النهار
السبت 6 سبتمبر 2025 01:32 صـ 12 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
«الكرنك» يتصدر قائمة أفضل 10 أفلام سياسية في استفتاء مهرجان الإسكندرية السينمائي المغرب يطلق النسخة الأولى من مبادرة وسائل الإعلام المستقبلية مشاركة وفد عُماني في القمة العربية للتنمية البشرية والتدريب بالقاهرة عيون لا تغفل.. شرطة تلا تقضي على أغرب مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الذهب يسجل مستوى تاريخياً جديداً عالميًا.. وقفزة كبيرة للمعدن الأصفر في مصر كيف دمّرت التعريفات الجمركية الداخل الأمريكي بعد شهور من تطبيقها؟.. باحث يوضح الدلالات كافة أبعاد زيارة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني لمصر.. باحثة توضح التفاصيل بلال صبري ونرمين جمال يرشحان رانيا يوسف ونجلاء بدر وهاني عادل لمسلسلهما الجديد استعدادًا لسباق رمضان 2026 ليحقق أهداف العقد القادم.. تسلا تحفز إيلون ماسك بمكافأة تاريخية بقيمة تريليون دولار الأحد.. الصحفيون المؤقتون يدعون أعضاء الجمعية العمومية بالنقابة للمشاركة في يوم تدويني للتضامن معهم بالصور..نانسي صلاح من بروفات مسرحيتها ”فيلم رومانسي” مع خالد سليم من الشكوى إلى الحل.. الري تنجح في إزالة المخلفات من ترعة زغلولة

عربي ودولي

أبعاد زيارة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني لمصر.. باحثة توضح التفاصيل

شيماء البكش
شيماء البكش

استقبل الرئيس السيسي نظيره الأوغندي يوري موسفيني يوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025، في زيارة بالغة الأهمية من حيث التوقيت وما يحمله من متغيرات إقليمية مشتركة تجمع البلدين، بحسب شيماء البكش، باحث أول بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ولعل إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في الثالث من يوليو 2025، عن افتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل، ودعوة كلًا من مصر والسودان لحضور حفل الافتتاح، دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يحكم عملية بناء وتشغيل السدود في إطار حوض النيل، تعد أبرز المستجدات الإقليمية، التي تقتضي تواصل مصر أوغندي، لما للأخيرة من دور مركزي في مسألة التعاون الجماعي في إطار حوض النيل.

وبحسب حديث «البكش» لـ «النهار»، تأتي هذه الزيارة عقب زيارة أجراها وفد دبلوماسي مصري في 4 أغسطس الجاري، يرأسه وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، ويصطحبه وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، حملت هذه الزيارة الرؤى والشواغل المصرية فيما يخص مياه النيل، وتتزامن تلك التطورات مع الحراك الدبلوماسي الأخير، قبيل افتتاح السد المقرر له التاسع من سبتمبر الجاري، إذ أجرى وزير الخارجية المصرية عدد من الإتصالات على مدار يومي 20 و21 أغسطس 2025، مع نظرائه في كل من السودان وجنوب السودان وجيبوتي وأوغندا وكينيا والصومال لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الآراء حول القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك بما يحقق المصالح المتبادلة.

ركائز التعاون المشترك

ترتبط مصر وأوغندا بركايز تاريخية وجغرافية مشتركة، تحتم عليمها تعزيز التعاون المشترك، وفق ما روته شيماء البكش، كالآتي:

نهر النيل

الارتباط العضوي بين مصر وأوغندا، ينبع من مشاطئة البلدين لذلك الرافد الطبيعي، الذي تعد أوغندا ضمن منابعه الاستوائية، بينما ينتهي به المطاف في مصر عند دلتا النيل ليصب في البحر المتوسط عند مصبه. ولما لهذا الارتباط الجغرافي والطبيعي من تأثير على المصالح المشترك لدول النهر المشاطئة له، تأتي أهمية التنسيق المشترك بين بلدانه.

