الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:42 مـ 14 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

المحافظات

التنقيب عن الآثار فى المنيا هوس يراود الباحثين عن الثراء

انتشرت ظاهرة التنقيب عن الآثار داخل المنازل القديمة بالمناطق القريبة من المعابد الأثرية بالمنيا حتى انها وصلت الى المدارس وداخل المقابر.

 

ورغم تجريم التنقيب عن القطع الأثرية والذهب فإن الكثيرين بالمجتمع، خاصة محافظات الصعيد، لا يزالون يعتقدون أنه حق مشروع لمن يجدها، غير عابئين بأن هذا يعد عدوانًا على تاريخ بلدهم الذى يقف له العالم احترامًا وتقديرًا منذ آلاف السنين.

 

محافظة المنيا التى تحتل المركز الثالث من حيث الكنوز الأثرية ومعظمها غير مكتشف تعد نموذجا حيا على تلك الظاهرة السيئة حتى أصبح طبيعيا أن تجد أشخاصًا ذوى مراكز مرموقة ضمن المتهمين فى قضايا البحث والتنقيب عن الآثار.

 

الإحصائيات تشير إلى كشف نحو 1200 حالة حفر بالمنازل والأماكن العامة بمحافظة المنيا منذ عام 2019 حتى الآن وأن أكثر الأماكن التى بها حفر بالمحافظة هى مراكز بنى مزار وسمالوط وأبوقرقاص وبندر المنيا.

 

وكانت واحدة من أغرب قضايا التنقيب عن الآثار فى المحافظة القبض على مدير مدرسة واثنين من العمال وآخرين أثناء تنقيبهم عن الآثار أسفل مدرسة بوسط مدينة المنيا بطريق كورنيش النيل والعثور على عدد من القطع الأثرية بحوزتهم؛ حيث كشف المحضر رقم 11949 إدارى قسم شرطة المنيا قيام بعض الأشخاص بالتنقيب عن الآثار ليلًا داخل إحدى المدارس وبالانتقال والفحص تم التقابل مع «خفير خاص بذات المدرسة» وبمناقشته أكد اشتراكه مع آخرين على الحفر بقصد التنقيب عن الآثار داخل المدرسة.

 

وبإرشاد المتهم تم ضبط باقى المتهمين داخل إحدى الغرف بالمدرسة أثناء حفرهم عن الآثار وتبين وجود حفرة بعرض 2×4 أمتار بعمق 25 مترا وعُثر على الأدوات المستخدمة فى الحفر وقطعة على شكل قاعدة من الجرانيت بها نقوش ورسومات ومُثبت عليها شكل قدم وبمواجهتهم اعترفوا بالواقعة.

 

بعض الأهالى كشفوا قصصا عن التنقيب عن الآثار موضحين فيها طرق النصب التى يستخدمها المشعوذون والدجالون.

 

صادق عبد العزيز من قرية البرجاية مركز المنيا أكد أن أحد الأشخاص جاء ومعه أحد الدجالين. وقال إنه من المغرب وخبرة فى استخراج الكنوز الأثرية والتى تعرف فى لغة العامة «اللقية»، مستهدفين أحد المنازل بالقرية وقالوا لصاحب المنزل إن منزله به كنز أثرى وطلبوا منه تخصيص حجرة يقيمون فيها بمنزله ويمارسون طقوسهم الخاصة المعروفة بالتعزيم داخل المنزل، وكعادة الدجالين يطلبون أنواعًا من البخور غير موجودة يقومون بشرائها ومحاسبة الضحية صاحب المنزل، وبعض الطلبات التى تستنفد صاحب المنزل ماليا وأبرز هذه الأنواع التى يستخدمها الدجالون بخور الجاوى وظفر عنزة غريبة والحلتيت ومادة الزئبق لتسخير الجن وعندما يعجز صاحب المنزل عن جلب كل الطلبات يخبره الدجال بأنه لا يستطيع تسخير الجن بسبب عدم تنفيذ الطلبات، وهذا ما حدث مع صاحب المنزل بالقرية فقد غادره الدجال بعد أن استنزفه ماليا وبعد أن أخذ مبلغا كبيرا منه بالإضافة لما كلفته إقامة الدجال وتابعه من مصاريف أخرى بجانب تركه حفرة كبيرة بمنزل الضحية أثرت على المنزل وكله بسبب الطمع.

