مستقبل الدولة الإثيوبية.. مفترق طرق في لحظة حاسمة من تاريخها

مشهد سياسي داخلي يتسم بدرجة كبيرة من التعقيد، في ضوء استمرار محاولات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إحداث تغييرات جوهرية في خريطة الفاعلين الرئيسيين المؤثرين على الساحة السياسية الإثيوبية وذلك من أجل تقليص أدوارهم وفعاليتهم في السياسة الإثيوبية على مدار السنوات الأخيرة بما يمضن له السيطرة الكاملة على المجال العام في البلاد، وتضمن له الاستمرار على رأس السلطة، في ظل تطلعه لاستمرار حزب الازدهار الحاكم في السلطة عه طريق الفوز في الاستحقاقات التشريعية المقبلة.
قدّم الدكتور أحمد عسكر، الباحث في الشأن الإفريقي، تحليلا لمستقبل الدولة الإثيوبية في ضوء التطورات الراهنة، موضحاً أن مشروع آبي أحمد الذي قد روج له عقب صعوده للسلطة عام 2018 باعتباره مشروع إصلاحي قد تحول بعد 7 سنوات من حكمه إلى مشروع استبدادي، في ضوء الاتهامات التي يواجهها نظامه الحاكم بشأن سياسته الاقصائية التي ورطت إثيوبيا في سلسلة من الاضطرابات والصراعات التي لم تشهدها البلاد من قبل، مثل حرب تيجراي والصراع المسلح مع ميليشا فانو وجيش تحرير أورومو، وهو ما أدى إلى تفاقم الاستيلاء الشعبي واسع النطاق ضد النظام الحاكم بما قد يؤثر سلباً على تآكل شعبيته وكذلك شريعته بشكل ملحوظ مستقبلاً.
وذكر «عسكر» في تحليله، أن المخاوف تزداد حول أن إثيوبيا ربما تكون مرشحة لاستمرار الوضع الراهن في عدد من المناطق مثل أمهرة وأوروميا والإقليم الصومالي الإثيوبي بحيث تتفاقم سلسلة التوترات والصراعات المسلحة بين القوات الإثيوبية وبعض الحركات المسلحة المتمردة والتي من شأنها تهديد تماسك ووحدة الدولة الإثيوبية.
وبحسب تحليل «عسكر»، فإن المعارضة الإثيوبية ربما ترفض دعوات الحكومة للحوار والنقاش مع جميع الأحزاب السياسية وأصحاب المصلحة في الداخل الإثيوبي خلال الفترة المقبلة، خاصة أن بعض أحزاب المعارضة السياسية قد رفضت في 19 يونيو 2025 حضور لقاء دعا إليه رئيس الوزراء آبي أحمد وعلى رأسها أحزاب المعارضة في أوروميا جبهة تحرير أورومو ومؤتمر أورومو الفدرالي، إلى جانب تحالف القوى من أجل التغيير، بالإضافة إلى انسحاب حزب الشعب السوري الإثيوبي من اللقاء بسبب ما وصفه بعدم إتاحة الفرصة لطرح الأسئلة وهو ما قدم يسهم في تعقيد المشهد السياسي في البلاد بشكل أكثر خطورة، بما يعزز التكهنات بشأن تزايد التوترات السياسية في الفترة المقبلة.
ووصف الدكتور أحمد عسكر، ما يدور في الداخل الإثيوبي، بأن إثيوبيا تقف عند مفترق طرق في لحظة حاسمة من تاريخها وربما تتطلب تعقيدات السياق الراهن وإعادة النظر في السياسات الإقصائية التي يتبناها نظام آبي أحمد والتي أسهمت في تفاقم الانقسامات العرقية في جميع أنحاء البلاد وتخلي آبي أحمد نفسه عن اللعب على المتناقضات في الداخل الإثيوبي بما يسهم في تخفيف حدة تعقيدات نزاعات الصراعات بين القوميات العرقية والأقاليم الإثيوبية وإنعكاس ذلك استعادة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في الداخل الإثيوبي وفي ضوء استمرار الصراعات الداخلية في منطقتي أمهرة وأورومو.
وذكر الباحث في الشأن الأفريقي، أن مستقبل الدولة الإثيوبية يظل مرهونا بنتائج المواجهة العسكرية بين نظام آبي أحمد وميليشا فانو في إقليم أمهرة، ومن المرجح أن تظل إثيوبيا رهينة لتلك الصراعات العرقية خلال السنوات المقبلة، في ظل إخفاق الحكومات المتعاقبة في إدارة معضلة الاندماج الوطني بإثيوبيا.