ولما كان التعاون المائي في إطار حوض النيل مصدرًا للخلافات بين أعضائه، جاءت الزيارة لتؤكد على عدد من الرسائل والرؤى المصرية التي تتسق مع رؤية الرئيس الأوغندي موسيفيني، إذ أكد الرئيس السيسي على ضرورة التوافق على أهمية مياه النيل ومسألة التنمية لجميع بلدان النهر، إذ قال الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي ما مفاده: «تساءل الرئيس الأوغندي عمّا إذا كنًا نتحث نحن جميعًا أم نحن وهم، بمعنى مصر والسودان وبقية دول حوض النيل، فأكد الرئيس السيسي على أن الرؤية المصرية تنظر إلى أننا جميعًا نعيش معًا وننمو معًا ونتعاون جميعاً من أجل ازدهار واستقرار بلادنا»، وأكد الرئيس السيسي على رفض مصر الدائم للتآمر على الآخرين وضد الهدم والتدمير.

وهناك بعض الحقائق عن الميزان المائي لحوض النيل وردت خلال التشاور المشترك، تمثلت هذه الحقائق التي يتعين أن يعلمها الجميع أن: حجم المياه الذي يسقط على الحوض، سواء كان النيل الأزرق أو النيل الأبيض، بالأسس العلمية يصل إلى 1600 مليار متر مكعب من المياه سنوياً‘ إذ يتم تقسيم هذه المياه إلى أجزاء الغابات والمستنقعات، وجزء يُستخدم في الزراعة، وجزء يتخبر، وجزء إلى المياه الجوفية، والجزء اليسير هو الذي يصل إلى النيل الأبيض والأزرق، وهو تقريباً 85 مليار متر مكعب من المياه الذي نتحدث عنهم، بما يمثل نحو 4% من الـ 1600 مليار متر مكعب، ومن ثم فإن مطالب مصر والسودان وفق هذه الحقائق لا تتعدى فقط سوى 4% من إيرادات الحوض.

التنمية المشتركة

وتبادلت مصر وأوغندا التأكيد خلال الزيارة على أهمية تفعيل أطر التعاون المشترك في إطار القانون الدول بما لتحقيق المنفعة المشتركة، والعمل المشترك للحفاظ على هذا المورد الحيوي وتنميته، والتعاون بصيغة مراعاة مصالح الجميع، وعدم إيقاع الضرر وفقاً لقواعد القانون الدولي.

يجمع البلدان مصالح تنموية مشتركة، إذ تقيم الشركات المصرية مشروعات للبنية التحتية من بينها سد أوين في أوغندا، ومشروع مكافحة الحشائش، والذي يعد بمثابة برهان على التعاون التنموي المصري مع دول حوض النيل، بما يخدم المصالح التنموية الجماعية المشتركة.

واستكمالًا للدور التنموي والتعاوني المصري مع دول حوض النيل، أكدّ الرئيس السيسي لنظيره الأوغندي خلال الزيارة على حرص مصر على تمويل مشروع سد أنجلولو بين أوغندا وكينيا، وذلك من خلال الآلية التي أطلقتها مصر للاستثمار في مشروعات البنية التحتية في حوض النيل بتمويل مبدئي قدره 100 مليون دولار .

تم كذلك إبرام مذكرة تفاهم جديدة في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية للبناء على التعاون الممتد لأكثر من عشرين عاماً بين البلدين، حفاظاً على بيئة نهر النيل وتنميةً لموارده، بقيمة إجمالية تبلغ 6 مليون دولار على خمس سنوات، تأكيداً على التزامنا الراسخ بدعم التنمية في أوغندا وبقية دول حوض النيل.

التعاون المشترك

شهدت العلاقات الثنائية المصرية الأوغندية تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، بما يعكس العلاقات والمصالح الوثيقة التي تربط البلدين، وحرصًا على الارتقاء بمستوى العلاقات، غلفت الزيارة مناقشات حول سبل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتنموية والعلاقات التجارية بين البلدين، إذ شهدت الزيارة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجال التعاون الفني في قطاع إدارة الموارد المائية، وفي مجال التعاون الزراعي والغذائي، والتعاون كذلك في مجال مكافحة الأمراض البيطرية، وفي مجال الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، وفي مجال التعاون الدبلوماسي لدعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي.

