النهار
الثلاثاء 26 أغسطس 2025 03:06 مـ 2 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
حملة مشتركة ترفع نفايات طبية خطرة على الطريق الدائري بالفيوم طلاب تكنولوجيا التعليم بجامعة حلوان يستكشفون أسرار الطقس في زيارة ميدانية للأرصاد الجوية جامعة حلوان تُطلق ورشة تدريبية في التأليف الدرامي لطلاب كلية الآداب 7 سبتمبر.. «ألسن عين شمس» تُعلن عقد امتحانات القبول التحريرية للمتقدمين ببرامج الدراسات العليا اجتماع رئيس الإقليم الدورى لمتابعة سير العمل بالمنشآت الصحية بجنوب سيناء الإسكان تصدر قرارا بشأن تقدير القيمة المتوسطة لتكاليف إنشاء المتر المسطح من المباني فتح باب التسجيل بالطرح الأول ضمن المرحلة الثانية لمبادرة «بيتك في مصر» للمصريين بالخارج موعد مباراة الزمالك وفاركو في الدوري المصري والقنوات الناقلة هواوي تعزز تجربة العملاء بخدمات فريدة السجن 5 سنوات لمقاول زور محررات نقابة المهندسين إصابة 6 أشخاص في تصادم ميكروباص وربع نقل بطريق طنطا – كفر الزيات محافظ الدقهلية ينفي منع ارتداء ”الشورت” في الأماكن العامة اوفرض ملابس معينة علي المواطنين

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: مصر تـحـتـاج إلـى هـدنـة

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

مصر فى حاجة إلى هدنة حقيقية؛ لأن الداخل المصرى مشتعل ما بين غضبٍ ورفضٍ وتشنجاتٍ تجاه الكثير من المواقف والأزمات، ولهذا نجد ردود الأفعال تجاه الكثير من القضايا أصبح مبالغًا فيها.
هل يحتاج الناس إلى هدنة نفسية بين أفراد الشعب المصرى العظيم أم نحتاج إلى صياغة عقد اجتماعى جديد يحترم الرأى والرأى الآخر؟
فى الجانب الاجتماعى والاقتصادى مثلًا، نجد أن قضايا مثل السوشيال ميديا والتيك توك أصبحت تثير القلق والخوف والرعب وتعطى رسالة سلبية لدى المجتمع المصرى بأن هناك حالات توحش وتربح غير منطقية لأشخاص فى سن المراهقة أو بداية الشباب.. أشخاص بلا مؤهلات علمية أو عملية يتربحون ملايين الدولارات بلا مجهود أو عناء، وهو ما يجعل العمل والتحصيل الدراسى بلا قيمة لدى الأجيال الجديدة التى بدأت تفقد تقديرها للعلم، بل وصل الأمر- وهذه هى الكارثة الكبرى- أن البعض يشارك بقصد أو بغير قصد فى عمليات غسل أموال عبر هذه السوشيال بما يضر بالاقتصاد القومى والأمن القومى أيضًا، فمعظم الشباب الآن يقضى ساعات على السوشيال ميديا بحثًا عن كسب بلا مجهود وربح سريع.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى حد اتهامات بالاتجار فى الأعضاء البشرية بحق فنانين وشخصيات عامة، وسواء صحت هذه الاتهامات أو ثبت كذبها، فإن الضحية هو المجتمع المصرى الذى يزداد توترًا وتشنجًا بسبب ما يدور حوله من أحداث.
والتساؤل هنا الذى أطرحه: أين علماء الاجتماع وعلماء النفس من هذه الظواهر الدخيلة علينا؟
وأين دور وسائل الإعلام من مناقشة هذه القضايا من خلال خبراء ومتخصصين وحملات إعلامية مدروسة لمحاولة فك فتيل هذه الأزمات المتتالية وكأننا لسنا فى مصر ولكن فى دولة أخرى.
وعندما نقول إن مصر تحتاج إلى هدنة داخلية، فإن قلوبنا وعقولنا مع الهدنة الأكبر فى غزة وانتهاء المجاعة ووقف إطلاق النار، فما يحدث فى غزة من إبادة وتجويع ومخطط التهجير هو من دواعى القلق للشعب المصرى بل إن أكثر ما يهم الشعب الآن هو «إنهاء المجاعة» فى غزة التى نفقد فيها أطفالنا وشيوخنا وأمهاتنا الذين لا يجدون الطعام، وهذه هى الطامة الكبرى.
