النهار
الثلاثاء 20 مايو 2025 07:05 مـ 22 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الأسباب الكاملة لفرض العقوبات الاقتصادية على سوريا وتاريخها هل تمهد المرحلة الانتقالية الحالية في سوريا الطريق للإصلاح الاقتصادي؟ أبرز النتائج المترتبة على قرار الرئيس الأمريكي برفع العقوبات عن سوريا وزير الشؤون النيابية يبحث التعاون مع عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ”المشروع X” ينضم لعدد من قاعات سينما الشعب بـ40 جنيه للتذكرة كشفه فيديو علي السوشيال.. ضبط مسجل خطر لاتجاره في المواد المخدرة بالعبور المشدد 5 سنوات للمتهمين بالتنقيب عن الآثار وغرامة 500 ألف جنيه بقليوب عقوبة رداعة.. المشدد 5 سنوات للصوص الخصوص لسرقتهم شخص وإصابته بطلق ناري المشدد 10 سنوات لعجوز العبور لتزويره توكيل والاستيلاء علي شقة سكنية وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة جامعة المنوفية تصدر بيانا بشأن سقوط اسانسير من الدور الثالث بالمستشفيات الجامعية «جبهة إنقاذ الدراويش».. جمهور الإسماعيلي يجمع توقيعات لسحب الثقة من مجلس ”نصر ابو الحسن ”

تقارير ومتابعات

«النهار» تنفرد بنشر أحدث دراسات «مستقبل المشروع النووى»

تنفرد «النهار» بنشر ملخص لأحدث دراسات الدكتور محمد منير مجاهد، المستشار الفني لهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء ونائب رئيس الهيئة السابق لشئون الدراسات، بعنوان ز          العربية، والتى عرضها في لقاء علمى بخبراء من عدة دول عربية نظمته جامعة الدول العربية بمدينة شرم الشيخ منتصف أكتوبر الماضى.

 وقال «مجاهد»، في دراسته التى حصلت « النهار » على نسخة منها، إن الدول العربية ستحتاج بشدة وعلى نطاق واسع خلال العقود القادمة للمحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، فضلاً عن أهميتها الإستراتيجية والاقتصادية والفنية والعلمية، مشيراً إلى عدم وجود أية محطات نووية عاملة لتوليد الكهرباء في البلدان العربية حالياً، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت إعلان العديد من الدول العربية عن خطط لإقامة مثل هذه المحطات، ولكن الدولة العربية الوحيدة التي بدأت فعلا في إنشاء محطات نووية هي دولة الإمارات العربية المتحدة التي يجري فيها حاليا إنشاء أربع محطات نووية ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أولاها في 2017 وهذه المحطات مخصصة لتوليد الكهرباء فقط.

وأشار الدكتور مجاهد إلى أن البدء في تنفيذ البرامج النووية بالعالم العربي من شأنه تحقيق قدر من التوازن الإستراتيجي مع إسرائيل من خلال ما يسمى بالردع بالمعرفة، وذلك بتبني برنامج طموح للاستخدامات السلمية للطاقة الذريـة وفي القلب منها إنشاء محطات قوى نووية..

وأضاف أن إطلاق مشاريع إنشاء محطات نووية بالعالم العربي من شأنه تنمية الحشد الوطني والقومي الذي ستؤدي إليه معركة تنفيذ البرامج النووية العربية بجدية.

ولفت إلى ضرورة الحفاظ على موارد الطاقة البترولية (الزيت والغاز الطبيعي) وهي موارد ناضبة وغير متجددة ولذا يجب التعامل معها بحرص وحكمة حتى لا نحرم الأجيال القادمة من مصادر هامة للتنمية المستدامة والمستقلة، خاصة مع محدودية مصادر الطاقة البترولية في معظم البلدان العربية، وعدم وجود مصادر يعتد بها من الفحم واستغلال معظم الطاقة المائية المتاحة، ورغم وجود إمكانيات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح فإن هذه الطاقات المتجددة ما زالت غير اقتصادية لتوليد الكهرباء بالقدرات الكبيرة التي تتيحها المحطات التقليدية أو النووية، وذلك بسبب عدم انتظامها وانخفاض كفاءتها، وبالنسبة للطاقة الشمسية يضاف إلى ذلك الحاجة إلى منظومات تحكم معقدة وباهظة التكلفة لتتبع حركة الشمس، ومنظومات لتخزين الطاقة الشمسية لاستخدامها ليلا.

طاقة دائمة

وتابع: رغم أن معظم البلدان العربية ليست منتجة لليورانيوم وأنها سوف تضطر لاستيراده إلا أن أسعاره منخفضة وتتميز بالثبات النسبي، ومن ناحية أخرى فإنه بسبب صغر حجم الوقود المطلوب فإنه يمكن استيراد وتخزين الوقود المطلوب لعدة سنوات وهو ما لا يمكن حدوثه بالنسبة للمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم)، فالمحطة قدرة 1000 ميجاوات تحتاج سنويا إلى 25 طن يورانيوم، في مقابل 1,5 مليون طن بترول، أو 2,5 مليون طن فحم».