وفي مجال الاستثمار تم الاتفاق كذلك على سبل تفعيل التعاون الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، والإسراع في إجراءات تشكيل مجلس أعمال مشترك، وتشجيع الزيارات بين مجتمع الأعمال، بما يُسهم في التعرف على الفرص الاستثمارية المتبادلة، كما افتتح الرئيسان منتدى الأعمال المصري الأوغندي المشترك.

وقد أشار الرئيس السيسي في كلمته أمام منتدى الأعمال المصري الأوغندي، أن مصر ترى في أوغندا شريكاً أساسياً في منطقة حوض النيل الجنوبي، وتسعى لأن تكون أوغندا من أكبر المستفيدين من الآليات المصرية المخصصة لدعم التنمية في دول حوض النيل. وأكد على التطلع المصري للارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري، الذي بلغ نحو 133 مليون دولار في عام 2024، التطلع إلى مضاعفته بما يعكس الإمكانيات المشتركة، في مجالات الزراعة والبناء والأدوية، في إطار الحرص على إتاحة دور أكبر للقطاع الخاص في البلدين، مع توفير الأطر القانونية والاستثمارية والمناخ الملائم للتعاون بين البلدين. وفي المجال الأمني، اتفق على مواصلة التعاون القائم، لا سيّما ما يشهده من تطورات مهمة انطلاقاً من الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لمصر، والاتفاق على عقد لجنة التعاون العسكري سنويًا .

المتغيرات الإقليمية الحاكمة

يأتي التواصل المصري الأوغندي، ضمن مجموعة من المتغيرات الإقليمية الحاكمة بحسب شيماء البكش، التي يتمثل أبرزها في الآتي:

الرسالة المصرية

حملت زيارة الوفد المصري لأوغندا في الرابع من أغسطس الجاري، رسالة الرئيس السيسي لنظيره الأوغندي، والتي عبرت عن الشواغل المصرية فيما يتعلق بمياه النيل. مهدت تلك الزيارة لزيارة موسيفيني لمصر، كما أكد عبد العاطي على أهمية تطوير أطر التعاون الثنائي مع أوغندا في مختلف المجالات، وضرورة استكشاف الفرص الاقتصادية والاستثمارية.

إذ أكد على ضرورة طوير أطر التعاون الثنائي مع أوغندا في مختلف المجالات، وضرورة استثمار كافة الفرص السانحة من أجل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، مشددًا على ضرورة تشكيل مجلس أعمال مصري أوغندي مشترك لتعزيز تدفق الاستثمارات في المجالات التجارية والتنموية لدعم التعاون فى قطاعات البناء والتشييد والطاقة والأدوية واللقاحات بما يعود بالنفع على البلدين. كما أشار إلى أهمية تعزيز التعاون بين الشركات المصرية والأوغندية وخاصة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كافة المجالات وفي مقدمتها الزراعة والطاقة، وبحث المشروعات المشتركة التي يمكن تنفيذها من خلال آلية دعم التنمية في دول حوض النيل الجنوبي التي أنشأتها مصر مؤخراً.

وفيما يتعلق بالأمن المائي المصري، تناول عبد العاطى شواغل مصر فيما يتعلق بملف نهر النيل والأمن المائى المصرى، وأطلع الرئيس الأوغندي على موقف مصر المستند الى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة، موضحاً ضرورة التعاون لتحقيق المنفعة المشتركة علي أساس القانون الدولي، مشدداً على رفض الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي، مؤكدا أن مصر ستتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي لحماية أمنها المائى.

