الأحد 19 مايو 2024 05:11 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مصر تُشارك في أعمال الدورة الـ٢٧ للمؤتمر العام لمنظمة الألكسو بالمملكة العربية السعودية إهداء درع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى رئيس جامعة القاهرة تقديرا للتقدم العالمي الكبير للجامعة وزيرة التعاون الدولي: أكثر من 10.3 مليار دولار تمويلات مُيسرة واستثمارات للقطاع الخاص من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين خلال 4 سنوات وزيرة التعاون الدولي: مشروعات قطاع البيئة تضم 8 مشروعات بتمويلات تنموية 370 مليون دولار وزارة التجارة والصناعة تستضيف اجتماع لجنة المنطقة الصناعية بأبو زنيمة وزير السياحة والآثار يبحث مع سفير تونس بالقاهرة أوجه التعاون بين البلدين وزير العمل يُعلن عدم إدراج مصر على قائمة الملاحظات الدولية لعام 2024 إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن بحضور وزيرة التضامن الاجتماعي والهجرة ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر بالمتحف القومي للحضارة ”تعليم البحيرة” أول الجمهورية في مسابقة ”التوعية ضد المخاطر الرقمية” للمرحلة الثانوية المشدد 3 سنوات لموظف لتهديده شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعى بكفر شكر مسافرون للسياحة تضع رؤيتها للترويج عالميا لجنوب سيناء سفير مالطا في زيارة لمكتبة الإسكندرية

أهم الأخبار

خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن

ابو الغيط : القضية الفلسطينية ستظل مصدرا لمتاعب المنطقة مالم تعالج بصورة عادلة وشاملة


 

ابو الغيط :ايران استغلت الخلافات بين السنة والشيعة لتحقيق مصالحها وطموحاتها في الهيمنة

  • هالة شيحة  

 اكد الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط  اهمية حشد جهود المجتمع الدولي من اجل التصدي لمعاناة الفلسطينيين ، بانهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، مشددا على انه لم يعد من المقبول استمرار القضية الفلسطينية دون حل عادل.
وقال ابو الغيط أن القضية الفلسطينية تُمثل سبباً جذرياً في البلاء الذي تعرضت له المنطقة خلال الأعوام الستين المُنصرمة، ذلك أنها خلقت شعوراً نفسياً عميقاً بالظلم لدى العرب، وسوف تظل هذه القضية مصدراً للمتاعب في المنطقة لسنواتٍ قادمة، ما لم يتم معالجتها بصورة عادلة وشاملة.
واعتبر ابو الغيط في كلمته خلال مشاركته في ندوة موسعة على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن عقدت تحت عنوان "هل يمكن تطبيق معاهدة وستفاليا في الشرق الاوسط" ، ان الفشل في تلبية طموحات الفلسطينيين المشروعة بإقامة دولة مستقلة لهم، ظلت لوقت طويل مصدراً للغضب والتوتر، ليس فقط في فلسطين ولكن بطول العالم العربي كله.
وفي استعراضه للتحديات الراهنة شدد ابو الغيط على ان المنطقة في حاجة إلى إعادة ترسيخ واحدٍ من أقدم المبادئ في النظام الدولي المعاصر؛ ألا وهو السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية ، لافتا الى ان هذا (كان بالتحديد جوهر وستفاليا).
ونبه ابو الغيط الى ان بعض الدول العربية أساءت استخدام مبدأ السيادة ووظفوه كذريعة لاضطهاد الأقليات الاثنية أو الدينية. ولا يصح أن يكون هناك مجالٌ لمثل هذه الممارسات في المستقبل.
واكد ان الحكم الرشيد يُشكِل الوصفة المناسبة للاستقرار، على أن الغاية المنشودة ينبغي أن تتمثل في  تعزيز الدولة الوطنية الحديثة التي تحترم حقوق الإنسان وحكم القانون
واوضح أن انجاز أيٍ من هذه الأمور لن يكون ممكناً ما لم يتم احترام المبادئ الأساسية بعدم التدخل وضمان التعددية الدينية من جانب كافة اللاعبين الإقليميين والدوليين.