ومن المفارقات التى يجب أن تُحلَّل وتُدرَّس أنه رغم انفلات بعض الحالات نجد أن الشعب المصرى العظيم الذى يعانى من ظروف اقتصادية صعبة هو أكبر داعم على مستوى العالم لأهلنا فى غزة.
وعودةً للوضع الداخلى وضرورة أن نصل إلى هدنة، أحذر من أنه قد أصبح هناك نوع من التطاول والانفلات الأخلاقى فى الشارع المصرى، فعلى سبيل المثال الناظر إلى حادثة أكتوبر التى تعقَّب فيها مجموعة من الشباب الدارسين فى كليات يُنظر إليها على أنها كليات قمة عددًا من الفتيات وطاردوهن فى سياراتهم وكادوا يتسببون فى قتلهن، يجد أن بعض أخلاق المجتمع المصرى تغيرت، فكان من المفترض أن يكون هؤلاء الشباب مصدرًا للأمان لهؤلاء الفتيات، والعجيب أن هناك من يدافع عن هؤلاء الشباب ويقول إنهم متعلمون وأولاد ناس، أين التربية وأين الأخلاق؟
ناهيك عن حالات الرشوة والفساد فى بعض القطاعات الهامة، فعلى سبيل المثال قام رئيس إحدى الشركات، صاحب الدخل غير العادى، بتعيين زوجته على الورق وحصل لها على مرتب وحوافز وبدلات وهى غير موجودة على الإطلاق، واستطاع جهاز الرقابة الإدارية العظيم الذى يتابع حالات الفساد والإفساد أن يقبض عليه ومعه 7 آخرون.
ونحن هنا لا نشهر بأحد ولكن نرصد ونلقى الضوء ونطلق إنذارًا على هذه الحالات المستوردة والجديدة على المجتمع المصرى.
ناهيك عن الذكاء الاصطناعى، الذى يحول بعض الغباء البشرى إلى كوارث وجرائم بسبب سوء استخدامه، فالتكنولوجيا التى كان من المفترض أن تساهم فى حل قضايا ومشاكل المجتمع تحولت إلى وسيلة للأذى والضرر والاحتيال على المواطنين.
قضايا الذكاء الاصطناعى قادمة بقوة، فهل الحكومة أعدت العدة لمواجهة هذا الزيف الاصطناعى؟
كل هذه الأحداث تجعلنا نفكر ونحلل، ونطالب بأن يكون المتخصصون والباحثون فى صدارة المشهد المصرى، ومصر مليئة بالكوادر العلمية والبحثية القادرة على تحليل هذه الظواهر، كما نؤكد أن الإعلام يجب أن يكون الذراع الحقيقية لوأد هذه الفتنة والشائعات وحالات النصب والاحتيال التى أصبحت حديث المواطن فى مصر على منصات السوشيال ميديا التى أصبحت آفة تصيب المجتمع بالتشنج بدءًا من الأسرة والمدرسة والجامعة والنادى حتى وصلت إلى بيوت الله، فنحن نعيش حالة اللامعقول بسبب هذه كل هذه المعطيات.
ما يطمئننا قليلًا هو أن الأجهزة الأمنية ترصد كل شىء الآن وتقوم بدور وطنى رائع فى وأد معظم هذه القضايا فى مهدها، ولكن كما أقول وأكرر فإن الأجهزة الأمنية وحدها لن تكون قادرة على التصدى لهذه الظواهر المتلاحقة والمتتابعة نتيجة التطور التكنولوجى، ولكن للمواطن دور أيضًا، بتوعية أسرته وأبنائه، وعدم الانسياق وراء إغراءات السوشيال ميديا التى تحولت إلى أرض خصبة لبعض الميليشيات الإلكترونية التابعة لجماعات ظلامية مثل حسم وجماعة الإخوان الإرهابية أو حتى أجهزة استخبارات عالمية لإيجاد ضالتها وفرائسها التى تبحث عن كسب سريع، لتمويلهم من أجل محاولة اختراق هذا الشعب العظيم ومحاولة فك شفراته واللعب على الظروف الاقتصادية والحاجة للمال.
ناهيك عن أن الفترة القادمة فى مصر سنشهد فيها انتخابات مجلس النواب وسنجد بعض غير المؤهلين والهواة الجدد والذين يستغلون هذا الموسم الانتخابى كمزاد لكسب المال، بأى شكل كان، وسنجد اتهامات فى الذمم والأعراض والإيقاع بين العائلات والأسر وكأننا فى معركة حربية وليس معركة انتخابية.
