ستيف بركات لـ”النهار”: دار الأوبرا المصرية معلم ثقافي وورث الروح الموسيقية من لبنان
في حوارٍ خاص، يفتح الموسيقي والملحن اللبناني الكندي ستيف بركات، قلبه للحديث عن تجربته الفنية والإنسانية، بمناسبة زيارته الأولى إلى مصر وتقديمه حفله في دار الأوبرا المصرية ضمن جولته العالمية "نيورياليتي – Néoréalité".
يتحدث عن سر ارتباطه بمصر في هذا التوقيت، وتأثير هويته المزدوجة على موسيقاه، وكواليس حفله في القاهرة، ورحلته الممتدة بين الشرق والغرب، حيث تمتزج العاطفة بالشغف، والموسيقى بالسرد الإنساني العميق.
- ما السر وراء اختيارك لعزف موسيقاك في مصر بالفترة الحالية
شعرتُ في هذه اللحظة وكأنها التقاء طبيعي لدروبٍ عديدة. جولتي العالمية "نيورياليتي - Néoréalité " مبنية على الحوار الثقافي، ومصر - بتراثها الفني والإنساني العريق الذي يمتد لآلاف السنين - لطالما أسرتني بسحرها الخاص. تقديم موسيقاي هنا للمرة الأولى هو بمثابة تكريم لأكثر من سبعين عامًا من العلاقات الدبلوماسية بين كندا ومصر. أحيانًا يختار القدر التوقيت المناسب... وفي هذا العام، أعتقد أن مصر فتحت لي أبوابها في اللحظة المثالية.
- ماذا تمثل لك دار الأوبرا المصرية
دار الأوبرا المصرية ليست مجرد مكان لإقامة الحفلات، بل هي معلم ثقافي بارز تتلاقى فيه التقاليد والامتياز والفخر الوطني. كان الوقوف على خشبة مسرحها للمرة الأولى بمثابة دخول حرم راقٍ للفنون، مكانٌ يتردد فيه صدى الموسيقى بما يتجاوز الصوت ليصبح جزءًا من سردية ثقافية أوسع. لقد كان الأداء هناك شرفًا عظيمًا.

- بعد تقديم عروض في العديد من البلدان خلال جولتك "نيورياليتي - Néoréalité "، كيف وصفت حفلتك في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة؟
قدّمت لي القاهرة تجربة فريدة لا تُنسى. فرغم أنني قدّمت عروضًا على مسارح لا تُحصى حول العالم، إلا أن حفلي الأول في مصر كان له وقع عاطفيّ عميق. استمع الجمهور بمزيج من الدفء والحدس والفضول الصادق، وتفاعلوا بعمق مع القصص الكامنة وراء الموسيقى. ساد القاعة جوٌّ من التناغم الروحيّ جعل الأمسية تبدو خالدة. لقد أصبحت القاهرة بحقٍّ واحدة من أكثر العروض تأثيرًا في جولتي بأكملها.
- كونك لبنانيا كنديا .. هل كان لذلك تأثير على موسيقاك وكيف؟
بالتأكيد، كلا الهويتين تُشكلان جوهر موسيقاي. من تراثي اللبناني، ورثتُ الروح الغنائية والإيقاع الحيوي المُعدي للشرق الأوسط. مقامات الموسيقى، والعبارات المزخرفة، والفروق الدقيقة في النغمات، والعمق العاطفي للموسيقى العربية، كلها جزء لا يتجزأ من تكويني الفني منذ الصغر. حتى عندما أكتب ضمن التقاليد الكلاسيكية الغربية أو السينمائية، يظهر ذلك الشعر الشرقي بشكل طبيعي، في الطريقة التي يرتفع بها اللحن، أو ينحني، أو يتوق إلى ما هو أبعد من النوتات.

أما كندا، فقد شكلتني من خلال ثراء مختلف ولكنه لا يقل عمقًا. إنها بلد تشكل عند ملتقى ثقافات الأمم الأولى، والأمريكية، والبريطانية، والفرنسية - فسيفساء ثقافية واسعة. نشأت في كيبيك، محاطًا بهذا التنوع من التقاليد واللغات والتأثيرات الفنية. علمتني كندا التوازن، والفضول، والقدرة على التنقل بين عوالم مختلفة مع الحفاظ على هويتي.
لقد لبنان منحني الشعر والحيوية، في حين منحتني كندا الأفق والانسجام. ومعاً، شكّلا في شخصيتي اللغة الموسيقية التي أشارك من خلالها قصتي مع العالم.
- من هم الموسيقيين العالمين الذين أُثروا بك؟
أستمد إلهامي من عوالم موسيقية متعددة. ففي شبابي، كعازف بيانو وملحن، تأثرتُ بعمق راخمانينوف Rachmaninoff العاطفي، وشاعرية شوبان Chopin، وألوان ديبوسي Debussy الانطباعية. كما تأثرتُ بشدة برموز العصر الحديث مثل مايكل جاكسون Michael Jackson وستيفي وندر Stevie Wonder، الذين وسّعت براعتهم الفنية وابتكاراتهم الموسيقية آفاق إبداعي. ولعب أساطير موسيقى الجاز دورًا محوريًا في صقل مفرداتي الموسيقية، ولا سيما بيل إيفانز Bill Evans بتناغماته الشعرية، وأوسكار بيترسون Oscar Peterson، الذي لاقت براعته وأسلوبه الموسيقي صدىً عميقًا في نفسي كموسيقي كندي. وقد أسهم كلٌّ من هؤلاء الفنانين في إثراء ذائقتي الفنية التي تُشكّل موسيقاي اليوم.



.jpg)

.png)


.jpeg)

.jpg)