 

محمد فرغل مقيم بقرية طوخ الخيل كشف أنه يوجد العديد من الحوادث راح ضحيتها الكثير من الأشخاص نتيجة التنقيب عن الآثار مثل ما حدث فى قرية طوخ ووفاة أحد الأطفال نتيجة لقيام والده بصحبة أحد الدجالين بالتنقيب عن الآثار داخل منزله وأيضا 3 أشخاص توفوا أثناء التنقيب عن الآثار فى قرية بهدال كما توفى حوالى 6 أشخاص شرق المنيا عند منطقة الشرفا اثناء التنقيب عن الآثار، وفى دير جبل الطير توفى 3 أشخاص أيضا، ونجد أن حجة الدجال فى ذلك للهروب من الموقف أنه بسبب عدم تنفيذ تعليماته حصل عقاب من الجن وهى حجة كاذبة لأن الحقيقة هى أن الحفرة كانت غير مؤمنة ما أدى إلى انهيارها ووفاة بعض الأشخاص وهذا ما يحدث فى جميع الحالات.

 

ويرى محمود ياسر، مدرس، أن الدجل والشعوذة والرغبة فى الثراء السريع وراء البحث عن الآثار وبالذات فى المنيا القديمة والقرى القديمة؛ لأنها مبنية على أنقاض مدن أخرى أقدم منها، ففى منطقة شارع التجارة بالمنيا القديمة المنازل بنيت على أساسات منازل أخرى وتوهم الناس أن بها آثارا ولكنها أساسا بيوت قديمة، مضيفا أن شائعة وجود أنفاق تحت الأرض صحيحة وهى عبارة عن غرف صرف صحى لملء الخزان بالمياه أثناء انخفاض منسوب المياه وهى التى أخذت منها أوربا فكرة المجارى وبالنسبة للقرى فإن 90 فى المائة من القرى بها أصول نهرية قديمة منها أفرع مثل طحا والبهنسا والأشمونين.

 

ويطالب رامى السيد من قرية أبا البلد بمغاغة بتقديم حافز قوى لمن يرشد عن مكان وجود الآثار أو من ينقبون عنها لتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن جرائم التنقيب عن الآثار.

 

وقال ياسر محمود، مفتش آثار، إن عمليات التنقيب عن الآثار غالباً ما تضم ممولا للعملية، وعمالا للحفر والتنقيب، والممول يقتصر دوره على تمويل عمليات الحفر والتنقيب والإنفاق على العمال أما العامل فمنهم من يحصل على أجر يومي نظير عمله الذي يستمر من الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة صباحاً، ومنهم من يطلب الحصول على نسبة حال استخراج آثار، لكن في النهاية لا يحصل العامل إلا على أجره فقط عن المشاركة في أعمال الحفر والتنقيب، ويحصل الممولون على ما يتم استخراجه.

وحذر من عواقب الحفر حيث تم تعديل القانون 117 لسنة 83 بتعديلاته فى 2010 و2018 و2019 والتى تشمل تعدياته الجديدة على عقوبات مشددة تصل للمؤبد والسجن والغرامة، لمن يثبت فى حقه القيام بالحفر للبحث عن الآثار

 

ويطالب القضاء على تلك الآفة وذلك بالتنسيق والتعاون بين مؤسسات الدولة المختلفة من تربية وتعليم وجامعات ووزارة الداخلية ووزارة السياحة والآثار ونشر الوعى من خلال المحافظين بتوعية المواطنين بعواقب التنقيب عن الآثار.

 

وقال أحد الشيوخ الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنه بالفعل شارك في عمليات استخراج قطع أثرية وحصل على مبالغ جيدة، مؤكداً أنها أصبحت في الوقت الحالي عملاً يعتمد عليه كثيرون، سواء كان عن علم أو غير علم.

 

ويعمل هذا الشيخ في مناطق بالفيوم والمنيا، وأكد لـ"النهار"، أنه قلص نشاطه في الفترة الأخيرة بعد تشديد الإجراءات الأمنية وتعقب جهاز الشرطة لمن يعملون في هذه التجارة التي لا يرى أنها محرمة شرعاً ولكنها ممنوعة قانوناً فقط.