ماذا يعني نشر الرئيس الأمريكي قوات الحرس الوطني بدلاً من الشرطة في واشنطن؟

إجراءات عاجلة كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أهمها السيطرة المؤقتة على إدارة شرطة العاصمة واشنطن ونشر 800 جندي من الحرس الوطني، لتعد تلك الخطوة تصعيداً غير مسبوق في العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وسلطات المدن، حيث استند إلى المادة 740 من قانون الحكم الذاتي للعاصمة، وهي مادة تمنحه حقاً استثنائياً في مثل هذا التدخل، لكنه قدّم ذلك في خطاب مليء بالصور الكارثية عن العاصمة، متناقضاً مع بيانات رسمية تشير إلى أن معدلات الجريمة العنيفة في واشنطن عند أدنى مستوياتها منذ 30 عاماً.
بحسب تقارير إعلامية، فإن خطاب «ترامب» ركز على تصوير المدينة وكأنها غارقة في العنف والفوضى، مستخدماً عبارات مثل «عصابات الشباب المتجولة» و«مجرمون متعطشون للدماء»، بينما عمد إلى تجاهل أحداث عنف تاريخية في المدينة مثل اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021، الذي قاده أنصاره، والذين أصدر عفواً عن نحو 1600 منهم بعد عودته إلى البيت الأبيض مطلع 2025.
وذكرت التقارير، أن رد فعل عمدة واشنطن، مورييل باوزر، اتسم بالدبلوماسية، إذ أكدت أنها لا تملك الكثير لوقف هذه الخطوة لكنها وصفتها بأنها مقلقة وغير مسبوقة، فيما وصف المدعي العام للعاصمة براين شوالب القرار بأنه غير قانوني وتعهد بالدفاع عن حقوق وسلامة السكان. على المستوى الإجرائي، تضمنت الخطة إعادة نشر 120 عميلاً من مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI» للعمل في دوريات ليلية، وهو ما أثار شكوك السكان بشأن أهداف هذه الإجراءات التي تزامنت مع احتجاجات في الشوارع.
التبرير الذي قدمه «ترامب» جاء بعد حادثة اعتداء على عضو بارز في وزارة كفاءة الحكومة، وهو جهاز يتبع مبادرته الفيدرالية لخفض التكاليف، لكن الرئيس استغل الواقعة لتكثيف خطابه الأمني وربطه بمدن أخرى مثل نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو، متجاهلاً مدناً ذات معدلات قتل أعلى في ولايات يقودها الجمهوريون مثل ممفيس وسانت لويس ونيو أورلينز، بحسب ما جاء في التقارير الإعلامية الدولية، وهذه الانتقائية في اختيار الأمثلة تعكس استراتيجية سياسية تقوم على استهداف المدن الديمقراطية الكبرى وإبرازها كمراكز للفشل الأمني، مما يعزز قاعدة مؤيديه الذين يرون أن البلاد بحاجة إلى «استعادة النظام».
كما أكدت التقارير، أن الخطوة لا يمكن قراءتها بمعزل عن تاريخ «ترامب» في استخدام الحرس الوطني كأداة سياسية وأمنية؛ ففي صيف 2025 نشر نحو 5000 جندي في لوس أنجلوس لمواجهة احتجاجات ضد مداهمات الهجرة وحماية الوكلاء الفيدراليين، وفي ولايته الأولى أمر بانتشار واسع للقوات الفيدرالية لفض احتجاجات سلمية خلال تظاهرات «حياة السود مهمة» بعد مقتل جورج فلويد، وهي أحداث لا تزال تثير جدلاً حول حدود السلطة التنفيذية في التعامل مع المدن.