النهار
الأربعاء 19 نوفمبر 2025 11:59 مـ 28 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
سعر الكيلو يصل لـ 6 ألاف جنيه.. نجاح زراعة الشاي الأزرق لأول مرة بالبحيرة ذهب أخضر في أرض الرمال: حكاية حصاد ثمرة الجنة ”الزيتون” في البحيرة “بإيدي المليانة تعب.. علمت ولادي” ..أم جمال تحصد الحقول بحكاية وجهها الشمس ويدها الأرض منال رشاد.. من ربة منزل إلى مصممة فنون الكونكريت بتكلفة 525 مليون جنيه… مستشفى العبور تدخل مرحلة التشطيبات الأخيرة عدالة صارمة… تأييد السجن المؤبد لثلاثة متهمين أحرزوا مخدرات وأسلحة نارية وبيضاء بالقليوبية «نتورك إنترناشيونال» تستعرض أحدث حلول التكنولوجيا المالية خلال معرض Cairo ICT 2025 مختصون خلال AIDC: تسونامي الذكاء الاصطناعي يهدد الهوية والسيادة العربية خبراء: الـ eSIM تعيد تشكيل أمن إنترنت الأشياء في مصر.. ويطالبون بـ”الأمن منذ التصميم” لمواجهة تحديات المدن الذكية سفير فنزويلا يشارك في احتفالات ذكرى افتتاح قناة السويس الإدارية العليا تستقبل 114 طعنًا على نتائج انتخابات مجلس النواب 2025 في اليوم الأول الملتقى الأول للإبداع يكرم اسم الشاعر السعودي علي حسن غسّال

ثقافة

”بدون أوراق رسمية”.. مجموعة قصصية تناقش الهوية والتحولات المعاصرة

صدرت حديثا، المجموعة القصصية "بدون أوراق رسمية" للكاتب والناقد السينمائي كمال القاضي، لتكون متاحة لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال يناير المقبل.
المجموعة في 100 صفحة من القطع الصغير، عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع، تخصص مؤلفها كمال القاضي في الكتابة والقصة والنقد السينمائي، كما سطر المقالات في السينما والأدب، وتقديم القراءات المعمقة في أجناس أدبية مختلفة مثل الرواية والقصة القصيرة والشعر والدراسات الأدبية، بخلاف اهتمامه بالعلوم السياسية والإعلامية، وتحليلاته للمهرجانات والقضايا السينمائية المتنوعة.
في مجموعته «بدون أوراق رسمية» يضع كمال القاضي القارئ منذ عنوانها في مواجهة أسئلة الهوية، والانتماء، والتحولات العاصفة التي يعيشها الإنسان المعاصر، وعنها تقول الناقدة والأدبية منال رضوان، إن عنوان المجموعة يوحي منذ الوهلة الأولى بحالة من التشظّي وعدم الانتماء واللا شرعية، ويضع القارئ أمام شعور بالضياع بين الفرد ومجتمعه، و تتيح أكثر من قراءة لكل نص، وهو ما يعكس ثراء التجربة، والنهاية الصادمة في بعض القصص يمكن تأويلها نفسيا لا الاكتفاء فقط بالتأويل النقدي؛ مما يستتبع بالضرورة أن يكون الناقد على دراية كافية بالفلسفة وعلم النفس والمنطق، بخلاف الطابع السينمائي الواضح في بناء المشاهد.

ومن أجواء المجموعة قصة "لقاء عابر بفتاة جميلة" :