ونوه ابو الغيط باهمية معاهدة وستفاليا (التي أنهت حرب الثلاثين عاماً بين البروتستانت والكاثوليك عام 1648) ودلالتها في التاريخ الأوروبي الحديث.
وقال ان لمعاهدة وستفاليا دلالات متعددة. ومثلها مثل أي حدث تاريخي مفصلي، يمُكن تفسيرها على أكثر من نحو. ومن زاوية معينة على الأقل، يُمكن النظر إليها بوصفها ميلاد مفهوم سيادة الدولة والنظام الحديث للدول
واضاف ابو الغيط إن هذه الاتفاقية وضعت أيضاً مبدأ التسامح الديني في العلاقات الدولية. ولكن فوق ذلك كله، فإن وستفاليا لها علاقة بالفكرة القائلة بأن في الإمكان صياغة نظام إقليمي جديد من خلال انخراط أطرافه في مفاوضات مطولة تُعالج المعضلات الأمنية، وتُلبي تطلعاتهم القومية والدينية.
​وتابع : إن منطق وستفاليا يفترض أنه إذا ما تمت مناقشة كل هذه المخاوف ومشاعر انعدام الأمن على طاولة المفاوضات، وبأسلوب مكشوف وشفاف، وبالاستعانة بقدر من الدبلوماسية الحاذقة، فإن بالإمكان التوصل إلى حلول وسط، ومن الممكن كذلك الوصول إلى "صفقة كبرى" شاملة، وبحيث يتولد عن هذه العملية إقامة نظام جديد يتضمن مجموعة من المبادئ والقواعد الحاكمة التي يتوافق عليها الأطراف ذات الصلة. ذلك كان على وجه التحديد المنطق وراء وستفاليا، على الأقل كما أفهمه وكما قرأتُ عنه. والسؤال الآن هو ما إذا كان مثل هذا المنطق قابلاً للتطبيق فيما يتعلق بالنزاعات الدائرة في الشرق الأوسط حاليا. بعبارة أخرى: هل نحتاجُ حقاً إلى نظام جديد في الشرق الأوسط؟ هل نحن في حاجة إلى مجموعة جديدة من القيم والمبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول وداخل الدول؟
​ونوه ابو الغيط بمشاركته مؤخراً في عدد من المنتديات التي شهدت طرح أفكار مختلفة عن نظام جديد في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، خلال "الحوار المتوسطي – الذي عُقد في روما في ديسمبر الماضي- تمت الإشارة إلى مبادئ هلسنكي التي تعود لفترة الحرب الباردة في السبعينات. وفي حوار المنامة –الذي عُقد في نفس ذلك الشهر- تمت مناقشة فكرة إقامة نظام أمني جديد في المنطقة. وقد قرأت الخطاب الذي أدلى به السيد "شتاينمير" وزير خارجية ألمانيا (وقتها) في نوفمبر الماضي، والذي تناول كذلك بعضاً من هذه التوجهات والأفكار. وبأمانةٍ كاملة، وبرغم الإغراء الذي تنطوي عليه فكرة إقامة نظام إقليمي جديد في المنطقة، فإنني أستميحكم عُذراً في أن أختلف مع هذا الطرح.
​وقال ابو الغيط ان ما نحتاجه اليوم ليس نظاماً جديداً بشكلٍ كامل. ربما ما نحتاجه حقاً هو العودة إلى ذات المبادئ التي تأسس عليها نظام وستفاليا، وهي بالتحديد: الاعتراف المتبادل بالسيادة المتكافئة بين الدول، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، والفصل بين الدولة والدين. ، اي اننا لسنا في حاجة إلى "عملية وستفالية"، وإنما نحتاج إلى إعادة ترسيخ مبادئ وستفاليا وفرض الإقرار بها.
​واوضح ان صياغة النظام الإقليمي في الشرق الأوسط تمت وفقاً لمبادئ وستفاليا منذ أكثر من مائة عامٍ خلت، حيث جرى إنشاء دول وطنية، ورسم حدود، وظهرت إلى حيز الوجود كيانات سياسية معاصرة. وقد فُرض هذا النظام على المنطقة بواسطة القوى الاستعمارية، وهو لم يكن بأي حالٍ نظاماً مثالياً. وبرغم كل ما اعتراه من عيوبٍ وثغرات، فقد استمر لما يقرب من مائة عام، حيث ترسخت هويات وطنية جديدة وتعزز وجودها بمرور الوقت. وعلينا أن نتنبه لأهمية هذا "الإنجاز"، ذلك أن نظماً أخرى تهاوت على نحو كامل كالنظام الذي كان سائداً في البلقان على سبيل المثال.
​لماذا استمر النظام القائم في الشرق الأوسط طوال هذه الفترة؟ في ظني أن السر يكمن في الالتزام بمبادئ وستفاليا "السحرية" ؛ ألا وهي السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية. إننا عادة ما نعتبر هذه المبادئ أمراً مفروغاً منه، ونتناسى مدى أهميتها لاستقرار النظم الإقليمية، ولا نُقر بأهمية هذه المبادئ فقط في حالة خرقها!