نريد من زملائى الإعلاميين والخبراء والمتخصصين أن يتم كشف هذه العورات فى المرحلة الانتخابية القادمة، خاصة أننا وجدنا نماذج كثيرة جدًّا تحوم حولها علامات استفهام وشبهات وأموال مجهولة المصدر، تقف فى مقدمة المشهد الانتخابى وتستفز الكتلة العريضة من شرفاء هذا الوطن العظيم وتستغل ظروف الناس الاقتصادية وتلعب بأقذر ظاهرة وهى ظاهرة الكرتونة وشراء الأصوات، لأنه كما قلت من قبل إن الناخب والمواطن هو الحلقة الأهم فى الماكينة الانتخابية، ولكن محاولة استغلاله بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة للفوز بالمقعد الذى جلس عليه من قبل نماذج نيابية لا تُعد ولا تحصى من الوطنيين الشرفاء أمثال عباس العقاد وممتاز نصار ومحمود القاضى وعادل عيد وأبو العز الحريرى والبدرى فرغلى ونصر عبد الغفور وكمال أحمد والدكتورة منى مكرم عبيد والدكتورة حورية مجاهد والدكتور محمد عبد اللاه.
إن المشهد الانتخابى هو الآخر يحتاج إلى هدنة حقيقية من خلال السيطرة على هذا المزاد الانتخابى، لتعود الثقة بين المواطن والنائب بدلًا من أن تكون هناك فتنة من هؤلاء الدخلاء على المشهد البرلمانى والسياسى.. ولِمَ لا؟ ونحن لدينا أحد أقدم برلمانات العالم منذ عام 1866، وقرأنا وسمعنا عن برلمان 1881 إبان ثورة عرابى والذى كان قادرًا لأول مرة على استجواب الوزراء فكان برلمانًا معبرًا عن الناس وليس الحكومة، وجاءت ثورة 1919 ببرلمان 1923 بقيادة سعد زغلول، وهو البرلمان الذى صنع دستورًا حقيقيًا واصطدم بالملك والإنجليز.
حتى وصلنا إلى ثورة 30 يونيو التى جاءت ببرلمان 2015 الذى كان توليفة من المستقلين الوطنيين، واستطاع أن يكون صوتًا للمواطن تحت قبة البرلمان.

نحن ننبه ونحذر الحكومة: أعيدوا الثقة للناس هذه المرة، واجعلوا لهم متنفسًا فى سماع الرأى والرأى الآخر ولا تضيقوا بالنقد، واتركوا مساحة للمواطن فى اختيار من يريد بعيدًا عن التدخل الحكومى المعروف للمواطنين، وأعتقد أن ما تم فى انتخابات الشيوخ من ضعف الإقبال وإحجام الناس عن المشاركة هو رسالة لمن يهمه الأمر، لأن مجلس النواب هو برلمان الشعب الحقيقى.. فاتركوا المواطنين يعبرون عن رغبتهم من خلال الكفاءات الوطنية المصرية والمرشحين المستقلين، واتركوا المرشحين يخوضون الانتخابات بحرية طالما يحظون بقاعدة شعبية، والشعب هو الحكم بعيدًا عن المال السياسى الفاسد الذى أثبت فشله فى البرلمان السابق.
هذه رسالة تحذير وتنبيه أن الانتخابات البرلمانية القادمة فى ظل الصراعات الإقليمية وما يجرى فى غزة والسودان وليبيا وسوريا واليمن، هى بوابة الأمل لكل المواطنين لإعادة الثقة فى أن لهم صوتًا يعبر عنهم، وهذه تكون البداية لأن التاريخ والأجيال القادمة ستحاسب الجميع وإن طال الزمن.
فلذلك، تحتاج مصر إلى هدنة وإعادة ترتيب للأوراق والملفات الاجتماعية والجرائم الاقتصادية والإعلامية والبرلمانية حتى نعبر بهذا الوطن العظيم إلى بر المواطن الذى يعتبر هو السند الحقيقى للدولة المصرية بعد خير أجناد الأرض رجال القوات المسلحة المصرية العظيمة ورجال الشرطة المصرية الوطنية.
اللهم قد بلغت
اللهم فاشهد.