الجمعة 31 مايو 2024 10:10 مـ 23 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

المحافظات

باحث يعلن عن كشف أثري جديد بصحراء مصر الشرقية نقش مسجد الرفاعي

كشف الباحث الأثري ومفتش أثار البحر الأحمر محمود توني شعبان عن أحد النقوش الأثرية الهامة المكتشفة حديثًا بوادي الحمّامات بصحراء مصر الشرقية والتي تخص مسجد الرفاعي بمدينة القاهرة، وذلك أثناء عمليات المسح الأثري التي قام بها للطرق والدروب البرية بصحراء مصر الشرقية والتي كانت تمثل طرقاً ودروباً برية للقوافل التجارية وقوافل الحجاج في العصر الإسلامي، وقد عثر الباحث أثناء عمليات المسح الأثري علي حجر من الرخام الأسود على طريق الحج والتجارة الجنوبي طريق قفط- القصير، وهذا الحجر يُمثل لوحة تذكارية للعديد من النقوش والكتابات العربية وغيرها، وتتضمن كتابات هذا الحجر العديد من الأسماء والألقاب والتواريخ المتنوعة والكتابات الدينية، ولعل أبرز كتابات ونقوش هذا الحجر هو نقش أثري مؤرخ بعام 1293 هجرية, يتضمن إسم الخديوي إسماعيل وألقابه واسم حسن أبو طالب الحجار، وهذا النقش مكون من أربعة أسطر ومسجل باللغة العربية بخط النسخ الليّن وقد نُفذت كتابات النقش بالحفر الغائر علي الحج

وبالبحث والتحري تبين أن هذا النقش يخص مسجد الرفاعي الشهير بمدينة القاهرة، فقد أمرت دولتلو خوشيار هانم في عام 1286هجرية/ 1869م بشراء أرض مسجد الرفاعي وقامت بتجديد زاوية الرفاعي واشترت الأماكن المجاورة لها، وفي عام 1287هجرية/1870م طلبت من حسين باشا فهمي وكيل ديوان الأشغال العامة وقتئذ بإعداد مشروع لبناء مسجد كبير يٌلحق به مدافن لها ولأسرتها وقبتان للشيخين: علي أبي شباك ويحيى الأنصاري

وفي عام 1293هجرية /1875م ذكر علي باشا مبارك أن السيدة خوشيار هانم كلفت الشيخ حسن أبو طالب ابن متعهد جبل الرخام للخروج للصحراء الشرقية في رحلة استكشاف لمختلف أنواع الرخام التي بجبالها، واختبار ما يُوافق المطلوب منة في عمارة جامع الرفاعي، وقد إستغرقت رحلته ما یقرب من مائة یوم، وقد إصطحب معه خلالها عدد من أدلاء عرب العبابدة الذين یقطنون هذه الصحراء حتي وصل إلي مشارف ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر، ثم عاد بعد انتهاء رحلته إلى القاهرة وأحضر معه نماذج مختلفة من الرخام الأسود الخالص، والمعرق، والأبيض أنواعًا وغير ذلك وقام بتسليمها، وقد شاهد علي باشا مبارك هذه النماذج وأُعجب بها، وقرر على باشا مبارك أن يسجل نقلاً عن الشيخ حسن أبو طالب كافة تفاصيل هذه الرحلة ومختلف محطاتها ومعالم الطريق، منذ بدايته من جنوب بياض النصارى ببني سويف وحتى مشارف ميناء القصير على ساحل البحر الأحمر لبقاء الفائدة، وقد أورد لنا خلال هذا الوصف كثير من أسماء مقالع الرخام ومواضعها التي كانت تقوم باستخراج الأحجار وتقطيعها وشحنها عبر درب المرمر ومحطاته حتى تصل إلى محطة الورشة ببياض العرب بمدينة بني سويف، ومنها يتم شحنها عبر النيل إلى القاهرة برسم جامع الرفاعي، وقد ترك لنا الشيخ حسن أبو طالب نقش تذكاري على حجر من الرخام بالقرب من جبل الحمّامات تخليدًا لهذه المناسبة، وقد تمكنت بفضل من الله من العثور علي هذا النقش الأثري التذكاري، وقد تم قراءة كتابات النقش كما جاء بالمعاينة على الطبيعة كالآتي

