مصلحة الضرائب أو مخاطبة وزارة العدل للحصول على بيانات رسمية.
كما انتقد نجيدة محاولة بعض الجهات منع إصدار توكيلات لبعض المناطق عن طريق مخاطبة الشهر العقاري، معتبرًا أن هذا الإجراء "باطل قانونًا"، لأنه لا يجوز تقييد حرية التصرف القانوني للأشخاص بدون سند تشريعي واضح، إلا أن هذا القرار – بحسبه – لم يتم الطعن عليه حتى الآن.
وفيما يتعلق باستخدام الهيئة إجراء الحجز الإداري ضد المخالفين، أكد نجيدة أن هذا الإجراء غير دستوري، موضحًا أن الحجز الإداري وسيلة استثنائية تُستخدم فقط لتحصيل أموال مستحقة للمرافق العامة، بحسب ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا. أما بيع الوحدات أو الأراضي من قبل هيئة المجتمعات العمرانية، فهو نشاط يخضع لأحكام القانون الخاص، ولا يُعد من أعمال المرافق العامة، وبالتالي لا يجوز فيه استخدام الحجز الإداري.
واختتم نجيدة تصريحاته بالتأكيد على أن قواعد هيئة المجتمعات العمرانية تنص على أن صحة التخصيص تتوقف على توفر ثلاثة شروط أساسية: تحديد نوع النشاط الذي يُخصص له العقار، سداد قيمة التخصيص المتفق عليها بالكامل، تنفيذ المشروع خلال المدة الزمنية المحددة في الجدول الزمني المعتمد.
من جانبه، قال المحامي ياسر سيد أحمد، إن القرارات الصادرة عن هيئة المجتمعات العمرانية فيما يخص إثبات نقل الملكية والحفاظ على التخصيص تندرج تحت ما يُعرف بـ"عقود الإذعان"، وهي عقود قانونية رغم ما قد تتضمنه من التزامات وأعباء كبيرة على المتعاقد الفرد.
وأوضح أن هذه العقود تخضع لرقابة الجهة الإدارية باعتبارها تهدف إلى تحقيق النظام العام، وحماية الاستثمار القومي، وضمان أن العقارات تُستخدم في الغرض الذي خُصصت من أجله. وقال: "القرارات التي تُتخذ لحماية الغرض القانوني من التخصيص تُعد دستورية، حتى لو بدا فيها بعض الإجحاف أو عدم التوازن، لأن الغرض منها حماية الصالح العام، وهو ما لا يدركه غالبًا غير المتخصصين."
وأشار إلى أن تقنين هذه الإجراءات يأتي في إطار الحفاظ على المصلحة القومية وضمان تنفيذ المشروعات في إطار الجداول الزمنية والشروط المحددة، ما يضفي على تلك القرارات شرعية دستورية، رغم ما قد يبدو من تفاوت أو تشدد فيها.
وفي توضيح رسمي، أكد المهندس عمرو خطاب، المتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان، أن الوزارة تتابع باستمرار كافة المعلومات المتداولة لتوضيح الحقائق للمواطنين وتجنب أي لبس في فهم الأخبار.
وأضاف في تصريحات إعلامية أن المهلة المعلنة لمدة 6 أشهر ليست شرطًا لإتمام إجراءات التنازل، بل هي منحة إضافية للعملاء لتيسير هذه الإجراءات بعد التسهيلات السابقة، والتي شملت تخفيض 50% من الرسوم الإدارية.
وتابع: "وقد جاءت هذه المنحة استجابة للطلبات المتكررة من المواطنين، وتم تمديدها لتصل إلى 6 أشهر إضافية لتخفيف الأعباء المالية على البائع والمشتري على حد سواء".
وذكر، أن التخفيضات تشمل الوحدات السكنية والتجارية والمساحات العمرانية المتكاملة والأراضي وفق شرائح مختلفة، بحيث تصل نسبة التخفيض إلى 90% للأراضي الكبيرة التي تتراوح مساحتها بين 200 إلى 1000 فدان.