محمد إيهاب يسافر إلى سويسرا لمتابعة تحليل العينة B

في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في مسيرته الرياضية، غادر البطل الأولمبي المصري محمد إيهاب الأراضي المصرية متجهًا إلى سويسرا، حيث من المنتظر أن يشهد بنفسه جلسة فتح وتحليل العينة (B) الخاصة بأولمبياد ريو 2016. هذه الخطوة لم تأت من فراغ، وإنما جاءت كحلقة جديدة في معركة قانونية مفتوحة يخوضها إيهاب منذ سنوات دفاعًا عن نزاهته وتاريخه الرياضي، بعد أن أعيد فتح ملف الميدالية البرونزية التي أحرزها في البرازيل قبل نحو تسع سنوات.
ومن المعروف أن قضية إيهاب بدأت مع إعلان اللجنة الأولمبية الدولية وجود مادة محظورة في عينته الأولى التي أُعيد تحليلها مؤخرًا. غير أن الأزمة لم تتوقف عند حد الاتهام، بل امتدت إلى جدل واسع حول نزاهة الإجراءات، خاصة وأن المادة المكتشفة من المفترض ألا تبقى في الجسم أكثر من ستة أشهر، بينما التحليل جرى بعد مرور أعوام على البطولة. ومن هنا بدأ البطل المصري يطرح تساؤلاته المشروعة حول طريقة حفظ العينة، والظروف التي أحاطت بعملية النقل والتخزين، في ظل تاريخ مثير للجدل لبعض المسؤولين السابقين بالاتحاد الدولي والمختبرات المعنية.
وفي هذا السياق، أشار إيهاب مرارًا إلى أن ما يواجهه اليوم ليس مجرد اختبار طبي، بل هو اختبار لحياته كلها. فقد اضطر إلى بيع فيلته الخاصة من أجل تغطية تكاليف الدفاع القانوني والاستعانة بمحامٍ دولي متخصص، مؤكدًا أن القضية بالنسبة له تتجاوز قيمة ميدالية أو لقب، لتصل إلى حدود الكرامة والتاريخ الشخصي والاجتماعي. ومن هنا نفهم أن رحلته إلى لوزان تمثل أكثر من مجرد حضور بروتوكولي، بل هي حضور رمزي يترجم إرادته في الدفاع عن اسمه ومكانته.
وعلى المستوى الفني، فإن إيهاب، رغم اعتزاله رفع الأثقال عام 2020، ما زال حاضرًا بقوة في المشهد الرياضي. فقد اتجه إلى التدريب وقاد لاعباته مؤخرًا لتحقيق ميدالية عالمية، ليؤكد أن رسالته في اللعبة لم تنتهِ، وأن إرثه لن يُختصر في ميدالية أولمبية فقط، بل يمتد إلى الأجيال الجديدة التي تتعلم منه الإصرار والانضباط. وهنا يظهر البُعد الآخر للقضية، إذ إن أي قرار سلبي قد يطاله لا يؤثر عليه وحده، بل ينعكس على صورة اللعبة في مصر ومكانتها الدولية.
ومن زاوية اقتصادية، يمكن القول إن الأزمة تضع الاتحاد المصري والرياضة الوطنية أمام تحدٍ كبير. فإلغاء ميدالية إيهاب، إذا حدث، سيؤثر على تصنيف مصر الأولمبي، وربما يحرمها من بعض الامتيازات المرتبطة بترتيب الميداليات والتمويلات الدولية. كما أن الدفاع عن اللاعب وتغطية التكاليف القانونية والإجرائية يُمثل عبئًا ماليًا إضافيًا، خاصة وأن الرياضة المصرية تسعى لتعزيز مواردها في وقت تواجه فيه تحديات اقتصادية عامة.
ورغم كل هذه التحديات، يصر إيهاب على أن الحقيقة ستظهر في النهاية. فقد قال قبل سفره: "أنا مش بشك في المختبر نفسه، لكن بشك في الطريقة اللي اتنقلت بيها العينة واتفتحت واتقفلت من غير علمي. أنا مسافر عشان أشوف بعيني وأدافع عن حقي." هذه الكلمات تعكس بوضوح أن القضية بالنسبة له معركة وجود، لا تقل صعوبة عن أي بطولة خاضها فوق البساط.
وفي الختام، يبقى المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات. فبينما يستعد إيهاب لمواجهة حاسمة في سويسرا، تتعلق أنظار الجماهير المصرية بما ستسفر عنه الأيام المقبلة. وإذا نجح في إثبات براءته، فإنه لن يحافظ فقط على ميداليته الأولمبية، بل سيعزز صورته كبطل تحدى الصعاب داخل وخارج الملعب. أما إذا حدث العكس، فستبقى رحلته عنوانًا على شجاعة لاعب لم يتخلَّ عن حلمه، حتى بعد أن ترجل عن منصة المنافسة.