سياسة الاغتيالات.. عقيدة راسخة لدولة الاحتلال

الاغتيالات السياسية .. عقيدة راسخة في الاستراتيجية الإسرائيلية تنتهجها منذ إعلان قيام دولة الاحتلال عام 1948 على أرض فلسطين، إذ تمثل سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية ركنا راسخا في العقيدة الأمنية لإسرائيل، تنهي به حياة كل من تعتبره خطرا على أمنها، دون التفات لأية تبعات سياسية ولا قانونية.
ترتكز سياسة الاغتيالات الإسرائيلية على مواجهة الفصائل الفلسطينية ودفعها لوقف عملياتها العسكرية أو تقليصها عبر إحداث فراغ في رأس الهرم القيادي للتنظيم، وتعتمد الأجهزة الأمنية الاغتيالات كذلك كنوع من العقاب والانتقام ردا على عمليات تم تنفيذها ضد أهداف إسرائيلية.
استخدام طرق متنوعة في عملية الاغتيالات
الطرود والسيارات المفخخة والمسدسات المزودة بكواتم الصوت والقنص والخنق والمواد الكيميائية السامة والطائرات المسيرة والقصف الجوي بقنابل ضخمة، تقنيات استخدمتها إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال ضد أهداف وشخصيات بعينها عبر تحديد أماكنهم بخطة محكمة.
استهداف مكوناج المجتمع
ولم تقتصر عمليات الاغتيال الإسرائيلية على قادة المقاومة الفلسطينية فحسب بل وصلت أيضا لاستهداف سياسيين وعلماء وأدباء فلسطينيين ولبنانيين بصفة خاصة وعرب بصفة عامة، ولم تفرق إسرائيل في مسارح الاغتيال بين دولة عربية أو أجنبية، صديقة كانت أم عدوة، ضاربة بكل القوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط وبثقة أكيدة من الإفلات من العقاب وعدم المساءلة.
وحدة "ريمونيم"
وفي غرة، بدأت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في مطلع سبعينيات القرن الماضي، في محاولة من إسرائيل للقضاء على العناصر الفلسطينية التي كانت تستهدف قوات الاحتلال في أرجاء القطاع، وبتعليمات مباشرة من قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال آنذاك آرييل شارون، تم تشكيل وحدة خاصة أُطلق عليها وحدة "ريمونيم" وقادها مائير دجان لتنفيذ الاغتيالات ضد قادة المقاومة الفلسطينية.
تعليق عملية الاغتيالات
وفي الفترة الفاصلة بين عامي 1973 واندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987، أوقفت إسرائيل عمليات الاغتيال وذلك بسبب تراجع المقاومة الفلسطينية المسلحة داخل قطاع غزة بشكل كبير، إلى جانب إحكام جيش الاحتلال سيطرته على القطاع في تلك الفترة وهو ما مكنه من وأد محاولات تشكيل خلايا المقاومة في مهدها.
تصفية كبار القادة
وقبل الانتفاضة الثانية عام 2000 تركزت عمليات الاغتيال الإسرائيلية على تصفية القادة الكبار للفصائل الفلسطينية ثم شملت بعد ذلك تصفية القيادات الوسطى والعناصر المقاتلة بهدف وقف زخم الانتفاضة.
العدوان على غزة
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في أكتوبر 2023، عمدت الأجهزة الأمنية في إسرائيل إلى إعادة إحياء سياسة الاغتيالات بشكل مباشر بل ووضعت قائمة طويلة من المستهدفين سواء من الفصائل الفلسطينية أو حتى حزب الله اللبناني في إطار الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة والضربات التي يوجهها لعناصر حزب الله على الجبهة الشمالية.
التغطية على فشل الحسم
وعلى مدار عقود وظفت إسرائيل عمليات الاغتيال لرفع الروح المعنوية في الداخل الإسرائيلي وللتغطية على فشلها في حسم المواجهة مع الفصائل الفلسطينية وذلك وفقا لتقديرات خبراء عسكريين دوليين وحتى من داخل إسرائيل.
عدوان وقتل واغتيالات وتهجير وتجويع .. سلسلة من الممارسات الإسرائيلية على مدار عقود دفعت المنطقة إلى العديد من المواجهات واتساع رقعة الصراع .. غير أنها لم تفلح في إثناء الشعب الفلسطيني عن الدفاع عن حقوقه والصمود والبقاء تمسكا بالأرض وحقه المشروع في إقامتة دولته المستقلة مهما طال الأمد.