النهار
الإثنين 19 مايو 2025 01:49 صـ 20 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
إصابة شخصان في حادث تصادم على طريق مصر – إسكندرية الزراعي بطوخ بعد تحرك عاجل لشباب القرية.. السيطرة على حريق في شنوان بالمنوفية روما يقسو على ميلان بثلاثية في الدوري الإيطالي طالب بهندسة المنصورة يحصد المركز الأول عالميًا بجهاز تحاليل ذكي منخفض التكلفة محافظ الدقهلية يستعرض آخر مستجدات إنشاء موقف جديلة الحضاري... ويؤكد على سرعة الانتهاء محاكمة صورية تدريبية مستوحاة من “قضية الآثار الكبرى” بكلية القانون جامعة المنصورة الجديدة تكريم البطل المصري عبد اللطيف منيع لاعب المنتخب الوطني للمصارعة بالدقهلية إي آند مصر تؤكد على احترامها وتقديرها لجميع جماهير الرياضة المصرية للمرة الأولى بـ” صحة الدقهلية”.. نجاح جراحة دقيقة لإصلاح كسر بالرقبة في تمى الأمديد” وكيلة التضامن بالدقهلية تبحث مع ممثلي مؤسسة فرسان الحديدي مجالات التعاون المشترك محافظ كفر الشيخ يُشيد بجهود وزارة الشباب والرياضة في تأهيل الشباب لسوق العمل المنتج ماهر فودة يحضر العرض الخاص لـ”المشروع X” بصحبة خالد صلاح وشريهان أبو الحسن

عربي ودولي

خبير القانون الدولي الدكتور احمد كلحي يحلل للنهار : هل يُبعث القانون الدولي حيًا تحت أنقاض غزة؟

الدكتور احمد كلحي خبير القانون الدولي
الدكتور احمد كلحي خبير القانون الدولي

خبير القانون الدولي الدكتور احمد كلحي يحلل للنهار عن الاسباب التي اوصلت غزة والمنطقة الي هذا الحد من الدمار في كل شيء والخسائر الاقتصادية الكبيرة جراء تعطيل الملاحة في البحر الاحمر وغيرها حيث يبداء الدكتور كلحي حديثة للنهار بادئ ذي بدء وقبل التطرق إلى ما تشهده غزة من جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، لا بد من طرح السؤال الجوهري الذي يٌمهد لفهم الواقع برمته: ما هي الأسباب أو الدواعي التي مهدت لاندلاع حرب السابع من أكتوبر 2023؟

كانت غزة قبيل اندلاع الحرب ترزح تحت حصار خانق دام أكثر من 17 عامًا، حولها الاحتلال إلى سجن كبير بلا أفق للحياه، هذا الحصار فُرض فيه التجويع المُمنهج، ومُنعت فيه سبل الحياه الأساسية من غذاء ودواء وكهرباء وماء، أكثر من 80% من شبابها المتعلم خريجوا الجامعات عاطلون عن العمل، أكثر من 94% من مياهها ملوثة وغير صالحة للشرب، الأوبئة تنتشر، البنية التحتية تنهار، السكان يعانون من فقر مدقع وانعدام للأمل، هذا الحصار الذي يشكل في حد ذاته انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف ولبروتوكلاتها الاضافية لعام 1977، ويمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، خلق بيئة قابلة للانفجار، وساهم في تراكم الغضب الشعبي، ما مهد الطريق لانفجار المواجهة المسلحة في 7 أكتوبر.

واشار الدكتور كلحي انه إحقاقًا للحق 7 أكتوبر جاءت نتيجة 77 عامًا من النكبة المستمرة، وقرابة 57 عامًا من الاحتلال المتواصل للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، لقد سقط مشروع الدولة الفلسطينية رغم محاولات السلطة الفلسطينية مسايرة المجتمع الدولي بالوصول إلى اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر 1993 الذي أصبح وبات في غياهب النسيان.

وينبثق من السؤال السابق سؤالًا جوهريًا آخر، ما مدى مشروعية الادعاء الإسرائيلي بأن هدف الحرب هو القضاء على حركة حماس؟ وهل يمكن أن يشكل هذا التبرير أساسًا قانونيًا للانتهاكات الجسيمة المرتكبة في غزة؟

هذا الادعاء سرعان ما يتهاوى أمام القانون والواقع، فمن الناحية القانونية حماس حركة مقاومة طبقًا لنص المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة الذي يقر حق الدول في الدفاع عن النفس، كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت عدة قرارات تؤكد الحق في مقاومة الاحتلال الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة، منها القرار رقم 3246 لعام 1974 الذي اعتبر أن للشعوب الخاضعة للاحتلال الحق في النضال من أجل تقرير مصيرها؛ أما من الناحية الواقعية فلو كانت الغاية بالفعل القضاء على حماس، فلنطرح السؤال الأتي هل كانت حماس في سوريا؟ هل كانت في لبنان؟ لماذا دمر جيش الاحتلال مدنًا سورية ولبنانية؟ وهو لا يزال يحتل الجولان واجزاء من جنوب لبنان.

