قفزة غير مسبوقة في عقود التمويل العقاري بمصر.. و«خبير» يكشف أسباب الطفرة وتوقعات 2025

شهد سوق التمويل العقاري في مصر انتعاشة كبيرة خلال العام الجاري، مسجلة نموًا غير مسبوق في عدد العقود المبرمة بين المواطنين وشركات التمويل، في مؤشر قوي على زيادة الوعي المجتمعي بأهمية هذا النوع من أدوات التملك وسط الارتفاع المتواصل لأسعار العقارات.
وأكد المهندس إيهاب عمر، خبير التمويل العقاري، أن عدد العقود ارتفع بنسبة 56% خلال 2025 مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغ 9157 عقدًا مقابل 5854 عقدًا خلال نفس الفترة من 2024، مشيرًا إلى أن تلك الزيادة تعكس توسع قاعدة المستفيدين من برامج التمويل، وليس مجرد ارتفاع في قيم التمويلات.
وعي جديد وتوجه مختلف نحو الشراء بالتقسيط
أوضح عمر، خلال مداخلة تلفزيونية، أن الإقبال الكبير على التمويل العقاري لم يأتِ فقط نتيجة ارتفاع الأسعار، بل بسبب تغيّر ثقافة الشراء لدى المواطنين، الذين أصبحوا يرون في التمويل العقاري وسيلة آمنة للحصول على وحدة سكنية دون الحاجة إلى ادخار مبالغ ضخمة مسبقًا.
وأشار إلى أن شريحة واسعة من الشباب والعائلات باتت تعتمد على التمويل العقاري كخيار واقعي ومتاح، خاصة مع صعوبة التملك النقدي المباشر في ظل القفزات السعرية التي تشهدها سوق العقارات منذ سنوات.
السوق الثانوي يستحوذ على النصيب الأكبر
وكشف خبير التمويل العقاري أن أغلب عمليات التمويل تتركز في السوق الثانوي، أي على الوحدات السكنية الجاهزة والمكتملة بالفعل، سواء التي يعيد بيعها العملاء أو التي يطرحها المطورون بعد الانتهاء من تنفيذها بالكامل.
وأوضح أن التمويل العقاري لا يزال غير موجه للوحدات تحت الإنشاء، مما يحد من فرص بعض المستثمرين والمطورين، لكنه في الوقت نفسه يضمن انخفاض المخاطر التمويلية، كما رجّح أن تشهد الفترة المقبلة تطورًا تشريعيًا يسمح بتوسيع نطاق التمويل ليشمل مشروعات قيد التنفيذ ضمن ضوابط محددة.
توقعات بتمويلات تتجاوز 45 مليار جنيه في 2025
وتوقع عمر أن تشهد السوق العقارية مزيدًا من النشاط خلال العام المقبل، مع إمكانية تجاوز إجمالي حجم التمويلات العقارية 40 إلى 45 مليار جنيه بنهاية 2025، إذا استمر تحسن المؤشرات الاقتصادية الحالية.
وأشار إلى أن انخفاض معدلات التضخم من 25% إلى نحو 13.8% ساهم في استعادة الثقة بالسوق، ودفع البنوك وشركات التمويل للتوسع في منح القروض العقارية، ما يُبشّر بمزيد من النمو خلال الأشهر القادمة.
مبادرة الفائدة 7%.. مطلب ضروري أم عبء اقتصادي؟
وفيما يتعلق بمطالب المطورين العقاريين بإطلاق مبادرة تمويل عقاري جديدة بفائدة 7%، أوضح المهندس إيهاب عمر أن الفكرة مطلوبة بشدة لتسهيل تملك الوحدات لمحدودي ومتوسطي الدخل، لكنها في الوقت الحالي تمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الدولة والبنك المركزي.
وأوضح أن الفارق بين الفائدة السوقية (23%-24%) والفائدة المدعومة (7%) يعني أن الحكومة ستتحمل دعمًا يتراوح بين 16% و17% لكل عقد تمويل، وهو ما سيكلف الخزانة العامة مليارات الجنيهات، كما حدث في المبادرات السابقة التي قدمت تمويلات بفائدة 3% و8%.
خفض تدريجي للفائدة.. الطريق الآمن لدعم السوق
واقترح خبير التمويل العقاري أن الحل الأنسب حاليًا هو التريث إلى أن تتراجع أسعار الفائدة تدريجيًا، مؤكدًا أن اجتماعات لجنة السياسة النقدية المقبلة قد تشهد قرارات بخفض جديد في الفائدة، وهو ما سيقلل من عبء الدعم حال إطلاق مبادرة تمويلية جديدة مستقبلًا.
وأضاف أن الاستقرار النقدي وتراجع تكلفة التمويل سيشجع البنوك على التوسع في برامج التمويل العقاري بشكل طبيعي، دون الحاجة إلى دعم حكومي مباشر، ما يسهم في تعزيز حركة السوق وتحقيق توازن بين العرض والطلب.
نمو التمويل العقاري مؤشر لتعافي الاقتصاد
واختتم عمر حديثه بالتأكيد على أن زيادة الإقبال على التمويل العقاري تمثل إشارة إيجابية لتعافي الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن توسع المواطنين في استخدام أدوات التمويل طويلة الأجل يساهم في تحريك سوق العقارات والبناء والتشغيل، ويدعم خطط الدولة لتحقيق التنمية العمرانية المستدامة حتى عام 2030.