وأشار إلى أن البرنامج النووي سيسهم في تطوير الصناعة العربية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي طبقا لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة العربية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع، مما يحقق هدفين عزيزين على قلب كل مواطن عربي وهما تعميق دور الصناعة في تنمية البلدان العربية وزيادة الصادرات العربية مما يقضي على البطالة ويرفع مستوى معيشة الشعب، وهو ما فعلته دول أخرى كالهند وكوريا الجنوبية.

وواصل مميزات إطلاق البرامج النووية أنها من شأنها خلق طلب مجتمعي على البحث العلمي وهي المشكلة الرئيسية التي يعاني منها البحث العلمي في بلادنا وفي العديد من البلدان النامية، أي غياب الطلب المجتمعي على البحوث والتطوير في هذه الدول التي تكتفي باستيراد التكنولوجيا من الدول المنتجة لها..

تحلية المياه

وعن خطط الدول العربية لبدء تنفيذ البرامج النووية، أعلنت الأردن في يوليو 2010 عن خطة لإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء تكون عاملة سنة 2020، بقدرة 1000 ميجاوات، قادرة على توفير نحو 20% من الطلب على الطاقة الكهربائية، على أن تُلحق بمحطة نووية أخرى، لتغطي الطاقة النووية 30% من احتياجات الكهرباء بحلول سنة 2030، كما أعلنت الجزائر في مطلع 2011 عن نيتها بناء عدة محطات لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، بحيث يبدأ بناء أول محطة سنة 2020، يليها بناء محطة كل خمس سنوات، وأعلنت البحرين عام 2010 نيتها البدء بإقامة أول محطة نووية سنة 2017، وأنشأت الكويت عام 2010 اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، على أن تسعى لبناء أربع محطات نووية بقدرة 1000 ميجاوات لكل منها، بحيث تبدأ الدراسات لهذه المحطات سنة 2013، وتبدأ المحطة الأولى بالعمل في حدود 2020، وفي يوليو 2010 أعلن المغرب خطة وطنية للطاقة تتضمن إقامة محطات نووية عدة بدءاً من سنة 2022، على أن يتم قبل ذلك إنشاء الهيئات الرقابية والتشريعية اللازمة لمثل هذا البرنامج، وأعلنت المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2012 أنها تخطط لبناء 17 مفاعلا نوويا لإنتاج الطاقة الكهربائية بحلول عام 2032، وأنها تعتزم تأسيس الشركة النووية القابضة لتتولى الإشراف والتشغيل للمحطات النووية التي تعمل على بنائها.

ولفت إلى أن معظم وطننا العربي يقع في المنطقة شديدة الجفاف من العالم أو بعبارة أصح فإن معظم المناطق شديدة الجفاف في العالم تقع في وطننا العربي. ونظرا لثبات كميات المياه المتجددة وتزايد السكان فإن نصيب الفرد السنوي من المياه العذبة المتجددة ينخفض باستمرار مما أدى إلى تحول كثير من البلدان العربية كمصر من بلدان وفرة مائية (نصيب الفرد السنوي أكبر من 1667 مترا مكعبا) عام 1955 إلى بلدان إجهاد مائي (نصيب الفرد السنوي يتراوح ما بين 1000 و1667 مترا مكعبا) عام 1990 وبحلول عام 2020 فمن المتوقع أن تصبح معظم البلدان العربية من بلدان الندرة المائية (نصيب الفرد السنوي أقل من 1000 متر مكعب)، ونتيجة لذلك فقد تزايد اعتماد البلدان العربية وخاصة دول الخليج العربي على تكنولوجيا إزالة الملوحة.

وتعد تكنولوجيات إزالة الملوحة من التكنولوجيات كثيفة الاستخدام للطاقة ولهذا لا يمكن في ظل الاقتصاديات الحالية استخدام المياه العذبة المنتجة في الزراعة - وهي المستهلك الأكبر للمياه - ويقتصر استخدامها في توفير مياه الشرب أو المياه المقطرة اللازمة للعمليات الصناعية ولا يمكن اللجوء لاستخدام تكنولوجيات إزالة ملوحة مياه البحر إلا في إطار خطة شاملة لإدارة المياه واستنفاد الوسائل الأخرى لتوفير مياه الشرب.

 واستطرد: تشكل تكلفة إنتاج الطاقة سواء في صورتها الحرارية أو الكهربية مكونا رئيسيا في التكلفة الإجمالية لتحلية المياه، لذا فقد شرعت كثير من الدول ومنها بلداننا العربية في دراسة إمكانية استخدام الطاقة النووية في تحلية المياه في منظومات أحادية الغرض لإنتاج المياه أو في منظومات مزدوجة الغرض لإنتاج الكهرباء والمياه لما لها من فوائد اقتصادية».

