النهار
الإثنين 17 يونيو 2024 11:09 صـ 11 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

الجامعات ساحة حرب

      تحولت جامعات مصر لساحة حرب يومية حيث  الاضطرابات والاشتباكات بين الطلاب وبعضهم تارة، وبين الطلاب والأمن تارة أخرى ، ووصل الأمر إلى سقوط ضحايا واندلاع حرائق وعمليات تكسير ببعض المبانى فى عدد من الجامعات.. "النهار" رصدت على أرض الواقع  فى هذا التحقيق معرفة ما يحدث وأسباب هذه الاشتباكات فى جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر والتفاصيل فى السطور التالية :-

 

 

فيما كان يستعد طلاب بعض القوى السياسية داخل الجامعة لتنظيم مسيرة تطوف أرجاء الجامعة لإعلان رفضهم دخول الشرطة الحرم الجامعى والمطالبة بالإفراج عن زملائهم المعتقلين، كان الهدوء يخيم على كليات الجامعة التى كان الإقبال فيها قليل لخشية عدد كبير من الطلاب الحضور بسبب الاشتباكات التى تشهدها الجامعة، حسبما أكد طلاب لـ"النهار".

جامعة عين شمس

من جانبه، قال محمود أبو النصر، الطالب بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إن التظاهرات والاحتجاجات التى تشهدها الجامعة، كانت فى البداية فعاليات لما يسمى بحركة" طلاب ضد الانقلاب" وجميعها كانت فعاليات مناهضة لثورة 30 يونيو، ويطالب المشاركون فيها بعودة الرئيس المعزول للحكم.

وأضاف أبو النصر، أنه كنوع من التصعيد من "طلاب ضد الانقلاب" كانوا يخرجون بفعالياتهم خارج أسوار الجامعة، وبعد عدة مرات من الخروج إلى الشارع كنوع من التصعيد، بدأ الأمن فى التعامل مع هذه الفعاليات لفضها، مشيرا إلى أن فعاليات طلاب الإخوان كانت مستنكرة من طلاب الجامعة لأنهم كانوا يقطعون شارع الخليفة المأمون، وفى نفس الوقت طريقة فض الشرطة للفعاليات كانت عنيفة ومستنكرة.

وأوضح أبو النصر، أنهم من الممكن أن يكونوا مختلفين مع مجموعة "طلاب ضد الانقلاب" إلا أنهم فى الحقيقة لم يمارسوا أى أعمال عنف، وأن أقصى ما كانوا يفعلونه هو إلقاء الحجارة على الشرطة، مؤكدا أن تظاهراتهم ليس كما يصورها بعض الإعلاميين، مشيرا إلى أن هناك "قلب للحقائق"، لافتا إلى أن طريقة فض الشرطة للتظاهرات داخل الجامعة دفعت جميع الطلاب صف واحد للتنديد لما وصفه بـ"عنف الداخلية"

أما شيماء كمال، الطالبة بكلية الحقوق، فإنها تقول إنها كانت ترفض تظاهرات الإخوان، ولكنها تؤمن بحقهم فى التظاهر طالما التزموا بالسلمية، مشيرة إلى أن العنف المفرط من قبل الشرطة اتجاه المتظاهرين دفع عدد كبير من الطلاب الغير منتمين للإخوان للتظاهر للتنديد بممارسات الشرطة، خاصة أن قوات الأمن كانت تلقى القبض على طلاب لا علاقة لهم بالتظاهرات.

وشددت شيماء، على ضرورة إيقاف الدراسة حتى تستقر الأوضاع ويتم تدريب الأمن الإدارى للجامعة على التعامل مع التظاهرات، لافتة إلى أن المشكلة تكمن فى أن الأمن الإدارى بالجامعات لا يستطيع مواجهة المظاهرات، وأن قوات الأمن عندما تتدخل لفض التظاهرات تتدخل بعنف مفرط لأن ذلك هو الأسلوب الوحيد الذى تعرفه.

جامعة القاهرة

فى جامعة القاهرة فقد رصدنا فى تجربة على الطبيعة تشديد الإجراءات على البوابات لمنع دخول عناصر من خارج الجامعة وسمح لنا الأمن بتصوير غرفة المحترقة من ىثار العنف  وكما قالت فاطمة محمد، الطالبة بالفرقة الثانية كلية التجارة، إن الجامعة كانت تشهد تظاهرات لطلبة الإخوان ترفع شارات "رابعة العدوية" ولافتات تطالب بعودة الرئيس المعزول للحكم مرة أخرى، وكانوا يخرجون بتظاهراتهم لميدان النهضة أمام بوابة الجامعة، وتحدث مناوشات بينهم وبين الأمن حتى تخطت هذه التظاهرات المألوف بتوجههم إلى ميدان التحرير.

