الأحد 19 مايو 2024 03:59 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
محافظ القاهرة يحضر الجلسة الختامية لمراجعة بعثة البنك الدولى لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ بالقاهرة إحالة ٣ طلاب للتحقيق بسبب الغش الإلكترونى بامتحانات الشهادة الإعدادية في البحيرة ”جامعة بنها” تشارك فى المؤتمر الدولي للتعليم المعاصر في العالم الإسلامي بماليزيا ”بلابل” تكشف عن أبرز أنشطة مشروع مكافحة وحصر العفن البني في البطاطس بعد نجاح التجربة.. تعيين الدفعة الثالثة من قصار القامة بفنادق الغردقة بعد واقعة تداول ورقة امتحان العلوم للشهادة الاعدادية.. محافظ الفيوم يُحيل رئيس لجنة ومراقب أول للتحقيق مكين يكشف عن أنشطة ومؤشرات إدارة الصحة المهنية خلال أبريل الماضى ”تموين البحيرة”: ضبط 3 مخابز لبيعها 66 شيكارة دقيق بلدى مدعم في السوق السوداء في عطلة صيفية.. أول ظهور لـ جوري بكر بعد إعلان انفصالها عن زوجها محافظ الإسماعيلية يستقبل رئيس هيئة قضايا الدولة في مستهل زيارته لمحافظة الإسماعيلية نهائي الكونفدرالية.. أرقام قياسية تنتظر الزمالك حال التتويج باللقب الأبيض يتفوق على الأندية المغربية قبل نهائي نهضة بركان.. تفاصيل

عربي ودولي

داعش تخطط للقضاء على تنظيم القاعدة

أكد "باراك ماندلسون"، أستاذ مشارك للعلوم السياسية في كلية هافرفورد كوليدج، وزميل أول في معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي، في تحليل له نشرته مجلة "فورين أفيرز" في موقعها على الإنترنت، أن نجاح "داعش" في السيطرة على مدن كبري عراقية تحولا جذريا داخل الحركة الجهادية، وعلى وجه التحديد، يمكن أن تحل جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" محل القاعدة بصفتها زعيمة التنظيمات الجهادية.

وأشار إلى أن هذه المنافسة الحاسمة ظلت لسنوات عديدة في طور التكوين؛ إذ يعود الاحتكاك بين الجماعتين (القاعدة وداعش) إلى أعوام مضت. لكن العلاقة لم تصل إلى نقطة الانهيار إلا في أبريل 2013، وذلك عندما وسّع "أبو بكر البغدادي"، زعيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، جماعته في سوريا وحاول إخضاع فرع القاعدة المحلي المسمى جبهة النصرة تحت سلطته.

ويقول "ماندلسون" رفضت جبهة النصرة زعامة "البغدادي"، وحاول زعيم القاعدة "أيمن الظواهري" تلطيف النزاع بإعلانه أن جبهة النصرة سوف تظل مسئولة عن الجهاد على الساحة السورية فيما ستلتزم داعش بالعراق. لكن الأخيرة رفضت قبول قرار الظواهري وواصلت توسعها في سوريا، وفي طريقها سحقت جماعات متمردة سورية أخرى من ضمنها إسلاميون راديكاليون. وسرعان ما استفز اتساع رقعة "داعش" رد فعل عنيف، فشن خصومها من الجماعات المتمردة الأخرى هجومًا مضادًا. ومن جانبها، انحازت "جبهة النصرة" في نهاية المطاف للقوات المناوئة للدولة الإسلامية في العراق والشام. وبحلول فبراير 2014، دفع الصدع بين الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعارضة السورية الظواهري إلى التبرؤ من داعش.
وأوضح ماندلسون أن الخلافات بين الدولة الإسلامية في العراق والشام من ناحية والقاعدة وجبهة النصرة من ناحية أخرى ليست مجرد خلافات على السلطة والسيطرة على الحركة الجهادية، إذ يتساوى في الأهمية مع هذين الجانبين وجود خلافات أكثر حدة بين الجماعتين في ما يتعلق بالاستراتيجية والتكتيكات والسلطة الإسلامية. كما أنهما تختلفان بشأن قضايا من قبيل تطبيق القوانين الإسلامية القاسية وقتل المدنيين الشيعة وحق جماعة واحدة في فرض سلطتها على الجماعات الأخري. ولا تختلف الجماعتان بشأن مشروعية كل هذه الأشياء، لكن "القاعدة" تتسم بأنها أكثر صبرًا، وأما الدولة الإسلامية في العراق والشام فهي عمومًا أكثر راديكالية وتشبثًا برأيها. لهذا السبب، فإن زحفها عبر العراق يمثل ضربة تنظيمية واستراتيجية وأيديولوجية خطيرة للقاعدة.

