النهار
الإثنين 28 يوليو 2025 05:24 مـ 2 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الزمالك يعلن التعاقد مع صفقة مغربية رسميا .. بيراميدز يعلن التعاقد مع البرازيلي إيفرتون داسيلفا تشكيل بيراميدز في مواجهة تراكتور الإيراني وصول بيراميدز إلي استاد إسبانكا لمواجهة تراكتور لجنة الرياضة باتحاد المستثمرات العرب تشارك في ماراثون رياضي للجري بالساحل الشمالي مواكبا لاحتفالات الإسكندرية بالعيد القومي ”تعليم الغربية” يكرم أوائل الجمهورية في مسابقات الكمبيوتر التعليمي هندسة المنوفية تحصد المركز الأول عالميا في فئة المحاكاة ومراكز متقدمة في المسابقة الدولية خلال اجتماع موسع.. توجيهات صارمة من محافظ الغربية لتعزيز الخدمات وضبط الأداء التنفيذي محافظ كفرالشيخ يتفقد سوق «اليوم الواحد» بمطوبس بتخفيضات تصل إلى 30% حزب المستقلين الجدد: خطاب الرئيس حول الموقف المصري من غزة كاشف للحقائق ضبط طن زيت طعام مجهول المصدر خلال حملة تموينية بمدينة مطوبس بكفر الشيخ جيهان مديح: مصر تتحرك بشرف ومسؤولية وكلمة الرئيس السيسي عن غزة أخرست المشككين

تقارير ومتابعات

مصر من أكثر الدول ممارسة لهذه العادة بنسبة ٪92 الختان فى مصر..

