الإثنين 20 مايو 2024 10:09 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

منوعات

خلّدها معه بعد الموت.. كيف اهتم المصري القديم بالحيوانات؟

قال الخبير الأثري أحمد عامر، مفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار والمتخصص في علم المصريات، إن المصري القديم اهتم بالحيوانات منذ عصر ما قبل التاريخ، وصار يقدسها من أجل إبعاد الشر عن نفسه أو لحبه وتقديسه لها؛ لذلك أصبحت عقيدة المصري متعلقة بالحيوانات، بل وأصبح يخصص لها مكانة هامة في الحياة الأخرى ولخلودها معه بعد الموت.

وأوضح أن اختيار موقع الدفن للحيوانات يعد ذي أهمية، كما وضع الأمتعة الجنائزية معها، ومن المثير ما تم الكشف عنه في موقع "نخن- الكوم الأحمر"، وهي المدينة التي تقع بين "إسنا وإدفو"؛ حيث عُثر بتلك المدينة على مجموعة من الحيوانات الضخمة والمميزة، والأليفة، وهي عبارة عن مجموعات من الكلاب مدفونة بشكل منظم، منها مجموعة لا تقل عن 26 كلبًا، دُفنت في مقبرة واحدة، ومجموعة أخرى شملت 10 كلاب تم دفنها مع أصحابها.

وأشار، في تصريحات صحفية، إلى أنه تم دفن أفيال إفريقية مميزة وضخمة في مدافن كبيرة بلغت أبعادها من 5 إلى 6 أمتار، وتميزت تلك الحديقة المدفونة بأنها "أقدم حديقة حيوان مدفونة في العالم منذ عهد المصريين القدماء"، ونجد أنه تم العثور بالموقع على دفنات لأبقار بنفس آلية دفن الموتى، وذلك عن طريق عمل تبطين لأرضية المقبرة أسفلها، ووضع الراتنج لحفظ الجسد، كما تم لف الجسد بالكتان والحصير، وهذا يُبين مدى أهمية البقرة عند المصري القديم؛ نظرا لما تُدّر له من خير، وتم دفن الكثير منها بجوار أصحابها بعد الموت، كما ثم العثور أيضا على مجموعة هامة من دفنات الغزلان والظباء، وكان بعضها حاملًا، وتم دفنها مع الأغنياء والنخبة، كما تم دفن أيضًا العديد من الأغنام.

ومن جهتها، قالت هناء فايد، الباحثة الأثرية والمتخصصة في علم المصريات، إنه صار للحيوانات المفترسة نصيبًا من تلك الحديقة، حيث تم العثور على مجموعة من الفهود، كما تم دفن مجموعة نادرة شملت أفراس النهر، والحمار الوحشي، وبعض الفيلة الصغيرة، وقردة البابون، كما تم دفن بعض التماسيح التي لازلت تحتفظ ببقايا القشور الخاصة بها، كما تم دفن أيضا قطط برية ونمر، ونجد أنه تم العثور على قرابة 58 نوعًا من الحيوانات المدفونة؛ لتصبح تلك المقابر أشبه بـ"متحف دفن حيوانات متنوعة".

وتابعت، في تصريحات صحفية، أن النماذج الحيوانية السابقة كان لها دور فعال في عقيدة المصري القديم، حيث تؤرخ المقبرة بالألف الرابع قبل الميلاد، فلقد أصبحت تلك النماذج هي إرهاصات مبكرة لعقيدة المصري القديم، فنجد البقرة كانت دومًا رمزا للأمومة والخير، التي جسدتها المعبودة "حتحور"، وفرس النهر يُعد الصورة الحية للمعبود "ست" رمز الشر، وكذلك التمساح الذي يجسد المعبود "سوبك"، والفهد الذي يجسد المعبودة "مافدت"، وهي التي تقوم بالعقاب الإلهي للبشر الضالين عن الحق، والقرد الذي يجسد المعبود "تحوت"، و"سشات" والذين يتجسدون حول الكُتاب، والقطط التي تجسد "باستت"، بينما القط الذكر هو تجسيد للمعبود "رع".