دلالات اختراق إسرائيل الحوثيين استخباراتياً.. باحث يفجر مفاجأة

استطاعت إسرائيل عبر عدد من الغارات الجوية المركزة التي تم تنفيذها تباعاً في 28 أغسطس 2025، اغتيال رئيس الحكومة التابعة للتنظيم اليمني أحمد غالب الرهوي مع عدد من الوزراء، في هجوم هو الأكثر تصعيداً منذ بدء التصعيد بين الحوثيين في اليمن والاحتلال الإسرائيلي، بما جعل من هذا الهجوم هو الأكثر استثنائيةً بالنسبة لإسرائيل تجاه الحوثيين منذ بدء التصعيد، نتيجة لطبيعة المُستهدف والنتائج التي حققتها العملية، فضلاً عن كونها إيذاناً ببدء إسرائيل في تنفيذ «خطة اغتيالات» هدفها إضعاف التنظيم، بالإضافة لتساؤلات مهمة تطرحها العملية بخصوص مدى قدرة إسرائيل على تحقيق اختراق استخباراتي للحوثي، أيضاً تُثار تساؤلات بخصوص تداعيات هذه العملية على مسار التصعيد بين الجانبين إجمالاً والخيارات الحوثية للتعامل معه.
كشف محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دلالات العملية الإسرائيلية الأخيرة، موضحاً أن العملية الإسرائيلية الأخيرة وطبيعة النتائج التي تمخضت عنها من حيث اغتيال العديد من أفراد الحكومة الحوثية في اليمن، تشير إلى شروع إسرائيل في مرحلة جديدة من الصراع والتصعيد مع الحوثيين، والتحرك لاستنساخ نموذج حزب الله اللبناني في الحالة اليمنية، مع تقدير الخلافات بين الساحتين اللبنانية واليمنية، إلا أن إسرائيل بدأت في التركيز على استهداف مستويات قيادية خاصة بتنظيم الحوثي في اليمن، وهو مستوى نوعي من التصعيد الإسرائيلي، ويبدو أنه جاء بالاتفاق بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل، بمعنى أدق بدأت إسرائيل في تنفيذ «خطة الاغتيالات» في اليمن، بما يعني أن مسار التصعيد الإسرائيلي تجاه الحوثيين سوف يستمر في التصاعد على المدى القريب، خصوصاً مع التصريحات الإسرائيلية الخاصة بوجود بنك أهداف في اليمن.
ضمن الدلالات بحسب تحليل «فوزي» فإن العملية الإسرائيلية الأخيرة تؤكد على حدوث اختراق استخباراتي وانكشاف على المستوى العملياتي بدرجة أو بأخرى للحوثيين بالنسبة لإسرائيل، وهذا الأمر مرجعه بعض الافتراضات الرئيسية، وأولها أن إسرائيل نجحت عبر المسارات الاستخباراتية والمعلوماتية التي تبنتها في الآونة الأخيرة في تحقيق اختراق استخباراتي كبير بالنسبة لتنظيم الحوثي في اليمن، وثانيها أن إسرائيل ربما تعاونت في سبيل تحقيق هذا الاختراق مع بعض الأطراف المحلية أو الإقليمية أو الدولية التي لها مصلحة في إضعاف الحوثي.
وذكر الباحث محمد فوزي: «كان لافتاً أن إسرائيل نفذت هذه الهجمات بالتزامن مع الكلمة الأسبوعية لزعيم التنظيم اليمني عبد الملك الحوثي، والتي تمت إذاعتها على شاشة قناة المسيرة”التابعة للتنظيم اليمني، واستمر لأكثر من ساعة تقريباً، وقد حمل ذلك بعض الدلالات المهمة، خصوصاً ما يتعلق بالسعي لاستغلال الانشغال بمتابعة كلمة الحوثي، وهذا بُعد عملياتي، لكن العملية حملت بعداً رمزياً وسياسياً مهماً من حيث تزامنها مع كلمة الحوثي، بمعنى أن إسرائيل سعت بالتزامن مع خطاب الحوثي الذي أكد فيه على استمرار هجمات الإسناد إلى غزة، إلى التأكيد على التكلفة الكبيرة لهذا الخيار الحوثي، وأن هجماتها على مناطق سيطرة الحوثيين سوف تتصاعد، وأن بنك الأهداف سوف يتوسع تدريجياً».
وأكد أنه يمكن القول إنه في ضوء العديد من المؤشرات، فإن إسرائيل بدأت في الترتيب والاستعداد لهذه العملية الأخيرة والنوعية ضد الحوثيين منذ أشهر، ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال مجموعة من المؤشرات الرئيسية، حيث كان العديد من المسؤولين الإسرائيليين قد أشاروا في تصريحات متفرقة على مدار الأشهر الأخيرة إلى أولوية العمل الاستخباراتي لبناء بنك أهداف خاص بالحوثيين في اليمن، كذلك كانت إسرائيل في 10 أغسطس 2025، قد نفذت مناورة مفاجئة حملت اسم «طلوع الفجر»، إذ بدت أقرب إلى محاكاة حرب شاملة منها إلى تمرين روتيني، وقد حملت هذه المناورات رسائل إسرائيلية بالاستعداد لسيناريوهات أكبر للتصعيد في المنطقة، كذلك وفي 19 أغسطس 2025، نفذت إسرائيل تدريبات بحرية في البحر الأحمر، وقد عبرت كل هذه التحركات العسكرية الإسرائيلية، عن التحضير لما هو قادم، وكانت أقرب إلى رسالة مفادها غطرسة القوة، والاستعداد لتصعيد إقليمي متعدد الأبعاد، لكن هذه التحركات أيضاً قُرئت على أنها تعكس توجهاً نحو التركيز على جبهة الحوثيين في اليمن.