وأضافت فاطمة، أن الأسبوع الماضى بدأ الأمن الإدارى يتعامل من الطلاب بعصى خشبية، مشيرة إلى تعطيل الدراسة هو الحل الأنسب فى الوقت الحالى حتى لا تتفاقم الأمور لأن الأمن الإدارى غير مؤهل للتعامل مع هذه المواقف، معترفة بوجود تجاوزات من الطلاب، إلا أنها أكدت فى الوقت ذاته أنه من غير المقبول أن يقتل طالب ترتيبه الثالث على الدفعة - تقصد  الطالب محمد رضا - ويتهم الأمن زملاءه بأنهم من قتلوه.

ولفتت إلى أن طلاب الإخوان نحوا شعارات رابعة ومطالبهم السياسية جانبا وشاركوا طلاب القوى السياسية الأخرى احتجاجاتهم على دخول الشرطة الحرم الجامعى والتنديد بمقتل الطالب محمد رضا، إلى أن ما فعله الإخوان من خرق للاتفاق الضمنى بينهم وبين الطلاب بعدم رفع شعارات سياسية فى الفعالية التى انطلقت لميدان التحرير دفع الطلاب عدم اشتراكهم مع طلاب الإخوان أى فعالية، مؤكدة فى الوقت ذاته إلى فى القوت الحالى لا تشهد الجامعة أى تظاهرات ترفع شعارات سياسية، وإنما تظاهرات تطالب بالإفراج عن الطلاب المعتقلين والقصاص من قتلة الشهيد محمد رضا.

غائبون

من ناحيتها، قالت ياسمين عبد اللطيف، الطالبة بكلية التجارة، إنها بسبب العنف الذى تشهده الجامعة لا تأتى إلا قليلا ً للجامعة، حيث تعتمد على المذكرات والدروس الخارجية، متهمة طلاب الإخوان بإشعال الوضع داخل الجامعة بهدف تعطيل الدراسة، مشيرة إلى أنها فى البداية كانت ترفض فكرة تعطيل الدراسة، إلا أنها ترى الآن أنه من الحكمة تعطيل الدراسة مؤقتا لإيقاف العنف ، خاصة أن ممارسات الشرطة القمعية التى طالت جميع الطلاب جعلتهم يقفون صفا واحدا لمنع دخول الأمن الحرم الجامعى والإفراج عن زملائهم المعتقلين، وذلك على حد قولها.

جامعة الأزهر

أما إسلام ناجد، الطالب بكلية الهندسة جامعة الأزهر ومسئول حركة طلاب مصر القوية بالجامعة، فيقول  إن كليته تشهد إضرابا من قبل الطلاب، وإن امتحانات التخلفات بالكلية تأجلت بسبب ما تشهده من أحداث، مشيرا إلى أن كانت تشهده الجامعة فى بداية الأمر هو تظاهرات لطلاب الإخوان ترفع مطالب سياسية إلا أن الأمر تغير مؤخرا بسبب التعامل الأمني، وأصبح هناك توحد فى صفوف الطلاب، الذين رأوا أن التعامل الأمنى مع الطلاب غير مقبول، موضحا أن مطلب طلاب الجامعة هو عدم دخول الأمن الحرم الجامعى والقصاص لزملائهم الذين قتلوا فى الأحداث.

ولفت ناجد، إلى أن سبب اشتعال شرارة غضب الطلاب ضد الداخلية مؤخرا هو قيام الشرطة باقتحام الجامعة وكلياتها وقتلها للطالب أحمد ممدوح فى مدرجه والقبض على عشرات الطلاب، فاتخذ الطلاب عددا من الكليات وبعض الدفعات الدخول فى إضراب عن الدراسة، فقررت الجامعة تأجيل امتحانات التخلفات، وحتى اليوم لم يصدر قرار بشأن امتحانات نصف العام، مشيرا إلى أن الطلاب أعلنوا عدم دخولهم الامتحانات إلا بعد الإفراج عن زملائهم المقبوض عليهم.

فيما قالت "عائشة"، الطالبة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، والتى رفضت ذكر اسمها كاملا، إن طالبات الجامعة يتظاهرن دفاعا عما وصفته بـ"الشرعية"، متهمة الأمن بممارسة أعمال عنف ممنهجة ضد الطلاب المطالبين بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأشارت "عائشة" إلى أنهم لن يتوقفن عن تنظيم الفعاليات داخل الجامعة حتى يعود عودة ما وصفته بـ"الشرعية" ودحر ما اعتبرته "انقلاب".

الاعتداءات

من جانبها قالت دكتورة منى صبري، مدرسة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، والتى تم الاعتداء عليها الأسبوع الماضى من قبل طالبات الإخوان، إن التظاهرات التى ترفعها طالبات الإخوان فى فعالياتهم جميعها سياسية، مؤكدة أن الجامعة تعانى من مشكلة أمنية، موضحة أن الأمن الإدارى للجامعة فضلا عن أنه غير مدرب على التعامل مع التظاهرات، فأنه مختلف عن الأمن الإدارى بجامعات القاهرة وعين شمس، حيث أنه فى الجامعتين الأخيرتين الأمن مسئولية شركات أمن، بينما الأمن فى جامعة الأزهر قاصر على موظفين رجال غير قادرين على التعامل مع الفتيات خوفا من تهم التحرش.

