السبت 4 مايو 2024 01:48 صـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

أهم الأخبار

جمال فهمي يكتب نداء عاجل إلى الرئيس

 

أبدأ بأن أعزى نفسى وأعزيكم والوطن والأمة والإنسانية جمعاء، فى آخر قوافل الشهداء الأبرار، الذين لا يكاد ينقطع عبورهم اليومى إلى سماء المجد والخلود يوما واحدا، منذ أعلنت أسوأ وأحقر عصابة فاشية عرفها تاريخنا الحديث، حرب تقتيل وتخريب هائلين ومروعين على هذا الوطن شعبًا ودولةً ومجتمعًا.
أكتب هذه الكلمات وقد انهارت مقاومتى، وانفطر قلبى، ولم أتمكن من حبس دموعى، فانفجرت شلالا له طعم المرّ.. ورغم أن دواعى الحزن مشروعة فى هذه اللحظة التى نودع فيها دفعة جديدة من أشرف رجالنا وأجمل زهورنا، فإن الحزن يتوارى أمام الغضب، وشعور كاسح بأننا فى أمسّ الحاجة إلى صلابتنا وعزيمتنا وتصميمنا على النصر وهزيمة أعداء الإنسانية والحياة الكارهين للحضارة والتقدم والترقى، هؤلاء الذين مددنا لهم حبال الصبر طويلا جدا، وتركناهم يقتاتون على تخلفنا وبؤسنا الشامل، ويحرسون تأخرنا، ويعيثون خرابًا فى العقول والأرواح.

ليس عندى مثقال ذرة من شك أن الانتصار على هذه الوحوش الهمجية هو قدرنا المحتوم، لكن متى وبأى كلفة ندفعها من لحمنا الحى؟!
قد يطول زمن تلك المعركة القاسية الصعبة (هى الأصعب فى تاريخنا الحديث) قبل أن تسطع علينا شمس الانتصار، ولكن ليس صعبا أن نختصر الطريق ونقلل الثمن إلى أدنى قدر ممكن.. هنا بالضبط موضوع ندائى العاجل للرئيس عبد الفتاح السيسى..
السيد الرئيس..
أظنك تشاركنى الاقتناع بأن هذا وقت الجد والصدق مع النفس، وأنه لا يصح أخلاقيا ووطنيا، بل ومضر جدا، أن نجامل وندلل أنفسنا ولا نتكاشف ونتصارح، ونبصر عيوننا ونضىء عقولنا بنور الحقيقة، ونتقوى بقوة وعينا بها وتعاملنا الجسور معها.
فأما الحقيقة يا سيادة الرئيس فهى أن خنادقنا على الجبهة ونحن نحارب عدوا لا يفوق إجرامه ووحشيته إلا خيانته وغربته عن هذا الوطن وشعبه، ليست فى أفضل أوضاعها وأحوالها، وأن وحدة صفوفنا اهتزت فعلا، ولم تعد كما كانت عندما نافس الشعب المصرى نفسه فى صنع المعجزات، وحقق أسطورة ثورة 30 يونيو مستعملا سبيكة عظيمة ونادرة صهر فيها كل ثراء تنوعه وثمار حضارته الضاربة فى عمق الزمن، ومن ثمَّ تمكن بسرعة واقتدار من نزع الشوكة المسمومة لعصابة إخوان الشياطين (أكبر وأخطر عصابة على ظهر الأرض حاليا) من بدن دولته ومجتمعه، مرة واحدة وإلى الأبد.
السيد الرئيس..
أنت تعلم أكثر كثيرا من العبد لله، كاتب هذه السطور، أن النصر فى أى حرب خطيرة كالتى تخوضها مصر حاليا، يتطلب أولا وأساسا وقبل أى شىء آخر وحدة وطنية صلبة من النوع العظيم الذى تبدى مفرحا ومذهلا فى مشهد يوم 3 يوليو ، عندما وقفت أنت ورموز الوطن كله معك فى الصورة، تعلن باسم مصر خارطة الطريق إلى تحقيق أحلامنا وحقوقنا فى التمتع بالحرية والتقدم والعدالة والكرامة والمساواة، بعد أن صنع الشعب المعجزة وأزاح عصابة الشر من فوق صدره وكنسها من التاريخ.. هذا المشهد الرائع الذى سيظل محفورا فى ضمير الوطن، نحن الآن فى أمسّ الحاجة إلى أن نستعيده وننظفه من غبار أخطاء وخطايا لا مبرر لها تركناها فى الشهور الماضية، تتراكم على صفحة لوحته الثمينة وتشوهها وتحجب ألقها.
السيد الرئيس..
ولكى لا أبقى فى حدود الكلام العمومى الذى من دون قوام، اسمح لى أن أقترح عليكم أن تبادروا فورا بدعوة كل القوى والتيارات والرموز الوطنية لعقد اجتماع (أو سلسلة اجتماعات) معكم، من أجل الاتفاق على ملامح برنامج سياسى مرحلى شامل نتوحد خلفه جميعا، وعلى هديه يخوض المجتمع والدولة معا الحرب ضد عدو دنىء لا حدود يتوقف عندها غدرهُ وانحطاطهُ وتخريبهُ.
السيد الرئيس.. وفقكم الله.