الخميس 2 مايو 2024 09:49 صـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

التضخم والشتاء.. أوروبا تواجه أزمة اقتصادية بسبب الطاقة

رداً على العدوان الروسي في أوكرانيا، خفضت الدول الأوروبية بشكل كبير وارداتها من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة والغاز الطبيعي من روسيا، وبعدها وجدت الحكومات الأوروبية صعوبات بالغة في الحصول علي النفط، وقد ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 62%، إن التأثير الكامل للحرب، إلى جانب الحاجة المرتبطة بها لكبح جماح معدلات التضخم الأعلى منذ أكثر من 40 عاماً، كان سبباً في دفع أوروبا إلى الركود الذي يهدد الأسر والشركات الصغيرة، ونتيجة لذلك، إذا لم تتمكن المنطقة من تجميع إمدادات بديلة بسرعة، فإن الالتزام الأوروبي بالمساعدة في احتواء العدوان الروسي قد يضعف.


يرى توماس دوستربيرج خبير الاقتصاد والسياسة الدولية، إن المصادر البديلة للنفط الخام والمنتجات المكررة متاحة بسهولة أكبر من الغاز الطبيعي لأن الأخير يتطلب إنشاء بنية تحتية جديدة مكلفة، إن بناء خطوط أنابيب جديدة، ومنشآت الغاز الطبيعي المسال، والبنية التحتية للنقل، وزيادة الإنتاج، كلها تتطلب الحصول على تصريح وتمويل يصعب الحصول عليهما، على الأقل في العالم المتقدم.

وأوضح أن المملكة العربية السعودية وأعضاء أوبك هم المنتجون التقليديون للنفط الخام وبعض المنتجات المكررة، قررت أوبك خفض الإنتاج في الوضع الحالي، لتهدئة الجانب الروسي، وقد وقف كل من السعوديين والإماراتيين، على الرغم من المناشدات المحرجة من إدارة بايدن، علناً إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين بشأن مسألة الإمدادات على المدى القصير.

وأضاف دوستربيرج أن هناك العديد من الدول الأخرى المنتجة للنفط الخام من الممكن أن تعتمد عليها دول أوروبا وهما خارج اللعبة السياسية في التحيز لأى طرف في الصراع الروسي الأوروبي مثل البرازيل والدول الأفريقية، مشيرا إلى أن احتياطيات هذه الدول كبيرة، ومع ذلك، هناك حدود لتوسعها المستقبلي على المدى القريب، ويتم معظم الإنتاج خارج أفريقيا، حيث تكون الحقول صعبة ومكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، وتعتمد العديد من بلدان جنوب الصحراء الكبرى على مساعدات التنمية الصينية، والتي أدت بالفعل إلى تراكم الديون المتعثرة في 60% أو أكثر من هذه البلدان، ومن غير المرجح أن تلبي الكميات القادمة من هذه المناطق الاحتياجات الفورية.


مصادر الغاز الطبيعي لأوروبا

منذ 24 فبراير 2022، لم تحقق أوروبا سوى نجاح جزئي في استبدال الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي التي قطعتها عقوبات الاتحاد الأوروبي أو الإجراءات الروسية، وكانت معظم البدائل في شكل غاز طبيعي مسال، سمح الصيف المعتدل نسبياً في شرق آسيا والمراجحة في الأسعار بإعادة بيع البضائع المتعاقد عليها لهذه المنطقة إلى أوروبا، لكن مصدر العرض هذا بدأ في الانخفاض مع اقتراب فصل الشتاء، كما تفاوض الاتحاد الأوروبي أيضًا على إمدادات خطوط الأنابيب الجديدة من المصادر الموجودة في شمال إفريقيا والنرويج، فقبل العدوان الروسي، كانت النرويج تزود أوروبا بانتظام بحوالي 100 مليار متر مكعب سنويًا، وقد زادت الإمدادات بنحو 8% منذ أواخر عام 2021، لكن هذا لا يمثل سوى نسبة صغيرة من 155 مليار متر مكعب التي سلمتها روسيا سابقًا.

هناك إمكانات هائلة لزيادة واردات خطوط الأنابيب من آسيا الوسطى والقوقاز، ولكن مرة أخرى، فإن صعوبة تجاوز الأراضي الروسية والإيرانية ومعارضة هذه الدول للمنافسة تجعل أي إضافات في المدى القريب غير محتملة.

وكانت أستراليا أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في عام 2021، لكنها أرسلت 0.037 مليار متر مكعب فقط مباشرة إلى أوروبا في ذلك العام، ولا توجد لدى أستراليا خطط حالية لتوسيع قدرتها على التصدير، وقد انقلبت السياسة الداخلية ضد الصادرات الجديدة على أية حال.

دور الولايات المتحدة

سيكون لدى الولايات المتحدة أكبر حجم من القدرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال في العالم عندما تبدأ المصانع الجديدة التي يتم بناؤها الآن والمتوقع أن تصبح جاهزة للعمل في العامين المقبلين بالإنتاج، أصبحت في عام 2022 بالفعل أكبر مصدر لمورد الوقود الأحفوري النظيف نسبيًا، بصادرات متوقعة تبلغ 114 مليار متر مكعب، وتمثل السعة الجديدة التي سيتم إطلاقها بين عامي 2023 و2025 أكثر من 50 مليار متر مكعب من السعة، وبدأت المنشأة الأحدث في التصدير في أغسطس وتمثل طاقة إضافية تبلغ 17 مليار متر مكعب، لقد تجاوزت الولايات المتحدة بالفعل تعهد الرئيس جو بايدن في مارس بزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بمقدار 15 مليار متر مكعب هذا العام، وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الزيادة سيصل إلى 45 مليار متر مكعب في 2022.

أوروبا تعاني من ركود اقتصادي يائس، ومع ارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي إلى إضعاف قدرة أصحاب المنازل على تدفئة منازلهم، والشركات الصغيرة على البقاء قادرة على سداد ديونها، والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة على الاستمرار في العمل، وتؤثر الأسعار المرتفعة أيضاً على بلدان أخرى في جميع أنحاء العالم.