بكت حين شاهدت بقعة من الدماء أسفل قطعة من الـ"شاش" أسفل خصرها، حين استردت وعيها من تأثير المخدر وهى طفلة فى الثامنة من عمرها، لتحفر قطرات الدم التى شاهدتها مشهداً لا يزال محفوراً أمام ناظريها طوال 30 عاماً.
سوزان البدرى، فتاة من أسوان تعرضت للختان وهى فى الثامنة من عمرها، ورغم وصولها لسن الثامنة والثلاثين إلا أنها لا تزال تتذكر اللحظات التى تصفها بـ"المؤلمة" عن تلك الواقعة.
تروى "سوزان" لـ"النهار" تفاصيل عملية الختان: "كنت أصرخ حين أمسكتنى والدتى لإجراء عملية الختان، ولم أكن أعلم عنها شيئا سوى أن جزءاً من جسدى سيتم اقتطاعه بآلة حادة، وقتها كنت خائفة ولا أفكر سوى فى الألم، لأن قبلها بأيام سمعت صديقتى (فاتن) التى تسكن بجوارنا وهى تصرخ بسبب تلك العملية".
تضيف: "فقدت الوعى ولم أشعر بشىء وبعد أن استيقظت وجدت شاشا مربوطا أسفل بطنى وبه دماء، وقتها صرخت لكن والدتى قالت لى إن الدين يأمر بهذه العملية وإننى يجب أن يتم ختانى لأنه جزء من أدب وشرف الفتاة".
تروى "سوزان" ما وصفته بـ"الأزمة النفسية" التى تعانى منها الفتيات اللاتى تعرضن للختان، والتى تصل إلى حد "البرود الجنسى" حسبما ترى.
تضيف: "بعد أن تزوجت شعرت بمشكلات عديدة فى التعامل مع زوجى، أبرزها عدم التجاوب العاطفى بيننا، ووقعت مشكلات بيننا بسبب ضيقه، حتى إنه وصفنى أكثر من مرة بأننى (باردة)".
انتهت قصة سوزان بالطلاق من زوجها.. لتبدأ بعدها رحلتها لمناهضة تلك العملية، وتُكرس جهدها فى منعها على الأقل من بلدتها القريبة من النوبة.
ختان "سوزان" فى صغرها دفعها للجزم بأنها حين تنجب بناتاً فى المستقبل فإنها لن تختنهن لأنها ترى أن العملية "عادة وليست عبادة" كما قالت لها والدتها قبل أن ترحل عنها.
تضيف: "الأساس هو التربية السليمة لأن هناك العديد من الفتيات تم ختانهن لكن لا يوجد لديهن أخلاق وبعضهن يملكن بيوت دعارة، وعلى العكس أعرف فتيات لم يتعرضن للختان وأخلاقهن قمة فى الاحترام".
تقول: "العادة منتشرة فى الصعيد بشكل كبير وهناك بعض الدايات يقمن بتلك العملية بعد الساعة الثانية صباحاً، وللأسف يلجأ لهن الأهالى بدعوى أن تلك العادة سُنة عن النبى محمد".
تكشف "سوزان" عن أنواع مختلفة من الختان منها ما قالت إنه بدأ ينتشر فى بلدها ويسمى بـ"الختان السودانى" والذى يتم بإغلاق العضو التناسلى للأنثى كاملاً عن طريق "تدبيسه"، كما تقول.
على الرغم من معارضة "سوزان" الشديدة للختان بسبب "الأضرار النفسية" التى لحقت بها، إلا أن "أميرة صالح"، الفتاة الأسوانية، ذات الـ25 عاماً تتمسك بتلك العادة التى ترى فيها "حماية لسمعتها"، وتعتبر تجاهل إجرائها للفتاة فى طفولتها بمثابة "بداية طريق الانحراف".
تقول "أميرة" التى أكدت أنها ستجرى تلك العملية لبناتهن حين يتزوجن: "لا أفهم لماذا يهاجمون الختان، رغم أن الدين الإسلامى أكد أنه أمر واجب على الفتاة، ولا أتفق مع من يقول إن الختان بعيد عن الدين".
تضيف: "العادة إيجابية على عكس ما يقول البعض لأنها تحمى الفتاة وتصونها لحين الزواج، وأنا حدث لى عملية الختان وقت أن كنت فى السابعة من عمرى ولا أجد أى مشكلة فيها".
تتابع: "أهلى وكل من حولى يشجعون على تلك العملية، وقرأت أحاديث دينية كثيرة تؤكد وجوب حدوثها للفتاة".
رغم أن "أميرة" تحمل درجة البكالوريوس فى العلوم إلا أنها لا تزال مقتنعة بأفكارها حول الختان وتقول: "الفتاة التى لا يتم ختانها يكون سلوكها سيئا فى المجتمع وتنحرف".
وتضيف: "نحن الآن نعيش فى زمن صعب، وهناك تغيرات كثيرة فى المجتمع تدفع أفراده للانحراف، ولا بد من إعادة ضبط المجتمع عن طريق التمسك بثواب الدين والأوامر الدينية، والختان جزء منها".
منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحقوق المرأة حول العالم تؤكد أن ما يزيد على سبعة وعشرين مليون فتاة تعرضن فى مصر لعملية الختان، وهى الأرقام التى وضعت مصر فى مقدمة دول العالم فى تلك العادة، وفق المنظمة الدولية التى لم تختلف إحصائياتها كثيراً عن وزارة الصحة التى أكدت أن ما يزيد على 90% من فتيات مصر تعرضن لتلك العملية.
مركز "حقوق المرأة والصحة الإنجابية" فى أسوان لا يزال يعانى مما يسميه "ضيق المفاهيم" فى صعيد مصر بشأن تلك العادة، فمحاولات عديدة بذلها المركز بمعاونة مدربى الصحة الإنجابية لإبعاد الفتيات عن تلك العادة إلا أن نسبة النجاح لا تتعدى 10% وفق منى عبدالفتاح، مديرة المركز.
تقول "منى": "حاولنا كثيراً وقدمنا مبادرات ومنشورات توعية حول خطورة عادة الختان، وإنها ربما تصل بالفتاة إلى الوفاة فى حالة حدوث نزيف لها، لكن قابلنا الأهالى بهجوم شديد واتهمونا بأننا نهدم ثوابت الدين والمجتمع".
تضيف: "فى إحدى المرات هاجمنى أحد المتشددين دينياً وقال إننى أريد أن تنحل وتنحرف الفتيات بسبب توعيتهم بخطورة إجراء عملية الختان".
تعتبر "منى" أن الختان بمثابة "عنف ضد المرأة" وتروى عن حالات تعرفها فى أسوان توفيت بسبب إجراء تلك العملية فى منتصف الليل ولم يتمكن ولى أمر الفتاة المتوفاة من الذهاب بها للمستشفى خوفاً من المساءلة القانونية لأن القانون يُجرم حالياً إجراء تلك العملية ويعتبر ولى الأمر مسؤولا أمام القانون.
تقول: "لا نزال ننادى بعدم الختان ولن نصمت إلا بانتهاء هذه العادة تماماً من مجتمعنا لأنها منتشرة جداً فى صعيد مصر وتحديداً أسوان والنوبة، ورغم أننا قمنا بعمل فصول صحة إنجابية بها فئات عمرية مختلفة من الفتيات المقبلات على الزواج أو الجدات المؤثرات على المجتمع وعرضنا عليهن ختان الإناث لكن أغلبهن لم يكنّ متقبلات بدعوى أن الأهل والأمهات كنّ يقومن بتلك العملية ورفضنها لأنها ورث من الأجداد".
محاولات عديدة بذلتها "منى" مع شقيقتها "فاطمة" والدة "أميرة أحمد حسن"، لإقناعها بعدم إجراء العملية لابنتها، وانتهت بالنجاح، بعد أن اقتنعت الأم وابنتها بخطورتها والضرر الذى قد ينجم عنها.
تقول "أميرة": "كان لدى أفكار مشوشة فى البداية، والدتى تقول إنه ضرورة وإنه سُنة عن النبى محمد، ولكن حين أقنعت (منى) والدتى بأن الختان مُضر للفتاة ويسبب مشاكل نفسية وجسدية لم يتم ختانى، وفى المستقبل لن أقوم بتلك العملية لبناتى".
وتضيف "أميرة" التى تدرس فى السنة النهائية بكلية السياحة والفنادق: "لا يوجد دين أو شرع يقر بمبدأ الختان، وعلمت من خلال بحثى أن الرسول نفسه لم يقم بختان بناته، ولا يوجد علاقة بين شرف البنت وسلوكها بالختان".
المسح السكانى الذى تجريه وزارة الصحة بشكل دورى أكد تراجع ختان الإناث من 96% إلى 92% وفق آخر إحصاء صدر فى مايو الماضى، إلا أن باحثين لا يزالون يرون أن النسبة مرتفعة.
ووفقاً للقانون المصرى الصادر عام 2008 فإنه يقوم بتجريم الطبيب الذى يثبت قيامه بعملية الختان وكذلك ولى أمر الفتاة الموافق على العملية، وتصل العقوبة إلى الحبس وغرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه.
ووفقاً لإحصائيات "اليونيسيف" تتصدر مصر قائمة الدول الأكثر ختاناً للإناث بنسبة 92% تليها السودان 90% ثم موريتانيا 69% واليمن 23% وأخيراً العراق 8% من الفتيات.