واضاف الدكتور كلحي إن حقيقة الأمر يا سادة تكمن في مشروع أوسع من مجرد صراع عسكري، يتمثل في السعي لتنفيذ المخطط الصهيوني المعلن، والذي طالما تحدثت عنه النخب الإسرئيلية، والمتلخص في السيطرة الجغرافية الممتدة من النيل إلى الفرات، وهو ما يضع العدوان الحالي ضمن سياق استعماري توسعي لا يشبع، إن فرغ من فلسطين تحرك نحو الأردن، ثم إلى سوريا، ثم إلى لبنان، ويتجلى بشكل صارخ الآن في محاولات إبادة سكان غزة وتجويعهم واقتلاعهم من أرضهم، وهذه الافعال تدخل ضمن نطاق الجرائم التي نصت عليها المادة (5) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، هذه الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ من لاهاي بهولندا مقرًا لها أنشئت عام 2002 لتُحاكم بالتحديد مرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، وكذلك جرائم الإبادة الجماعية.

جرائم الحرب:

وتُعرف جرائم الحرب بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، تُرتكب ضد مدنيين أو عسكريين أثناء نزاع مسلح، وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسؤولية جنائية فردية، وهذه الجرائم تنطبق على الانتهاكات التي تطال اتفاقات جنيف التي اُقرت في عام 1949 عقب الحرب العالمية الثانية، ولقد أُدرج هذا التعريف في المادة الثامنة من نظام روما وهي المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي أُعتمدت في يونيو 1998.

وتحدد المادة الثامنة من الاتفاقية أكثر من 50 نموذجًا لجرائم الحرب من ضمنها القتل والتعذيب واحتجاز الرهائن والتهجير القسري، والهجمات العشوائية المتعمدة ضد المدنيين، واستخدام الأسلحة المحظورة بشكل عام، التي يمكن أن تسبب "معاناه لا داع لها" أو القصف العشوائي مثل الأسلحة العنقودية.

جرائم ضد الإنسانية:

وتُعرفها المادة السابعة من "نظام روما الأساسي للمحكم الجنائية الدولية" بأنها " تُعد أفعال مثل القتل، والإبادة، والاغتصاب، والاضطهاد، وكل الأعمال اللا إنسانية الأخرى التي ترتكب في "إطار هجوم واسع أو منهجي موجه ضد أي سكان مدنيين مع العلم بهذا الهجوم".

الإبادة الجماعية:

ويقصد بها الجريمة التي تقع بقصد إبادة أو محو أو تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بأكملها أو جزء منها، واستخدمت عبارة الإبادة الجماعية من وجهة نظر قانونية لأول مرة في محاكمات نورمبرج، للإشارة إلى تصفية اليهود، ثم قيام اليهود بدورهم بإبادة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وأصبحت بعد ذلك جزء لا يتجزء من القانون الدولي في عام 1948 بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها.

أولًا: مدى توصيف الانتهاكات الاسرائيلية بوصفها جرائم دولية.

تشير الأدلة المتراكمة إلى ارتكاب إسرائيل للأفعال الآتية:

1ـ القتل العمد واستهداف المدنيين.

عرفت المادة الرابعة من الاتفاقية الرابعة الأشخاص المحميين، بقولها " الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية هم أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان، في حالة قيام نزاع أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها"

وبالتالي لا يجوز توجيه الهجوم أو العمليات القتالية ضد المدنيين، ولقد وثقت منظمات حقوق الإنسان مقتل أكثر من 52,800 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال (بينهم 23,000 طفل) نتيجة ضربات جوية مباشرة على مناطق مدنية، ويٌعد ذلك انتهاكًا للمادة 2/8/أ/1 من نظام روما.

2 ـ التجويع كأسلوب قتال.