سد النهضة

أكدت مصر في إطار المباحثات مع الرئيس الأوغندي على الرفض القاطع للتصرفات الأحادية في إطار حوض النيل الشرقي، الذي لطالما حرصت مصر أن يكون مصدرًا للتعاون لا الصراع، إذ أكد الرئيس السيسي متابعة مصر الحثيثة لكل ما يضرّ أمنها المائي، التي لن تدخر جهدًا في الحفاظ عليه بموجب التدابير المكفولة التي حددها القانون الدولي، مع التأكد على عدم رفضها للتنمية لكافة دول حوض النيل، لكن لا يجب أن تكون التنمية على حساب حصة المياه التي تصل إلى مصر.

وذلك بعد أن شهدت بداية يوليو 2025 إعلانًا مثيرًا من رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" أمام البرلمان، أكد فيه اكتمال مشروع سد النهضة وأن التدشين الرسمي سيتم في سبتمبر، بعد أن وصل حجم الكهرباء المُنتجة إلى 1550 ميغاواط، وتخزين ما يقرب من 62.5 مليار م³ من المياه، مع توقعات ببلوغ التخزين 71 مليار م³ بحلول ديسمبر من إجمالي سعة 74 مليار م³.

وجاء هذا الإعلان رغم انسداد مسار التفاوض مع مصر والسودان، وهو ما يكرّس سياسة "فرض الأمر الواقع" التي دأبت عليها إثيوبيا، والتي تقوّض قواعد القانون الدولي وتهدد الأمن المائي لدولتي المصب. إلا أن آبي أحمد حرص في الوقت ذاته على توجيه رسائل تهدئة، بالتأكيد على أن بلاده لم تُلحق ضررًا بمصر أو السودان، داعيًا الدولتين للمشاركة في "احتفالية التدشين".

الرسائل الإثيوبية تزامنت مع تحركات داخلية لتعبئة الرأي العام، منها تأكيدات من قيادات الجيش الإثيوبي بأن حماية السد "مهمة قومية"، إلى جانب الاحتفال بما سُمي "فيلق النهضة"، ما يشير إلى أن الخطاب الإثيوبي يهدف أيضًا إلى توظيف السد سياسيًا في الداخل، في ظل تصاعد الاضطرابات العرقية وتراجع مؤشرات التنمية الفعلية.

اتفاقية عنتيبي

إيمانًا بالدور التشاوري الأوغندي في إطار التفاهمات الجماعية في إطار حوض النيل، أكدت الزيارة على أهمية قيادة أوغندا لعملية تشاورية في " مبادرة حوض النيل" لاستعادة الشمولية والتوافق بين دول الحوض لتحقيق المنفعة المتبادلة ، لما لأوغندا من خبرة تاريخية طويلة في هذا الشأن. واتصالًا بالدور التشاوري للرئيس الأوغندي لإرساء أطر التعاون الجماعي المشترك، أكد الرئيس السيسي على الرهان المصري على الدور الأوغندي في قيادة اللجنة السباعية، المأمول لها أن تصل إلى توافق لاستفادة الجميع والتعاون لدول الحوض.

وفيما يتصل باتفاقية عنتيبي، التي كانت تهدف من ورائها مصر بداية وضع إطار قانوني ومؤسسي جامع لدول حوض النيل، إلا أن التطور اتخذ منحى مغاير مع توقيع الاتفاقية في عام 2010، باستثناء مصر والسودان، وفي يوليو 2024، صادقت جنوب السودان على الاتفاقية، التي كان مفترض لها أن تدخل حيز النفاذ قس 13 أكتوبر 2024، دون موافقة مصر والسودان على الاتفاقية، وخصوصًا المادة 14 ب، حيث يتضمن الخلاف ثلاثة بنود، أولهما، يتعلق بأن اتفاقية عنتيبي تنص على الاستخدام المنصف والمعقول للدول دون توضيح حجم الحصص، أما البند الثاني يتعلق بعدم النص على ضرورة النص على الإخطار المسبق من أي دولة تعتزم تنفيذ مشروع قد يؤثر على حصص مياه النيل وحصص دول المبادرة، أما البند الثالث فيتمثل في عدم النص على ضرورة موافة دول المبادرة بالإجماع وليس بالأغلبية.

