جلود الحمير تقود توتراً في العلاقات الصينية الأفريقية
لم تعد الحمير مجرد حيوانات خدمية، بل تحولت إلى محور لتجارة لها تأثير على العلاقات بين العديد من دول العالم، وتمثل الصين وبعض الدول الأفريقية نموذجًا لذلك. إذ لم تعد الأولى تبدي اهتمامًا خاصًا بتطوير البنية التحتية وضخ استثمارات وإقامة مشروعات وتقديم قروض إلى تلك الدول فحسب، بل إنها أصبحت سببًا رئيسيًا في تفاقم ظاهرة تراجع عدد الحمير في العديد من تلك الدول، والتي تعتمد عليها مجتمعاتها الريفية بشكلٍ كبير، بحسب تحليل لرنا أحمد، الباحثة في العلوم السياسية.
وفق تحليل «رنا»، برزت، مؤخرًا، تجارة جلد الحمير كأكبر تهديد للحمير والمجتمعات المعتمدة عليها، مدفوعة بالطلب المتزايد على المنتج الصيني «الإيجياو»، وهو جيلاتين مشتق من جلد الحمير، ويُعد مكونًا رئيسيًا في الطب الصيني التقليدي. وقد أدت زيادة الطلب عليه في الصين إلى تسريع وتيرة ذبح وتصدير- أو تهريب - الحمير من جميع أنحاء أفريقيا، على نحو يفرض ضغوطًا غير مسبوقة على عدة اقتصادات وطنية.
على مر الزمن، بحسب رنا أحمد، أدت تلك الممارسات إلى انخفاض عدد الحمير في الصين من 12 مليون في تسعينيات القرن الماضي إلى نحو 6.4 مليون في عام 2012، ثم إلى أقل من ثلاثة ملايين عام 2023، وفي سبيل مواجهة ارتفاع الطلب عليه، زادت الصين إنتاجها من «الإيجياو» بنسبة 160 في المئة منذ عام 2016. غير أن هذه الزيادة لم تكفِ لتلبية استهلاك السوق المحلية، مما دفع البلاد للاتجاه نحو أفريقيا بهدف سد الفجوة.
وذكرت الباحثة في العلوم السياسية، أن ذلك يشير بوضوح إلى أن طبيعة العلاقات الصينية - الأفريقية تجاوزت نطاق البنية التحتية أو الاستثمارات، لتمس، بشكل مباشر، الأنظمة البيئية وسبل عيش المجتمعات المحلية. وبالتالي، إذا لم تأخذ الصين احتياجات سكان تلك الدول وأولوياتهم في اعتبارها، فإن ذلك قد يُقوّض سرديتها التنموية ويضعف على المدى البعيد من مستوى القبول الشعبي لسياساتها ونفوذها المتنامي في القارة.
وبشكلٍ عام، أدى ذلك الانخفاض السريع في أعداد الحمير إلى استياء المزارعين المحليين في تلك الدول، حيث ارتفعت سرقة الحمير بنسب كبيرة. وقد تسبب ذلك في تداعيات عدة مثل انخفاض الدخل، وتراجع القدرة على توفير الغذاء ودفع الرسوم المدرسية للأطفال، فضلاً عن انتقال المهام المنزلية التي كانت تعتمد على الحمير - مثل جلب المياه - إلى كاهل الأطفال.


.jpg)



.jpg)


.jpg)

.jpg)