تنص المادة (54) من البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف على أنه "يٌحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال" ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن إسرائيل تتعمد منع دخول الماء والطعام والوقود، وتعيق عمدًا المساعدات الإنسانية (أغذية ـ أدوية) وتتعمد عرقلة إمدادات الإغاثة، وتحرم السكان المدنيين من مواد لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياه، ولقد أدى الحصار الكامل على القطاع إلى تفشي المجاعة وسقوط ضحايا من الأطفال، وهو ما يعد أنتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني ويعد جريمة حرب.

3ـ التهجير القسري.

منذ بداية الإبادة الجماعية تم تهجير أكثر من 85% من السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء غير قانونية إضافية استهدفت وسط جنوب غزة، وقد أدت هذه الأوامر إلى تقليص المنطقة المخصصة كمنطقة إنسانية إلى 11% فقط من مساحة قطاع غزة، في محاولة لحشر سكان يبلغ عددهم 2,2 مليون نسمة في منطقة تبلغ مساحتها الإجمالية 39 كيلو متر مربع فقط، بالإضافة إلى ذلك استخدمت إسرائيل سياسة واسعة النطاق لاستهداف المهجرين داخليًا، حيث قامت باستهداف الطرق الآمنه التي حددتها بما في ذلك استهداف ملاجئ الأمم المتحدة والخيام حول المستشفيات والمرافق الصحية.

ووفقًا للأونروا فقد ألحقت اعتداءات إسرائيل اضرارًا بالغة الجسامة والفظاعة ب 190 منشأة تابعة للأونروا ولم تترك سوى 10 مراكز صحية تعمل من أصل 27 مركزًا صحيًا تابعًا للأونروا، كما أفادت الوكالة أن ما لا يقل عن 563 مهجرًا داخليًا تم استهدافهم أثناء تواجدهم داخل منشآت الاونروا مما أدى إلى استشهادهم مما يشكل جريمة ضد الإنسانية وفقًا لنص المادة 1/7/د، كما رفضت إسرائيل مرارًا وتكرارًا دخول المفوض العام للأونروا "فيليب لازاريني" إلى قطاع غزة كجزء من الحملة الإسرائيلية لشيطنة الأونروا وتفكيكها.

4ـ تدمير ممتلكات مدنية دون ضرورة عسكرية.

شملت الاعتداءات تدمير أكثر من 60% من مباني غزة، بما في ذلك مستشفيات ( مجمع الشفاء الطبي ـ مجمع ناصر الطبي ـ المستشفى المعمداني ـ المستشفى الأندونيسي ـ مستشفى شهداء الأقصى ـ مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار ـ المستشفى الجزائري العسكري ـ مستشفى القدس ـ وأخيرًا مستشفى غزة الأوروبي ومحيطه بخان يونس )، كما دمرت إسرائيل ما يزيد عن 117 مدرسة وجامعة ( التابعين ـ الفاخورة ـ جباليا ـ حليمة السعدية ـ عمرو ابن العاص ) وتضررت 332 مدرسة وجامعة جزئيًا، وأسواق ( مخيم النصيرات ـ فراس الشعبي ) ويُعد هذا مخالفًا للمادة 2/8/أ/4 من نظام روما.

5 ـ استخدام أسلحة محرمة دوليًا

فبحسب منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر يوم 15 أكتوبر 2023 ، أكد مختبر الأدلة أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية المشاركة في الحرب على القطاع كانت مجهزة بقذائف مدفعية تحتوي على الفسفور الأبيض، وبحلول نوفمبر 2023 رصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال شن أكثر من 300 قصف بالفسفور الأبيض في غضون 40 دقيقة على ساحة سكنية مكتظة بالسكان في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، وفي أبريل 2024 بلغ حد التوحش الاسرائيلي إلى استخدام القنابل الفراغية، وهي نوع من المتفجرات يُحدث انفجارًا عاليًا، مما يخلق ضغطًا هائلًا وحرارة بالغة الشدة يمكن أن تصل إلى 3000 درجة مئوية، وترتب على ذلك تبخر وإذابة أجساد الضحايا.

ثانيًا: مدى الإساس القانوني لأختصاص المحكمة الجنائية الدولية على تلك الجرائم.

انضمت فلسطين إلى نظام روما الأساسي في 2 يناير 2015، ودخل نظام روما حيز النفاذ بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل 2015، وأقامت المحكمة الجنائية الدولية حفلًا في التاريخ نفسه بمقرها في لاهاي بهولندا للترحيب بفلسطين لتكون الدولة الطرف رقم 123 في نظام روما الأساسي، وبالتالي تنعقد ولاية المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي، مما يخول المحكمة الجنائية الدولية النظر في كافة الجرائم المرتكبة على أراضيها، وقد قدمت السلطة الفلسطينية إعلانًا رسميًا بقبول اختصاص المحكمة بأثر رجعي بدءًا من 13 يونيو 2014، وهو ما يسمح بفتح تحقيقات واسعة النطاق تشمل العدوان الغاشم الحالي على غزة.

ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما هي الأسباب القانونية التي حالت دون انضمام دولة فلسطين إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قبل 2 يناير 2015؟ وما الذي جد أو مكن من قبول انضمامها لاحقًا ودخول عضويتها حيز النفاذ في 1 أبريل 2015؟

يمكن القول أنه في عام 2009 قدمت فلسطين بالفعل إعلانًا بموجب المادة 12 (3) من النظام الأساسي للمحكمة، طالبةً قبول اختصاص المحكمة على الجرائم المرتكبة منذ 1 يوليو 2002، غير أن المدعي العام في حينه رفض الطلب في أبريل 2012 مستندًا إلى أن فلسطين لم تكن بعد "دولة" بموجب القانون الدولي، وبالتالي لا يمكنها الانضمام إلى نظام روما أو منح المحكمة اختصاصًا قانونيًا، أو بمعنى أدق الرفض استند إلى أن صفة الدولة هي شرط جوهري لاكتساب العضوية في المحكمة، وهو ما لم يكن متحققًا في ذلك الوقت.

أما التحول الجوهري حصل في 29 نوفمبر 2012 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 19/ 67 والذي منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو"، وبناءً عليه قدمت فلسطين في 1 يناير 2015 إعلانًا جديدًا بموجب المادة 12 (3) إضافة إلى طلب الانضمام الرسمي إلى نظام روما الأساسي، وهو ما تم قبوله من قبل الأمين العام للأمم المتحدة كجهة إيداع، ودخل حيز النفاذ في 1 إبريل 2015.

وجديرُ بنا الإيماء إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تمارس أختصاصها في الأحوال الآتية طبقًا لنصوص المواد 13ـ15:بإحاله إلى المدعي العام من دولة طرف في النظام الأساسي وهو ما فعلته دولة جنوب أفريقيا ويعد الطريق الأيسر أو بإحالة إلى المدعي العام من مجلس الأمن بالتطبيق للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويعد الطريق الأصعب إذ في هذه الحالة علينا أن نكون منصفين مع أنفسنا كون مجلس الأمن سيفرق بين مجرمي الحرب الأصدقاء ومجرمي الحرب الأعداء، وتبقى الحالة الأخيرة وهي إذا فتح المدعي العام تحقيقًا من تلقاء نفسه بخصوص معلومات خاصة بالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، وقد يبدو غريبًا أنه رغم فداحة الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والتي تٌعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية موثقة من منظمات دولية ومصادر مستقلة إلا أن المدعي العام أصابه الخرس ولم يتحرك ساكنًا، الأمر الي يطرح التساؤل ما الذي يعيق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن مباشرة تحقيق من تلقاء نفسة وفقًا لنص المادة 15 من نظام روما الأساسي، في ظل هذه الانتهاكات الجسيمة التي تقع في قلب اختصاص المحكمة؟

وهذا يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك ضغوطًا سياسية هائلة تمارس على المحكمة من دول كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الداعم السياسي والعسكري لأسرائيل، وهو الأمر الذي يهدد مستقبل المحكمة نفسها في تحقيق العدالة الدولية.

ويختتم الدكتور كلحي خبير القانون الدولي حديثه للنهار أخيرًا لا شك أن الانتهاكات التي تحدث لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني بشكل يومي ولحظي في قطاع غزة تدعو إلى التساؤل ـ الأخير ـ عما إذا كانت قواعد هذا القانون لا داعي لها، أو أنها باتت غير قابلة للتطبيق؟ الإجابة قطعًا بالنفي لأنه يجب علينا الأنصاف والتفرقة بين وجود القاعدة القانونية وبين انتهاكها أو عدم تطبيقها، ولا شك أن قواعد القانون الدولي الإنساني وجودها ضروري وحتمي؛ وإذا كان النظام الدولي المعاصر ما زال ضعيفًا وهشًا هيكليًا، لأنه ليست له أدوات أو أسنان كتلك الموجودة في النظم القانونية الداخلية للدول، إلا أننا نأمل أن يأتي اليوم الذي لا يغض فيه الطرف عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ولا يستمر فيه التخاذل الدولي إزاء الجرائم المرتكبة في قطاع غزة.