ويرى ماندلسون أن استعراض القوة من جانب الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" سوف يعلي يدها على الأرجح على "القاعدة" في سوريا وما وراءها، ويرجع ذلك إلى:-
أولًا: حققت النجاحات العسكرية التي أحرزتها الدولة الإسلامية في العراق والشام غنائم كبيرة، حيث نهبت الجماعة ودائع بنكية تساوي ما يقرب من 500 مليون دولار أمريكي، واستولت على كميات كبيرة من العتاد العسكري، وحررت مئات المقاتلين من السجون في المناطق الواقعة تحت سيطرتها الآن. كما أن شعبية الدولة الإسلامية في العراق والشام سوف تزداد على الأرجح بين الراديكاليين، وسوف يترجَم هذا إلى حصول الجماعة على مزيد من التمويل والمتطوعين. وتستطيع الدولة الإسلامية في العراق والشام أن تعبئ بسرعة تلك القوات على امتداد الحد الآخذ في التلاشي بين العراق وسوريا والذي تسيطر عليه الآن بدرجة متزايدة، وتطلق حملات أكثر طموحًا.

ثانيًا: بالإضافة إلى زيادة شعبية الدولة الإسلامية في العراق والشام، فإن زحف الجماعة الإرهابية عبر العراق تتضاءل أمامه إنجازات القاعدة. فأعظم إنجاز حققته "القاعدة" كان هجمات الحادي عشر من سبتمبر في عام 2001. لكن ذلك حدث منذ ثلاث عشرة سنة مضت، وكثير من جهادي اليوم كانوا صغارًا في ذلك الوقت. علاوة على ذلك، فإن الهجوم على الولايات المتحدة لم يكن يُفترض إلا أن يكون وسيلة تؤدي إلى غاية وهي إقامة خلافة إسلامية في قلب الشرق الأوسط. لقد تمكنت الجماعات المنضوية تحت لواء "القاعدة" فعلًا من كسب (ثم خسارة) بعض الأرض في اليمن والصومال وشمال مالي، لكن هذه الأراضي أصغر في مساحتها وأهميتها مما كانت تريد "القاعدة"، وما تسيطر عليه الدولة الإسلامية في العراق والشام اليوم. وعلى الرغم من أن "القاعدة" ربما تكون بدأت المسيرة نحو إعادة تأسيس الخلافة، فإن "داعش" هي التي يبدو أنها بدأت تحقق هذا الهدف.

ثالثًا: النجاح يولد الشرعية. فعلى مدى العام الماضي، تمثل تكتيك "القاعدة" الرئيس ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام في محاولة نزع الشرعية عن الحركة، وقد نجحت استراتيجية "القاعدة" هذه إلى حد ما وحتى الآن، حيث أصدر علماء جهاديون مشهورون مثل أبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني رسائل تأييد للقاعدة وشجبوا الدولة الإسلامية في العراق والشام بقوة، وهو ما صرف بعضًا ممن كانوا سيلحقون بالجماعة المبتدئة عن اللحوق بها. وقد تمكنت الدولة الإسلامية في العراق والشام من تجاوز الحملة الرامية إلى نزع الشرعية عنها باحتفاظها بدعم بعض العلماء الجهاديين الشباب والمشاهير. وحتى قبل المفاجأة التي حدثت في العراق، كان الاتجاه في الحركة الجهادية يمضي نحو إلغاء مركزية السلطة الدينية، حيث تتيح وسائط الإعلام الاجتماعي منبرًا تقريبًا لأي جهادي يتميز بالحضور الشخصي كي يكسب أتباعا. علاوة على ذلك ففي الوقت ذاته، صار الجهاديون الشباب يرون على نحو متزايد الحرس القديم (المتماهي غالبا مع القاعدة) باعتباره منفصلًا عن الواقع، إذ يحترمون المحاربين أكثر من احترامهم علماء الدين. وهذا كله يصب في مصلحة الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولا سيما الآن وقد صار في جعبتها انتصارات حقيقية أحرزتها، ويمكنها أن تستخدم تلك الانتصارات كدليل على أنها كانت مصيبة على طول الخط وأن أساليبها صحيحة. أما انتقادات الظواهري، التي وجهها من مخبئه في باكستان، فهي ضعيفة بالمقارنة.