س1: حضر هنا حسن أبوا طالب الحجا

س 2: في 7 ج سنة 1293 لأج

س3: رخام لمسجد عزيز مصر إسماعي

س 4 : باشا

واكد الباحث انه قام بدراسة هذا النقش الأثري دراسة أثرية من حيث الشكل والمضمون، وتبدأ الدراسة بتحديد موقع النقش ورصد أهم الأجواء المحيطة به، ثم يلي ذلك تفريغ الكتابات الأثرية التي وردت بالنقش وتحديد مقاساتها ووصفها وقراءتها، وتحديد أنواع الخطوط المستخدمة وطرق تنفيد الكتابات، ثم يلي ذلك تحليل عبارات النقش والتي تضمنت بعض الأسماء والألقاب، بالإضافة إلى تاريخ النقش وبعض الدلالات الأخرى في إطار دراسة النقش من حيث المضمون، والتي قدمت معلومات وإضافات جديدة لعمارة مسجد الرفاعي بمدينة القاهرة

رابط مباشر لتحميل البحث للإستزادة

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/167/20/1/15032

 

الأهمية والإضافات الجديدة التي قدمها لنا هذا النقش الأثر

بعد دراسة وتحليل كتابات ومضامين النقش ومطابقته مع رواية علي باشا مبارك، تم الوصول إلى معلومات وإضافات جديدة ومهمة تتعلق بعمارة مسجد الرفاعي بالقاهرة وهي

1) يمثل هذا النقش كشف أثري جديد يخص مسجد الرفاعي بمدينة القاهرة، وهو عبارة عن نقش أثري مكون من أربعة أسطر ومسجل باللغة العربية ومؤرخ بعام 1293 هجرية، يتضمن إسم الخديوي إسماعيل وألقابه.

2) قدم النقش الأثري والدراسات الأثرية لمضمونه إضافات جديدة إلى عمارة مسجد الرفاعي بمدينة القاهرة، حيث تم الكشف عن أسماء محاجر الرخام ومواقعها وأنواع الرخام بها بصحراء مصر الشرقية، وتكلفة القطع والنقل والشحن برسم جامع الرفاعي

3) كشف النقش عن إسم شيخ طائفة الحجّارين في القرن التاسع عشر الميلادي الذي شارك في عمارة مسجد الرفاعي، وهو ما أغفلت عن ذكره الدراسات الأثرية الحديثة المتخصصة، والتي اعتمدت على الوثائق والمصادر التاريخية في دراسة طوائف المعمار في العصر العثماني وحتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في مصر، وهو ما يعكس أهمية النقش في الكشف عن إسم شيخ لطائفة الحجّارين في هذه الفترة، وهو ما يؤكد على أهمية الكتابات والنقوش الأثرية في تعويض النقص وسد الفراغ في المصادر التاريخية

4) كشف النقش عن لقب الشيخ حسن أبو طالب وهو "الحجّار"، وهو ما أغفلت عن ذكره المصادر التاريخية عند سردها لرحلة الشيخ حسن أبو طالب إلى صحراء مصر الشرقية، ولكن استطاع النقش الأثري في إمدادنا بمعلومات إضافية جديدة، وهو ما يمثل أهمية كبيرة لهذا النقش، حيث أن الكتابات والنقوش الأثرية تعوض النقص وتسد الفراغ في المصادر التاريخية

5) قدم النقش رؤية جديدة حول مسمى المسجد طبقاً لما جاء بالنقش الأثري، حيث أكدت الدراسة الخاصة بمضمون النقش أن المسجد لو تم بنائه والفراغ من عمارته قبل وفاة السيدة خوشيار وابنها الخديوي إسماعيل، لظهر اسم المسجد في النص التأسيسي باسم مسجد عزيز مصر إسماعيل باشا كما جاء مسجلاً بالنقش الأثري

6) تميز النقش بإستخدام رمز القيرمَة في تسجيل التاريخ الهجري بالنقش، حيث كانت تلك الإختصارات والرموز تُستخدم فقط في سجلات الروزنامة في مصر في العصر العثماني ولم تظهر في النقوش والكتابات الأثرية، وهو ما يُعد ظاهرة فريدة يتفرد بها النقش الأثري.

7) ورد لقب عزيز مصر في كتابات النقش الأثري لقباً للخديوي إسماعيل عام 1293هجرية ،وهي ظاهرة جديدة يتفرد بها النقش دون غيره، فلم يظهر هذا اللقب من قبل كلقباً للخديوي إسماعيل في النقوش الأثرية أو الوثائق التي ترجع إلى فترة حكمه للبلاد، وبذلك يكون النقش الأثري موضوع الدراسة هو النقش الأثري الوحيد الذي ورد به هذا اللقب(عزيز مصر) لقباً لإسماعيل أثناء حكمه للبلاد

8) استطاع النقش الأثري إثبات وتأكيد ما أورده علي مبارك في خططه عن رحلة الشيخ حسن أبو طالب إلى الصحراء الشرقية، وهذا يؤكد أيضاً على أهمية النقش في مراقبة أقوال المؤرخين وتأكيد وإثبات صحة ما ذكرته المصادر التاريخية.