"كان رجب حسان هلالي القرش» قد بلغ عامه الأربعين حين التقى بالفتاة الجامعية صدفة في نادي الإعلاميين ذات ليلة من ليالي رمضان في عام 2001، كان يجلس على مسافة صغيرة منها فرآها وهي تنظر إليه خلسة بين الحين والآخر، لم يعبأ كثيرا بنظراتها الفضولية فهو مشغول بما يستعد له، حيث يتأهب لتسجيل حلقة تليفزيونية عن برامج ودراما رمضان ولا بد أن المعد والمذيعة وفريق العمل في طريقهم إلى النادي، فالساعة تشير إلى التاسعة مساءً وعليه أن يركز في مراجعة عناوين ومضامين المسلسلات والبرامج، التي سيتحدث عنها فهو يحب دائما أن يكون في المستوى اللائق من حيث الأداء ويخشى أن تخونه الذاكرة فينسي تفصيلة مهمة تخص مسلسل أو برنامج.
قبل اقتراب موعد التصوير طلب فنجان قهوة من الجرسون، وبينما هو غارق في سرحانه جاءته الفناة الجالسة قبالته على الطاولة الأخرى وسألته بجرأة وبدون مقدمات: حضرتك ممثل ولا مذيع ؟ فنظر إليها مليا في دهشة واستغراب: لا هذا ولا ذاك أنا كاتب صحفي أكتب في السينما والقضايا الثقافية، ولي عدة إصدارات منشورة ومتوافرة في المكتبات.. هل التبس عليك الأمر فظننت أنني ممثل أو مذيع عندك حق لقد صاروا أكثر من الهم على القلب، لكنهم مشهورون ولا تخطئ العين غير المغمورين منهم.
ضحكت في خجل كمن استشعر الحرج الجهله بالنجوم من أهل الفن والتمثيل، وفي محاولة منه لإزالة الحرج عنها دعاها رجب حسان للجلوس معه الحين وصول فريق العمل بالتليفزيون ولكي يشجعها على الموافقة، قال لها في تودد: اجلسي لتحضري التصوير وتقولي لي رأيك في أدائي بعد الحلقة وقبل أن تصرح بالقبول أو الرفض بادر قائلا: تشربي إيه؟ وبسرعة استدعى الجرسون قلم تجد بدا من الجلوس.
جلست أمامه في أدب جم وبحركة عصبية أخذت تنقر بأصابعها الطويلة على الطاولة فى ارتباك، وحتى لا تطول لحظات الصمت والحرج، بدأ رجب بسؤالها : هل شاهدت أيا من مسلسلات رمضان هذا العام؟
فابتسمت : لا فأنا لست من متابعي التليفزيون والبرامج بدقة، كل ما في الأمر إني شبهت على حضرتك .. أنا فقط أتفرغ للتدريس.
- أنت مدرسة إذن.
- نعم مدرسة وخريجة كلية التربية، ولكن للأسف ليس لني أية هوايات فظروف العمل لا تسمح لي بممارسة أي شيء آخر غير التحضير والشرح وتصحيح الكراسات ووضع الامتحانات للطلبة في سنوات النقل.
اقتربت بعض الشخصيات من الطاولة التي يجلس عليها رجب فانقطع الحديث واستدارت الفتاة الجميلة بوجهها وجسمها الممتلئ نحو القادمين لتتبين الأمر، وبصوت عال نسبيًا ألقى المُعد التحية مساء الخير يا أستاذ، كل سنة وحضرتك طيب معلهش اتأخرنا عليك شويه - رمضان وزحمة رمضان بقى الطريق واقف تمامًا وصلنا بصعوبة.
نهض رجب ورد التحية باهتمام، ولكنه انزعج من وصولهم واقتحامهم المباغت قبل أن يعرف شيئًا عن الفتاة، التي يجلس معها فهو لم يسألها عن اسمها بعد ولم يأخذ تليفونها وربما غادرت النادي أثناء تسجيل الحلقة يا للأسف لو فعلت ذلك ستضيع الفرصة ولن تعوض فهي صدفة خير من ألف ميعاد وبالتأكيد لن تتكرر.
حاول رجب أن يُقدم الفتاة لمجموعة الإعلاميين المعد والمصورين والمذيعة بوصفها صديقة لكنه لا يعرف كيف يقدمها وهو يجهل اسمها، انتهت لحظات الاستقبال والسلام وبدأ الاستعداد لتسجيل الحلقة، المخرج يتحدث مع المصور فيما يخص زاوية التصوير المناسبة والمكان الذي سيضع فيه الكاميرا، والمعد يراجع مع رجب حسان هلالي الاسكريبت ويوصيه بالتركيز في التناول والتقييم على مسلسلات بعينها، لأن أبطالها نجوم كبار وسوف يثري الحديث عنها الحلقة ويُعلي من قيمة البرنامج : طبعا حضرتك عارف الكلام ده كله يا أستاذ «رجب» لكن واجب على أن أذكرك به ودي تعلیمات مدير القناة وسياسة عامة زى ما سيادتك فاهم.
يسمع «رجب» التوصيات ولا يركز إلا في وجود الفتاة الجميلة الوقورة، ذات البشرة الخمرية والقوام الممشوق والوجه البشوش، والتي يخشى أن تختفي في لحظة قبل أن تتأكد معرفته بها، فلعلها الشخصية المناسبة، التي أرسلها له القدر لتكون زوجة المستقبل وأم الأولاد ورفيقة المشوار والدرب.
تتداخل الأصوات.. صياح المخرج مع صوت المعد والمصورين مع ضحكات المذيعة وتصاعدها في دلال وجمال بداع وبدون داع، زحام شديد في رأس الكاتب الصحفي، الذي فاته قطار الحب والزواج، ويُريد أن يلحق بآخر عربه منه ليدرك ما فاته.. بدأ التسجيل وانهالت الأسئلة السطحية من المذيعة الشابة حديثة التخرج عن سر جمال بطلة المسلسل الفلاني وصراعها مع النجم العلاني على كتابة وترتيب الأسماء في التتر والخلاف المحتدم حول هذه المشكلة العويصة، «رجب» يتصنع الجدية في الرد على الأسئلة لكنه شارد الذهن ينصب تفكيره كله أمل في الفتاة التي يجتهد في معرفة اسمها ويُخمن، ترى هل اسمها وفاء - فاطمة - منال - عبير - سهير - دعاء ام تراها تحمل اسما حديثا، جومانه - أسيل - رئين - ملك؟
انتهى زمن الحلقة وانطفأت الأضواء القوية الصادرة من الكشافات بعد أن اختتمت المذيعة كلامها بتوجيه الشكر للضيف والوعد بلقاء آخر ونظر الكاتب الصحفي رجب حسان هلالي القرش خلفه فلم يجد الفتاة، التي وعدت بانتظاره لحين انتهاء التسجيل ومنى نفسه بمعرفة اسمها وخطبتها والزواج منها وبني معها صروحا من خيال".