”حزن وبكاء”.. جنازة مهيبة للقمص بطرس الجبلاوي بطل المقاومة الشعبية ببورسعيد

شيّعت مطرانية الأقباط الأرثوذكس بمحافظة بورسعيد، برئاسة نيافة الأنبا تادرس مطران بورسعيد وضواحيها، جثمان القمص بطرس الجبلاوي، شيخ كهنة المحافظة وأحد أبرز رموز المقاومة الشعبية والوطنية، خلال قداس جنائزي مهيب بكنيسة مارجرجس، وسط حضور المئات من أبناء بورسعيد، مسيحيين ومسلمين، الذين حرصوا على وداع الأب الروحي الذي جمعهم على محبة الوطن.
شارك في القداس لفيف من كهنة إيبارشية بورسعيد والشمامسة ورجال الدين المسيحي، إلى جانب قيادات تنفيذية وشعبية وحزبية، ومئات من أبناء الكنيسة ومحبّي الفقيد من المسلمين، الذين امتلأت أعينهم بالدموع، تأثرًا برحيل الكاهن الوطني الذي ارتبط اسمه بسيرة العطاء والمواقف البطولية زمن الحرب.
وشهدت مراسم الجنازة مشاهد مؤثرة، امتزجت فيها دموع الوداع بصيحات التقدير والاحترام، حيث سادت حالة من الحزن العميق بين المشاركين، الذين استذكروا أدوار القمص الجبلاوي في مقاومة العدوان الثلاثي، ودعمه لأبطال بورسعيد في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، فضلًا عن كلماته الشهيرة من على منبر المسجد العباسي عام 1967، والتي ظل صداها حاضرًا في وجدان أبناء المدينة.
وقال القس أرميا فهمي، المتحدث الإعلامي باسم المطرانية، إن القمص بطرس لم يكن مجرد كاهن، بل كان رمزًا للوطنية والانتماء، خطب في الناس لتحفيزهم على مقاومة الاحتلال، ورافق أبطال المقاومة في الميدان، وسعى دائمًا إلى خدمة الجميع دون تفرقة. وأضاف: "كان يتواصل مع العائلات المهجّرة من بورسعيد عقب النكسة، وينقل رسائل أولادهم المقاومين من قلب المعركة، ليبثّ الطمأنينة في القلوب".
ووصل جثمان القمص الراحل إلى مطار القاهرة الدولي صباح اليوم قادمًا من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وافته المنية هناك، تنفيذًا لوصيته بأن يُدفن في تراب بورسعيد، مسقط رأسه، التي أحبها وعاش من أجلها، وظل يخدم أهلها حتى آخر لحظة من حياته.
القمص بطرس الجبلاوي من مواليد عام 1932، رُسم كاهنًا في سن الثانية والعشرين عام 1954، بعد أن لفت الأنظار بنبوغه، وثقافته الواسعة، وحبّه للناس، فخدم الكنيسة لأكثر من 75 عامًا، وشارك في الحياة العامة عضوًا بالمجلس التنفيذي لمحافظة بورسعيد، وكان خطيبًا مفوهًا، ورمزًا للحكمة، ومرجعًا وطنيًا في أوقات الشدة.
رحل الأب بطرس الجبلاوي عن عمر ناهز 93 عامًا، لكن سيرته ستبقى حيّة، محفورة في وجدان المدينة التي أحبها وأحبته، كاهنًا ومقاومًا وإنسانًا، سلك طريق المحبة فصار رمزًا خالدًا للوطنية الحقيقية.