رابعًا: تصب الرمزية في مصلحة الدولة الإسلامية في العراق والشام. ففي الماضي، وجهت "القاعدة" والجماعات المتمردة السورية والعديد من العلماء الجهاديين النقد لادعاء البغدادي أن الدولة الإسلامية في العراق والشام تمثل إمارة إسلامية حقّة ولها حقوق تفوق أية امتيازات قد يدعيها أي تنظيم جهادي، وذلك بقوله إن السيطرة على أرض ضرورية لإقامة إمارة إسلامية. والآن تسيطر الدولة الإسلامية في العراق والشام على أرض تفوق مساحتها كثيرًا من البلدان. وبالمثل فإنه على الرغم من توجيه النقد إلى البغدادي لاتخاذه لقب أمير المؤمنين - وهو اللقب الذي لا يحمله إلا الخليفة - فإن الإنجازات التي حققها تنظيمة في الفترة الأخيرة تجعل هذا اللقب يبدو ملائمًا، برأي التحليل. علاوة على ذلك، لا يدرك بعض الإسلاميين الراديكاليين أن قوات البغدادي - وتتألف من مجرد 5 آلاف رجل - هزمت 90 ألف جندي في مسيرة نحو بغداد، التي ظلت مقرًا للخلافة العباسية لمدة 500 عام.

وأكد "ماندلسون" أن الحرب شيء لا يمكن التنبؤ به، ومن الجائز أن تتلاشى حظوظ الدولة الإسلامية في العراق والشام إذا لم تتمسك بمكاسبها. ولسوء الحظ بالنسبة للقاعدة والعراقيين والسوريين أن هذا يبدو غير محتمل الحدوث، بحسب الكاتب. فمسيرة الدولة الإسلامية في العراق والشام هي نتاج خطة مدروسة جيدًا استغرق إعدادها وقتًا طويلًا. ويبدو أن الولايات المتحدة غير راغبة في التدخل، يقول ماندلسون، على الأقل التدخل بشكل قوي.

وأفاد الكاتب بأن "القاعدة" تُدرك ذلك، ومن ثم رُغم العداوة بين الجماعتين، يبدو أنها مضطرة إلى تهنئة غريمتها على انتصاراتها. وهي ربما تقدم النصح، لكنها لا تستطيع أن تعارض الدولة الإسلامية في العراق والشام. وأضاف: "سيكون متوقعًا منها أن تقدم الدعم أو على الأقل تهلل لغريمتها لا أن تغرس سكينا في ظهرها". وأشار باراك ماندلسون إلى أن "القاعدة" تتمتع بجاذبية أكبر مقارنة بما تتمتع به الدولة الإسلامية في العراق والشام عندما تحتل الصدارة أسئلة من قبيل كيف تدار منطقة يسكنها مسلمون سنة لا يؤيدون المنظور السلفي الجهادي الراديكالي للإسلام. وعندما تستقر الجبهة وتضع الحرب أوزارها، سوف يعاد طرح مثل هذه الأسئلة وسوف تعاود نقطة الضعف المتأصلة في الدولة الإسلامية في العراق والشام الظهور إلى السطح.

ولفت التحليل إلى أن الدولة الإسلامية في العراق والشام تتميز بأنها قوة ذات قدرات هائلة، لكن إنجازاتها في المعارك لا تضفي عليها أية جاذبية إضافية. وكي تنجح "القاعدة" في تنافسها مع الدولة الإسلامية في العراق والشام، يرى باراك ماندلسون أنه يتعين عليها إحراز تقدمات في مواجهة نظام الأسد، وتنفيذ عمليات نوعية في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، وشن هجمات في الغرب. ومع ذلك، ونظرًا للضعف الذي بدأ يعتري القيادة المركزية لتنظيم "القاعدة"، ومحدوديات الجماعات المنضوية تحت لوائها، وهذه الضربة الأحدث التي وُجّهت إلى سمعتها، فإن قدرتها على التعافي ليست مؤكدة بالمرة، برأي الكاتب.