النهار
الثلاثاء 12 أغسطس 2025 03:47 صـ 17 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
بسبب إنهاء خدمة والده.. حبس نجل الخفير لقتله سباق دولي بطلق نارى بقليوب رئيس البرلمان العربي يرحب بإعلان رئيس وزراء أستراليا عزم بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل الفرح بأسبوع.. الموت يخطف عروس أشمون في لحظة مفاجئة تفاصيل قرار تعديل رسوم السحب من ”فودافون كاش مفتي الجمهورية يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية لدي وصوله القاهرة للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء منتخبا مصر للناشئين والناشئات يحققا الفوز في ثاني أيام البطولة العربية لكرة السلة تحت 16 عامًا ياسين السقا: انتقدوني بسبب والدي وبقيت بتجاهل محمد صلاح يواجه مشاكل تؤثر على أدائه مع الريدز.. سلوت السبب ماجواير: كل تمريراتي الخاطئة كانت تنشر على الإنترنت لجذب المشاهدات أول تعليق من الشاب صاحب واقعة تجاهل أحمد عبد العزيز الدخلية تكشف تفاصيل مقتل ”هيثم سمير” بطل السباقات الدولي في القليوبية وزارة الشباب والرياضة تعلن خضوع جميع اللاعبين والمسؤولين في جميع الاتحادات لكشف المخدرات

فن

حادث عدوية الغامض.. ليلة أطفأت وهج نجم الأغنية الشعبية

أحمد عدوية
أحمد عدوية

في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لم يكن هناك اسم يعلو فوق أحمد عدوية في عالم الأغنية الشعبية كانت حفلاته ممتلئة، وأسطواناته تُباع بالملايين، وصوته يعلو في الأسواق والحارات وعلى عربات النقل.

ورغم أن النخبة الفنية والإعلامية كانت تهاجم أسلوبه، إلا أن الجماهير اختارته، وفرضته على الذوق العام، حتى اضطرت المؤسسات الثقافية للاعتراف به.

لكن في عام 1989، توقف كل شيء فجأة، الصحف نشرت خبرًا مقتضبًا: "نقل الفنان أحمد عدوية إلى المستشفى في حالة حرجة" ولم يعرف أحد ما الذي جرى، ولا لماذا صمتت الموسيقى فجأة.


الحادث: روايات متضاربة وغموض لم يُحسم

تعددت الروايات، وتضاربت الأقاويل، ولم تظهر حتى الآن حقيقة مؤكدة لما حدث تلك الليلة داخل أحد فنادق القاهرة.

الرواية الرسمية قالت إنه تعرّض لتسمم حاد. لكن روايات أخرى تداولتها الصحف وقتها تحدّثت عن اعتداء جسدي عنيف، بسبب صدام مع شخصية نافذة، أو نتيجة خلافات فنية حادة.

بعض التقارير زعمت أن ما جرى له كان محاولة "إسكات صوت شعبي خرج عن سيطرة الجهات الرسمية"، لكن لا أحد تأكد من شيء، وظلّ الغموض يحيط بالحكاية كما أحاط بصعوده من قبل.


العزلة والصمت: سنوات في الظل

عُزل أحمد عدوية تمامًا بعد الحادث. أُصيب بشلل جزئي أثّر على حركته ونطقه، وابتعد عن الحفلات، والتسجيلات، وحتى اللقاءات الإعلامية.

وخلال تلك الفترة، راجت شائعات كثيرة عن فقدانه القدرة على الغناء أو التواصل، لكن زوجته "نجلة" ظهرت أكثر من مرة لتكذب ذلك، مؤكدة أنه لا يزال يمتلك إرادة الحياة، وقادر على العودة، فا سنوات الصمت كانت ثقيلة، لكنها لم تكن نهاية.

عودة متأخرة.. وصوت يحمل الندوب

بحلول نهاية التسعينيات، عاد عدوية للظهور، وإن كان ظهوره باهتًا نسبيًا مقارنة بما اعتاده الجمهور.
أعاد تسجيل بعض أغنياته القديمة، وظهر في برامج تلفزيونية، لكن شيئًا ما كان قد تغيّر: نبرة الصوت لم تعد كما كانت، ووهج الحضور انكسر قليلًا.

ومع ذلك، ظل يحمل كاريزما خاصة، كأن صمته الطويل زاد من وقاره، وحوّله إلى "شيخ الغناء الشعبي"، وفي عام 2010، سجّل دويتو شهيرًا مع نجله "محمد عدوية" بعنوان "المولد"، وكأنه يسلم الراية لصوت شاب يحمل اسمه، وروحه.

نقطة التحول: الحادث الذي غيّر كل شيء

لم يكن الحادث مجرد أزمة صحية كان مفصلًا تاريخيًا في مسار الأغنية الشعبية، وفقدت الساحة وقتها مطربًا في أوج عطائه، وجمهورًا كان مستعدًا لمنحه سنوات أخرى من المجد، وتحوّل عدوية من نجم غلاف المجلات، إلى رجل يتحدّى الألم، ويقاوم النسيان، ويواجه نظرات الشفقة بإرادة لا تلين.

إرث لا يُنسى

رغم ما حدث، بقيت أغاني عدوية تملأ الشوارع، وتُعاد توزيعها، وتُغنّى في كل مناسبة أصبحت "زحمة يا دنيا زحمة"، و"بنت السلطان"، و"راحوا الحبايب"، جزءًا من الذاكرة الصوتية للمصريين.

والجيل الجديد، الذي لم يعرف صعوده، يتفاعل مع صوته كما لو كان معاصرًا له، لا مجرد تاريخ محفوظ.

عدوية.. الذى لم يرحل

ما حدث في تلك الليلة الغامضة عام 1989 قد لا يُكشف أبدًا لكن المؤكد أن أحمد عدوية لم يكن مجرد مطرب شعبي، بل حالة فنية ومجتمعية، عبّرت عن ملايين لم يسمعهم أحد من قبل.

وفي ذكرى ميلاده، نتذكره لا كضحية حادث، بل كرمز قاوم بالسخرية، وصمد بالغناء، وترك أثرًا لا يُمحى، هو من غنّى "راحوا الحبايب"، لكننا نردّ عليه الآن: أنت ما رحتش.. أنت لسه هنا، في الذاكرة، وفي الصوت، وفي الناس.