​ونبه ابو الغيط في الوقت ذاته الى انه جرى توظيف القومية العربية من جانب بعض البلدان في عقودٍ سابقة من أجل تبرير مساعيها للسيطرة. وقد كان التحالف الدولي ضد صدام حسين في 1991، والذي ضم الدول العربية الرئيسية، مثالاً كلاسيكياً لاستعادة النظام والدفاع عن مبدأ أساسي من مبادئ وستفاليا وهو السيادة المتكافئة، حتى لأصغر الدول.
​ولفت الى ان "النظام الوستفالي" في الشرق الأوسط لم يعمل بصورة مثالية بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.

واوضح ابو الغيط ان الإسلام السياسي شكل تحدياً آخر للنظام، حيث  إن الجماعات الإسلامية كان يحركها شعور عميق بالإذلال على أيدي الغرب خلال الحقبة الاستعمارية، ووجد الإسلاميون تربة خصبة لتجنيد الشباب لأهدافهم المتطرفة وبهدف نشر أيديولوجيتهم الأصولية، كما استغل الإسلاميون كذلك الشعور السائد بالظلم الذي أفرزته مأساة الفلسطينيين.
وقال إن حرب الثلاثين عاماً في أوروبا (والتي انتهت بصُلح وستفاليا) تُعطينا درساً بأن إشعال فتيل الأصولية الدينية يُمكن أن يصير استراتيجية فعّالة من أجل حشد الناس صالح أغراض سياسية. وقد كان الحل الذي طرحته "وستفاليا" لهذه المعضلة عبقرياً بحق، إذ أن القاعدة الذهبية التي تقول بأن "كل أمير له استقلالية في الشئون الدينية داخل إمارته" تعني الفصل بين الدين والسياسية في الشئون الدولية، كما تهيء السبيل للتعايش بين أديان وطوائف مختلفة داخل الدولة الواحدة. والحال أن هذا المبدأ ظل يتراجع في الشرق الأوسط منذ هزيمة 1967، فضلاً عن أنه تآكل بصورة أكبر في أعقاب "الثورة الإسلامية" في إيران في 1979. واوضح ان  المساعي الإيرانية لتصدير الثورة تعاظمت بصورة لافتة خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، وساعدها في ذلك التخبط الهائل الذي طبع سياسة القوى الكبرى، وبالتحديد غزو العراق في عام 2003.
وقال ​إن السياسات الإيرانية لم تخلق الفجوة بين السنة والشيعة، فالخلافات العقائدية طالما كانت قائمة داخل الدين الإسلامي. غير أن السياسات الإيرانية استغلت هذه الخلافات وفاقمتها بهدف الدفع بمصالحها الخاصة ومن أجل تعزيز طموحاتها في الهيمنة. ومرة أخرى؛ فإن حرب الثلاثين عاماً تُظهر لنا كيف أن الحروب داخل الدين الواحد ربما تكون الأكثر دموية وبشاعة، ذلك أنها غالباً ما تمتزج بأجندات سياسية. إن المسائل العقدية والإيمانية لا تُمثِل بأي حالٍ جوهر الخلاف، بل السياسة والسعي للنفوذ هما ما يُشكلان السياق الذي تتحول فيه مسائل العقيدة إلى قنابل موقوتة.
واضاف انه ​إذا كانت إيران تظن أنها ممثلة للشيعة في كل مكان، فإن ذلك يعني أننا نعيش في عالم سابق على وستفاليا حيث تتشكل الولاءات وفقاً للانتماءات الطائفية والدينية، بدلاً من تلك الوطنية والعلمانية. وكما نشهد اليوم في سوريا والعراق واليمن، فإن العالم الذي تحكمه هذه المبادئ هو عالم قبيح يقتل فيه الناس بعضهم البعض على الهوية والإيمان الديني. وعندما يواجَه الناس بمثل هذه التهديدات، فإنهم غالباً ما يرتدون إلى هوياتهم الأولية، كما يسقطون فريسة سهلة لأكثر الخطابات تطرفاً وشراً، وهذا بالتحديد هو ما أفرز لنا داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية.
​وقال ابو الغيط ان الاطروحات المتعلقة ب"السيادة المُقيدة"، أو بـ "الضامنين الخارجيين"، لا يُمكن أن يحوز القبول لدى الشعوب والحكومات في العالم العربي ، ذلك لان ذكريات الحِقبة الاستعمارية لم تُمحَ كُلياً، وطرح مثل هذه الأفكار لن يكون من شأنه سوى استحضار تجارب تاريخية سابقة عن المواجهة الطويلة بين العالمين الإسلامي والمسيحي. وبدلاً من أن تُقدم هذه الأفكار حلولاً، فإنها قد تستفز مشاعر الرفض لدى الشعوب العربية التي تعتز باستقلالها وسيادتها.