التطورات الإقليمية

خلال زيارة الوفد المصري لأوغندا، تناول اللقاء مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة القرن الأفريقي والسودان وجنوب السودان، وما تحمله أوغندا من أدوار بارزة في هذا الشأن، فضلًا عن جهود مكافحة الارهاب وسبل تعزيز السلم والأمن في القارة الأفريقية، وتم الاتفاق على مواصلة العمل والتنسيق على المستوى الثنائي والإطار المتعددة الأطراف لتعزيز العمل الأفريقي المشترك، ودعم جهود إرساء الاستقرار والأمن والتنمية.

ولا يمكن استبعاد قضية المياه ضمن التطورات الإقليمية، بداية من اعتزام جنوب السودان التصديق على الاتفاقية التي من شأنها إدخال اتفاقية " عنتيبي" حيز النفاذ، ومن ثم إنشاء مفوضية حوض النيل، كإطار مؤسسي للتعاون لا يشمل كل من مصر والسودان، وذلك بعد انسداد مسار التفاوض المصري السوداني الإثيوبي في أواخر 2023.

أضف إلى ذلك الزيارة، المساعي الإثيوبية لإضفاء طابع تكاملي وإقليمي على السد، تجسد في تنظيم أديس أبابا أبابا في مايو 2025 زيارة ميدانية إلى موقع السد لوفود أمنية واستخباراتية من عدة دول أفريقية، على هامش اجتماع لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية (سيسا)، بهدف تقديم المشروع كإنجاز تنموي مشترك"، كما صرح بذلك نائب مدير المخابرات الإثيوبية، تازر جبري-إغزيابهر، الذي أكد أن سد النهضة سيُعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

وخلال الأشهر الأخيرة، برز تقارب إسرائيلي إثيوبي، ظهرت خلاله قضايا التعاون المائي والزراعي، كما جاء على هامش زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إلى إثيوبيا في الخامس من مايو 2025، وقد سبق هذه الزيارة، في 12 مارس 2025، زيارة وزير الخارجية الإثيوبي جدعون تيموثيوس لتل أبيب، إذ أكد نظيره الإسرائيلي ساعر، أهمية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وأشار “ساعر” في هذا الصدد إلى أهمية إثيوبيا باعتبارها دولة محورية إقليميًا وإفريقيًا. وسبق تلك الزيارة أيضًا، في توقيع وزير الطاقة والبنية التحتية وعضو المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر، إيلي كوهين، اتفاقية في 5 فبراير 2025، مع نظيره الإثيوبي، أهابتامو إيتيفا جيليتا، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الجانبين في مجالات الطاقة وتحديدًا الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية، والمياه والابتكار ودمج الشركات الإسرائيلية في مشاريع تطوير البنية التحتية في أديس أبابا.

في الأخير، لا يمكن فصل ذلك التقارب الإسرائيلي الإثيوبي المتنامي في مجالات المياه والزراعة، والمتزامن مع تطورات إقليمية أوسع، تشمل التطورات الأمنية والعسكرية التي تمتد للبحر الأحمر وترتيبات القرن الأفريقي، وما يمتد بدوره إلى حوض النيل، بداية من التعنت الإثيوبي في المسار التفاوضي، الذي أعلنت مصر في أواخر 2023 عن إخفاقه، وما تلا ذلك من إقدام جنوب السودان على التصديق على اتفاقية عنتيبي، والاستمرار الإثيوبي في تجييش سد النهضة وإضفاء البعدين العسكري والإقليمي عليه، بعد تشكيل " فيلق النهضة" وتنظيم زيارة " لممثلي مخابرات" شرق أفريقيا، و الإعلان عن " افتتاح السد"، في خطوات تستهدف بالأساس استفزاز مصر. ولما كانت مدينة عنتيبي الأوغندية هي من احتضنت عملية إعادة صياغة أطر التعاون الإقليمي، بتمرير اتفاقية عنتيبي، فإنه لا يمكن إعادة بناء أي تصور جماعي دون دور مصري لأوغندا، لما تحمله من دور مركزي في إطار التعاون الجماعي لحوض النيل.