أنامل ذهبية في صناعة الكليم اليدوي..مصطفى عمارة ساحر النول الخشبي بالبحيرة

من صوف ملون وإيد" تتلف بحرير" ودماغ هندسية وعين بتقيس تترسم لوحة فنية من الصوف علي سلسلة خيوط قطنية من وحي خيال فنان الأشغال اليدوية " مصطفي عمارة" ليخرج فناً دقيق غير محدد بالأقلام ولكن عيناه التي تبدع بمقياس ، لوحاتة تبهر من يراها من دقة تفاصيلها و مزيج ألوانها الخلابة.
وعلي صوت أغنية" بكار"بدأ مصطفي عمارة ابن قرية الأبعادية بمحافظة البحيرة يبدع أمام عدسة" النهار" في رسم لوحة بكار محبوب الصغار وعنزتة رشيدة، ليعرفنا كيف يتم نسج وتصنيع "الكليم اليدوي "علي النول الخشبي بإبداع من هندسة العقل والعين البشرية ، وهو جالساً علي هذه الألة البسيطة وكأن يداه تعزف علي ألة البيانو.
" الشئ الوحيد الذي اكتسبته في حياتي أنني رأيت فرحة من علمتهم حرفتي ورزقوا منها مادياً، وأمنيتي أن أعلم جميع العالم الشغل اليدوي لربحة المادي" هكذا بدأ المبدع " مصطفي عمارة" صاحب الـ 66 عاماً يروي عشقة للأشغال اليدوية والذي يمارسها منذ 45 عاماً وأكثر، قائلاً " بعد دبلوم الصنايع تعلمت هذة الحرفة في مركز التدريب والتأهيل في الجمالية بالقاهرة لمدة عامين وفزت بالمركز الأول حينها وحصلت علي شهادة من وزارة الشئون الإجتماعية بعد اجتياز امتحان لمدة ساعة واحدة فقط لتنفيذ اللوحة المطلوبة، ثم تم تعيني في طنطا بمحافظة الغربية فني بالشئون الإجتماعية ومنتدب للجمعيات الخيرية لتعليمهم الأشغال اليدوية وعمل تعاون مع القوي العاملة بالغربية.
وأكمل "عمارة " هذة الحرفة كانت مربحة لي فمن خلالها استطعت أن أتزوج واستقريت بطنطا، وبعد المعاش عودت مرة أخري لمحافظتي البحيرة ومكثت بالأبعادية مكان نشأتي، وبدأت أعلم من يريد ممارسة هذة الحرفة حتي السيدات ربات المنازل تعلموها بجوار عملهم بالمنزل دون إهمال واجبهم تجاه أسرهم وفي نفس الوقت يعود عليهم بالنفع المادي، مشيراً أنه كان يذهب لمدة يومين في الأسبوع للشئون بالأبعادية ليعلم السيدات.
وأضاف مصطفي " ألة النول" تعتبر ثروة فمن الممكن أن تكسب في اليوم 200 جنيهاً فما أكثر ولكن تحتاج إلي الصبر في بدايتها وبعد ذلك تصبح وسيلة سحرية للربح والعمل، وأن الشغل اليدوي كالرسم الهندسي فلابد بداية الرسمة كنهايتها وإعتمادي الكامل لتنفيذ اللوحة علي النول الخشبي علي يدي وعيناي وأرجلي وعقلي دون أقلام أو إبر للحياكة وغيرهم، وكل سم ينفذ بدقة ليتماشي مع نوع الخيوط المستخدمة وتنفيذ اللوحة علي حسب المزاج من الممكن أن أنجزها في يوماً أو أقل وأسعار لوحاتي أبيعها علي حسب تعبي ووقتي التي إستغرقتة ولكن بأسعار مناسبة، وهناك زبائن تشتريها وتبيعها للخارج بأرقام خيالية ولكنني لا أحب أن أبيع للخارج.
وبدأ " مصطفي عمارة يصف تكوين "ألة النول" وهي عبارة عن خشب وماسورتين من الحديد ونير ومشط وهذة الألة يتم صناعتها عند النجار وغير مكلفة، وأكد أنه يعلم المهنة في 10 أيام فقط ويكون حريصاً أن بعد هذة المدة يكسب المتدرب مبالغ مالية من عمل يدة ومجهودة، ووصف خامات الصوف وتصبغات الصوف الأبيض والصوف الطبيعي هو البني وتدرجاتة والأسود ويصبغ باللون الذي يريدة علي حسب إختلافات الدرجات وأنواع الصوف "البلدي والمصبوغ"، وهذة المشغولات منها ما يعلق علي الحائط كلوحة فنية للزينة ومنها "الكليم" الذي يفرش كالبساط علي الأرض، مضيفًا " علمت أولادي وأحفادي الشغل والفن اليدوي وابنتي أميرة تعمل في السجاد اليدوي والكليم بحرفية واتقان، ولم أتذكر عدد من دربتهم وعلمتهم من كثرتهم فكل هدفي هو الفن وفرحتهم بالعمل وهذا هو مكسبي الوحيد، والأن أدرب في مشروع "بشاير الخير" بالأسكندرية لمدة 3 أيام أسبوعياً وجمعية "الخير في أمتي" وجمعية " جيل الغد" في محافظة الغربية لمدة يوم واحد أسبوعياً و أيضاً قري بكوم حمادة وهناك بعض رجال الأعمال يدعموا مادياً مشاريع الكليم اليدوي لأنة مربح والمكسب أضعاف.
واختتم " مصطفي عمارة حديثه، " قائلاً " أحب حرفتي وأعتبرها فناً يغذي روحي فلا أستطيع العيش بدونها فهي ثروتي ولا أفرح بمشاركتي في المعارض بقدر إعجاب الناس بلوحاتي وتشجيعي علي الإستمرار في المهنة، فهي تعد ثروة توارثت منذ الحضارة القديمة وأتمني أن لا تهدر قيمتها مع مرور الوقت فالعالم الخارجي ينبهر بالأشغال اليدوية لأنها تمثل تراثنا العريق.