وأوضحت المدرسة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، فى تصريحات لـ"النهار" أنها ضد تدخل الشرطة لأنها ترى أن قوات الشرطة مدربة على شكل آخر من التعامل لا يناسب التعامل مع طلاب الجامعة، مشيرة إلى أنها وزملاءها الأساتذة بالكلية ينادون بتعطيل الدراسة بشكل رسمى لأنها معطلة على أرض الواقع، مؤكدة أنه ليس من الحكمة الاستمرار فى الدراسة فى ظل هذه الظروف، مشددة على أنها ليس مع عودة حرس الجامعة، إلا أنها لفتت أن عددا من الأساتذة بالجامعة تقدم بطلب لرئيس الجامعة لحمايتهم، لافتة إلى أن الحماية عندهم هى تدخل الشرطة.

وأشارت صبري، إلى أن المظاهرات  منذ بداية العام الدراسى كانت عادية، حيث يسير الطلاب فى الجامعة بدون أى  مناوشات، ثم  صار هناك هتافات عدائية فأصبح تقع اشتباكات،  ومع تدخل الأمن بدأت الأمور تتصاعد وأصبح طلاب الإخوان أكثر شراسة، وبدأت تقع أعمال عنف ومحاولات لاقتحام الكليات، فى ظل عجز من أمن الجامعة فى حماية الكليات، موضحة أن الوضع مختلف فى جامعة الأزهر وأكثر اضطرابا لأن عددا ممن يطلق عليهم "مؤيدى الشرعية" أكثر، وباقى الطلاب ليس لهم انتماء سياسي، حيث إن جامعة الأزهر لا يوجد بها  ليبراليين أو يساريين مثل الجامعات الأخرى، إلى جانب أن هناك عدد من أعضاء هيئة التدريس ينتمون للإخوان.

وشددت الدكتورة منى صبرى فى تصريحاتها لـ"النهار" على أنه لا يوجد فى الكلية التى تدرس بها أى عقاب إدارى ناجح ضد الطلاب، الذين بدأوا منذ أسبوعين تنفيذ إضراب بالإجبار، حيث منعوا الطالبات والأساتذة من دخول المبنى واعتدوا على عدد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية وسلبوا الدكتورة هدى الزفتاوى حجابها، لافتة إلى أنه فى ظل عجز الأمن الإدارى عن وقف هذه الممارسات، فإن عميدة الكلية لها وجهة نظر بأن نتركهم حتى يزهقوا لأنهم يريدون "عمل شو"، إلا أننى أرى ضرورة وقف هذه الممارسات لأنه لا يصح أن يمنع دكتور من الدخول لإلقاء محاضرته، مشيرة إلى أن طالبات الإخوان يفرضون الحصار وقتما يشأن ويرفعوه وقتما يشأن.

تعطيل الدراسة

وفى ضوء ما توصلت إليه "النهار" من خلال أراء طلاب الجامعات الثلاثة الأكثر اضطرابا "القاهرة" و"عين شمس" و"الأزهر"، إلى جانب رأى إحدى الأساتذة المعتدى عليهن بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، فإن الحل الأنسب هو تعطيل الدراسة وإرجاء الامتحانات حتى تستقر الأوضاع فى البلاد بعد الاستفتاء على الدستور، حيث أكد طلاب جامعتى "القاهرة" و"عين شمس" أن تظاهرات الطلاب أصبحت لا ترفع شعارات سياسية ولم يعد طلاب الإخوان هم من يتصدرون المشهد، حيث توحد الطلاب ضد ما يعتبروه عنف غير مبرر من الشرطة تجاههم دون تفرقة، وصارت المطالب الإفراج عن الطلاب المعتقلين والقصاص لزملائهم الذين يرون أن الشرطة من قتلتهم.

كذلك تعطيل الدراسة بجامعة الأزهر أمر لابد منه، فبحسب ما توصلت له الجريدة من الطلاب وأحد أعضاء هيئة تدريس إحدى الكليات، فإن الوضع مختلف بها، والفعاليات التى تشهدها الجامعة جميعها سياسية، وزادت حدتها ووتيرة العنف بها مع تدخل الشرطة وسقوط ضحايا وإصابات من الطلاب خلال عمليات الفض للتظاهرات، وأصبح الطلاب الغير مسيسين وأساتذة الجامعة عرضة للخطر نظرا لأن الأمن الإدارى بالجامعة غير قادربوضعه الحالى على السيطرة على التظاهرات بالجامعة وطريقة تدخل الشرطة  فى كل مرة يدفع لمزيد من التصعيد.