مشاكل تمويلية

 ولفت إلى أن الصعوبة الرئيسية التي تواجه أي دولة نامية في تمويل محطة نووية هي حجم الاستثمارات المطلوبة فالتكلفة الاستثمارية الأولية لمحطة قوى نووية قدرتها 1000 ميجاوات تتراوح من 4000 إلى 5000 مليون دولار أمريكي. والمتطلبات الرأسمالية الضخمة لمحطة تحلية نووية قد تقترب من أو حتى تتعدى حدود الائتمان الكلية المحددة من قبل المقرضين للدولة النامية. ومن ناحية أخرى فقد يمانع المقرضون في تركيز مخاطرهم التمويلية في مشروع واحد بهذا الحجم، وقد يساعد تنفيذ مشروع إيضاحي في تقليل عدم اليقين بالنسبة للتكلفة والجدول الزمني للتنفيذ. يجب أيضا أن يتم تمويل أكبر جزء ممكن من التكلفة الكلية للمشروع من مصادر تمويل وطنية، ولكن في جميع الأحوال يجب تمويل الجزء المحلي من تكلفة المشروع من ممولين محليين.

وشدد على ضرورة الحفاظ على سمعة الدولة بين الممولين وعلى معدلات ائتمانية مقبولة بشكل عام حتى يمكن الحصول على استثمارات وقروض، كما يجب أن يتم التمويل بأكبر نسبة ممكنة من تكلفة المكون المحلي للمشروع بالعملة المحلية ومن مصادر داخل الدولة نفسها مع الاستفادة الكاملة من كل الخبرات المتاحة بالدولة للتعامل مع كافة الجوانب الفنية والمالية والقانونية المعقدة للمشروع.

وتابع: تنصب المخاوف الدولية المتعلقة بضمان استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية دون غيرها على المفاعل النووي ووقوده فقط، فالاستخدام النهائي للطاقة المنتجة في المفاعل النووي - سواء في تحلية مياه البحر أو في أي استخدام آخر ذ           دولة أن تحصل على تكنولوجيا أو مفاعلات أو مواد أو معدات نووية من أي مورد أجنبي إلا إذا كانت قادرة على البرهنة بشكل مقنع للمورد الأجنبي وللمجتمع الدولي بأنها ستستخدمها للأغراض السلمية فقط. هذا هو الوضع السائد في عالمنا اليوم والذي من المتوقع أن يستمر سائدا في المستقبل المنظور».

تعاون عربى مشترك

توعن المجالات الرئيسية للتعاون الإقليمي العربي في هذا المشروع، قال فى دراسته  إن الإطار القانوني يعد من المجالات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالصفات المميزة للدولة، فعلى كل دولة أن تطور الهيكل القانوني الخاص بها، ومع هذا فيمكن للتشاور القانوني أن يكون مفيدا في تسهيل تطوير سلس للمهام والتعهدات المشتركة، وأمام الدول العربية الفرصة لإنشاء هيئاتهم للرقابة والتنظيم النوويين بتبني مقترحات مشتركة وتأسيس قواعد وإجراءات متشابهة أو حتى متماثلة.

وعن التنمية البشرية، فيتطلب تطوير بنية تحتية من العمالة المناسبة للطاقة النووية وقتا طويلا وجهودا كبيرة، ولكن إذا أمكن التشارك في هذه الجهود فسوف يستفيد الجميع، ويمكن تطبيق المنهج التعاوني على كل من محطات التحلية والمفاعلات النووية، إضافة إلى المشاركة في الموارد والخبرات، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون إنشاء مراكز تدريب إقليمية مجهزة بمرافق تدريب راقية كأجهزة المحاكاة ذا فائدة ضخمة للجميع.

 أما عن المشاركة الإقليمية، فتهدف إلى تعظيم النصيب الإقليمي ليس فقط في عمليات التصنيع، ولكن أيضا في كل الأنشطة الأخرى التي يمكن تقييمها بالنقود مثل: الإنشاء، والتركيبات، واختبارات بدء التشغيل، والتشغيل والصيانة، كما يجب التعامل مع التصنيع الإقليمي من وجهة نظر إقليمية لأنه سيؤدي بشكل فعلي إلى توسيع حجم السوق المحتمل، ويعد التوحيد القياسي مجالا آخر لتحسين المشاركة الإقليمية، فمميزات المنهج المشترك ليست محدودة بالمفاعلات النووية ولكنها يمكن أيضا أن تمتد لتشمل محطات التحلية، فتبادل الخبرات والمعاونة المتبادلة وتقليل الجهد الهندسي من خلال تكرار المشاريع تفتح الباب أمام إمكانيات تقليل تكلفة المياه المنتجة، وهناك أيضا إمكانية لنقل المعارف والخبرات والمهارات في مجالات الإنشاءات والتركيبات وتجارب بدء التشغيل والتشغيل والصيانة وهو ما يمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلى فوائد متبادلة لجميع البلاد العربية حتى ولو لم تكن مشاركة بشكل مباشر في مشروع معين. والحاجة إلى تصنيع إقليمي ضخم تعني أنه على البلدان العربية أن تبدأ في تطوير لوائح مشتركة لضمان الجودة والتحكم فيها مقبولة وإن أمكن إجبارية في البلدان العربية كي نخرج من الوضع الحالي الذي يتميز بالتشظي.