النهار
الجمعة 19 ديسمبر 2025 10:12 مـ 28 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
النيابة الإدارية تعلن مواعيد سحب وتقديم ملفات مسابقة معاون نيابة دفعة 2024 مصرع تلميذ إثر سقوطه من الطابق الرابع في قنا فاصلة من 6 ساعات وشغالين بالمولد دون أضرار.. مصدر يوضح تفاصيل انقطاع الكهرباء داخل مستشفى قفط التخصصي بقنا بمشاركة 5 دول.. انطلاق مهرجان ”هابا وابا” العالمي لكرة الماء للناشئين بسوما باي بالبحر الأحمر نادي 6 أكتوبر يشتري سيارة اسعاف مجهزة لأول مرة علي مستوي الأندية أفلام من الذاكرة.. ياسر عبد الله يستعيد أرشيف السينما المنسية بمهرجان القاهرة للفيلم القصير ماذا تعني الخطوط الحمراء التي رسمتها مصر بالنسبة لحرب السودان؟ حرية الفن في مواجهة الغضب المحافظ.. متحف فيينا تحت نيران الاحتجاج بسبب أعمال دينية مثيرة للجدل معركة تمويل أوكرانيا تشعل الصراع بين قادة أوروبا.. ماذا يدور في الكواليس؟ صراع القوى الكبرى على المعادن النادرة.. ما هي استراتيجيات أمريكا والصين وروسيا؟ بدء أعمال تطوير مركز الهناجر للفنون ضمن خطة وزارة الثقافة لرفع كفاءة المواقع الثقافية كيف ترى الصحافة العبرية صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر؟

عربي ودولي

صراع القوى الكبرى على المعادن النادرة.. ما هي استراتيجيات أمريكا والصين وروسيا؟

المعادن النادرة
المعادن النادرة

كشف صلاح خليل، الباحث في العلوم السياسية، عن استراتيجيات القوى الكبرى وتحركاتها وأدواتها في مجال المعادن النادرة التي أصبحت محركًا للسياسة الدولية، موضحاً أن الصين تتبنى استراتيجية شاملة ومترابطة تهدف إلى السيطرة الكاملة على سلسلة القيمة في قطاع المعادن النادرة، بدءًا من عمليات التعدين والاستخراج، مرورًا بالتكرير والمعالجة، وصولاً إلى الصناعات التحويلية المتقدمة مثل إنتاج المغناطيسات وقطع الغيار والتقنيات الدقيقة. وتعتمد بكين على مبادرة الحزام والطريق كأداة رئيسية لتمكين شركاتها من النفاذ إلى الأسواق الأفريقية وتأمين مواردها الطبيعية، عبر مشاريع بنية تحتية ضخمة تربط الاستثمارات الصينية بحقوق تعدين طويلة الأمد.

وبحسب تحليل «خليل»، توظف الصين أدوات متعددة تشمل الاستثمارات السيادية عبر البنوك والشركات المملوكة للدولة، والعقود طويلة الأمد مع الدول الأفريقية المنتجة للمعادن، مما يمنحها نفوذًا اقتصاديًا واستراتيجيًا متزايدًا في القارة، كما تُعد الصين اليوم القوة المهيمنة عالميًا في هذا القطاع، إذ تسيطر على نحو 60% من عمليات تعدين المعادن النادرة وأكثر من 90% من عمليات التكرير والمعالجة، وهو ما يمنحها قدرة شبه احتكارية على الإمدادات الخام والمعالجة. وتستخدم بكين كذلك سياسات تصدير انتقائية وقيودًا تكنولوجية عندما تقتضي مصالحها، وقد توظف هذه الإجراءات كورقة ضغط سياسية واقتصادية عند الضرورة. وبذلك أصبحت الصين تمتلك نفوذًا مزدوجًا على كل من المواد الخام وسلاسل التصنيع النهائية في السوق العالمي.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، أكد صلاح خليل أن استراتيجيتها تركز على تنويع مصادر الإمداد وتقليل الاعتماد على الصين، من خلال بناء شراكات استراتيجية مع الدول الحليفة وتعزيز القدرات المحلية في مجال التعدين والمعالجة. كما تعتمد واشنطن على الحوافز الصناعية والمالية لجذب الاستثمارات، إلى جانب برامج دعم التعدين في الدول الصديقة مثل استراليا وكندا وعدد من الدول الأفريقية، وذلك بهدف تأمين سلاسل الإمداد الحيوية وتجنب المخاطر الجيوسياسية، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الولايات المتحدة أدوات القوة الناعمة مثل الدعم الاقتصادي، والتعاون التقني، وبرامج الشفافية والحكم الرشيد، مقابل النفاذ إلى الموارد الطبيعية. وتلجأ عند الضرورة إلى الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على الدول التي تعارض توجهاتها الاستراتيجية.

ويشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن كانت قد أطلقت في عام 2022 شراكة الأمن المعدني (MSP) التي تضم 14 دولة، بهدف تسريع تطوير سلاسل توريد متنوعة للمعادن الحيوية بالتعاون مع القطاع الصناعي. كما أدرجت الولايات المتحدة التمويل المحلي للمعادن ضمن قانون خفض التضخم، وعقدت اتفاقيات ثنائية في مجال المناخ والمعادن الحيوية مع دول مثل استراليا واليابان. وتسعى واشنطن عبر هذه الجهود إلى تحقيق الاكتفاء الاستراتيجي وتقليل الاعتماد على الصين، من خلال تطوير قدراتها الصناعية المحلية، وتوسيع شبكات الشراكة والتعاون في أفريقيا وآسيا.

وبالنسبة لروسيا، بحسب الباحث في العلوم السياسية، أكد أن موسكو تتبنى نهجًا مزدوجًا يجمع بين الأمن والاقتصاد لتحقيق نفوذها في قطاع الموارد الأفريقية. وعلى المستوى الأمني، تستخدم روسيا القوات شبه العسكرية مثل فاغنر «أو ما يعرف لاحقًا بالفيلق الأفريقي» لتقديم خدمات أمنية وتدريب لقوات الشرطة والجيوش المحلية في دول مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو. في المقابل، تحصل الشركات الروسية على حقوق تعدين واستخراج الموارد المعدنية، بما في ذلك الذهب والمعادن النادرة، ضمن عقود طويلة الأمد.

أما على المستوى الاقتصادي، فتعمل موسكو من خلال شركات ووكلاء محليين لتأمين عقود امتياز للتنقيب عن الموارد، كما حدث في أفريقيا الوسطى حيث حصلت شركات روسية على امتيازات تعدين مقابل الدعم الأمني.

ويعتمد هذا النهج على استغلال الفراغ الأمني والسياسي في بعض الدول الأفريقية لربط المصالح الاقتصادية الروسية بعلاقات أمنية مباشرة، مما يمنح موسكو نفوذًا جيوسياسيًا واقتصاديًا متزايدًا في مناطق حساسة من القارة.

واختتم تحليله، بأنه يمكن القول إن الصين تعتمد على الهيمنة الاقتصادية والبنية التحتية كوسيلة نفوذ طويلة الأمد، بينما تركز الولايات المتحدة على التحالفات والشراكات الصناعية لضمان أمن الإمدادات، في حين توظف روسيا الأدوات الأمنية والعسكرية لتعزيز نفوذها الاقتصادي. وفي ظل هذه الاستراتيجيات، تُعد أفريقيا اليوم ساحة التنافس الجيواستراتيجي الأهم بين هذه القوى، في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والتقنيات المتقدمة التي تعتمد أساساً على المعادن النادرة.