أبرز النتائج المترتبة على قرار الرئيس الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا

كشفت ماري ماهر، باحث أول بوحدة الدراسات العربية والإقليمية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أبرز النتائج التي تترتب على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، موضحة أن ذلك يمنح دفعة سياسية للنظام السوري الجديد، حيث يُمكن النظر إليه باعتباره اعترافًا ضمنيًا من قِبل واشنطن بشرعية القيادة السورية الجديدة، ومن ثم ربما يُمثل خطوة أولى نحو الاعتراف بالسلطات السورية المؤقتة كحكومة شرعية لسوريا.
إعادة اندماج دمشق ببطء في النظام المالي العالمي
وقالت «ماهر» لـ «النهار»، إن القرار يُمهد الطريق لتدفق الاستثمارات من قبل حلفاء سوريا الإقليمين وبالأخص تركيا والسعودية وقطر الأمر الذي يُجنب دمشق الاعتماد على الصين وروسيا، ويدعم إعادة اندماج دمشق ببطء في النظام المالي العالمي من خلال السماح للبنوك باستئناف المعاملات الدولية، والاستفادة من تعهد الرياض بسداد ديون البند الدولي السورية، ويفتح الباب أمام الشركات التركية لإقامة مشروعات اقتصادية وتحويل سوريا إلى نقطة إقليمية للتبادل التجاري بين أوروبا والخليج عبر تركيا، حيث كانت الكيانات التركية قلقة من التعرض للعقوبات الأمريكية.
وأضافت ماري ماهر: «رغم أن قرار رفع العقوبات الأمريكية يُمثل خطوة في مسار كسر عزلة الشرع الخارجية وإعادة سوريا إلى الساحة الدولية، وإدماجها تدريجيًا في النظام الاقتصادي العالمي، غير أنها ليست كافية وحدها لضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية المطلوبة لدفع عملية التعافي الاقتصادي، نظرًا لعدة اعتبارات».
اعتبارات تعيق تحقيق نتائج إيجابية من القرار
وأوضحت أن الاعتبارات تتمثل في استمرار الاضطرابات السياسية والعنف الطائفي والفوضى الأمني وغياب إطار قانوني شفاف وجميعها عوامل ضرورية لعودة تدفق رؤوس الأموال لا تعتمد فقط على رفع القيود الاقتصادية، بجانب مواجهة الاقتصاد السوري تحديات هيكلية تتجاوز مسألة العقوبات، من بينها التدهور الحاد في المؤشرات الاقتصادية الكلية، والدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية الحيوية نتيجة الحرب الممتدة.
ضمن الاعتبارات التي حددتها ماري ماهر، أيضاً الطابع البطيء للتعافي بالنسبة للاستثمارات طويلة الأجل، كما هو الحال في قطاع النفط والغاز، لاسيَّما وسط مخاوف مستمرة بشأن التهديدات الأمنية مثل الإرهاب والعودة محتملة للعقوبات إذا لم يفي الشرع بوعوده لترامب، وعدم تناسب حجم التمويل الخارجي المخصص لجهود إعادة الإعمار وتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية مع حجم احتياجات البلاد.
ضمن الاعتبارات، عدم إعطاء ترامب أي إشارة إلى اعتزام واشنطن رفع تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب – صنفتها هكذا الولايات المتحدة عام 1979 بسبب دعمها للفصائل الفلسطينية – وسيظل هذا التصنيف يشكل عائقًا رئيسيًا أمام الاستثمارات الأجنبية، واستمرار سريان بعض العقوبات الأوروبية المفروضة على شخصيات مرتبطة بنظام الأسد، وعلى قطاعات الأسلحة الكيميائية وتجارة المخدرات غير المشروعة وتجارة الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج، حسب ما روته «ماري».
الاتفاقيات الإبراهيمية
ونوهت إلى أن الحكومة السورية غير قادرة على الوفاء بكامل المطالب الأمريكية التي طرحها «ترامب»، فرغم أنها أبدت استعدادًا للانفتاح على إسرائيل وفتحت قنوات اتصال عبر الوسطاء لإجراء تفاهمات أمنية واستخباراتية بدعم من تركيا وبعض الأطراف الخليجية – والتي لولاها لما وافق ترامب على لقاء الشرع ورفع العقوبات – غير أن الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية لايزال غائبًا عن الأفق، كما أنه وفي ظل الانتشار الواسع للسلاح بيد الفصائل المسلحة سيكون من الصعب إبعادهم عن الأجهزة الأمنية أو إخراجهم من البلاد دون اقتتال داخلي.
واختتمت حديثها بأنه لا يزال تنظيم داعش يحافظ على مرتكزاته الجغرافية ونشاطه العملياتي في سوريا بينما تُعاني الحكومة السورية من غياب رؤية استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، فضلًا عن ضعف القدرات المؤسسية والأمنية اللازمة للتصدي الفعّال لهذا التهديد، وهو ما يضع علامات استفهام حول مدى أهليتها لأن تلعب دورًا موثوقًا به كشريك استراتيجي للولايات المتحدة أو المجتمع الدولي في إطار جهود مكافحة الإرهاب.