هل تنظم إيران إلى عمليات التسوية السياسية الشاملة الأوسع في الشرق الأوسط؟

في الأيام والأسابيع الأخيرة ردد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أكثر من مرة، اعتقاده أن إيران ستنضم إلى عمليات التسوية السياسية الشاملة الأوسع في الشرق الأوسط، وهو ما يعني أن ترامب لديه قناعة مستقاة عن معلومات غير معلنة بطبيعة الحال أن إيران تتجه بكامل ثقلها كي تتحول من دولة قضية إلى دولة وطنية، على عكس ما ذهب إليه البعض حول أن معنى كلامه هو سعيه لإسقاط النظام في طهران، وفق تحليل الدكتور محمد محسن أبو النور، خبير الشأن الإيراني.
وقال «أبوالنور» في تحليل له، إن كثير من السياسيين في إيران ينظر إلى الاتفاق الشامل الجاري بين إسرائيل وحماس برعاية مصرية ــ أمريكية ــ قطرية في شرم الشيخ على أنه فرصة تاريخية يمكن أن تفتح نافذة أمام حل دبلوماسي للأزمة بين إيران والغرب تماما كمثل الفرصة التاريخية القدرية التي منحت لبقاء النظام الإيراني عام 1917م، حين اندلعت الثورة البلشفية في روسيا والتي لو لم تقم لكان القيصر الروسي نيكولاي الثاني، احتل إيران وأسقط نظام القاجار.
وأضاف أنه في ذلك الوقت من عام 1917م، لم تكن الثورة البلشفية نتيجة إرادة الحكومة الإيرانية أو سعيها، بل جاءت كمنحة قدرية تاريخية، وبما أن الوضع في غزة ترتبت عليه نتائج لم تكن تحسبها إيران في الحسبان؛ فإن التسوية السياسية الآن هي فرصة لاندماج إيران في المجتمع الدولي في ظل زخم شرم الشيخ الراهن الذي تضع طهران عليه ليس إحدى عينيها بل عينيها الاثنتين.
وذكر الدكتور محمد مُحسن أبوالنور، أن الواقع الراهن يشير إلى أن الدكتور مسعود بزشكيان الذي يتولى السلطة في قصر الباستور الرئاسي، يمكنه إقناع المرشد الأعلى للبلاد، باستثمار هذه اللحظة لإخراج البلاد من المأزق الدبلوماسي الراهن، لأنها مقبلة على حرب لا مراء فيها إن استمر إخفاق الدبلوماسية على ما هو عليه، إذ سعت أمريكا لوضع إيران أمام خيارين إما التفاوض تحت الضغط أو الحرب، وفق ما كتبه، جلال خوش جهره، في مقال نشره بموقع دبلوماسي إيراني يوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025م، تحت عنوان «مفهوم سیاست راهبردی واشنگتن - اروپا در برابر تهران» أي مفهوم السياسة الإستراتيجية لواشنطن وأوروبا في مواجهة طهران.
وقال الدكتور محمد مُحسن أبوالنور، إن أزمة إيران الداخلية تكمن في أن كثيرا من الجهات الضاغطة والتي تؤثر في صنع القرار الأعلى تعاني من الجهل التام بالملفات الدولية المختلفة، فضلا عن أن هذه الجهات منفصلة عن الواقع الدولي تمام الانفصال وما تزال حتى الآن متشبثة بالقيم الثورية لعام 1979م، بمعنى أنها لم تتحرك قيد خطوة واحدة إلى الأمام بعد هذا العام الثوري الرهيب.
ومن المسلم به أن السياسيين المحنكين في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وعلى رأسهم الدكتور علي لاريجاني يدركون تعقيدات الأوضاع الداخلية في إيران والإقليمية خارجها بوضوح ودقة، مع ورود أنباء شبه مؤكدة عن أزمة مائية هائلة ستجتاح إيران قريبا بفعل الضغط عليها من دول الجوار لاسيما أفغانستان.
وأوضح أن إيران التي عودت المراقبين على قدرتها على البقاء على قيد الحياة سياسيا يمكنها التغلب على تلك التيارات الداخلية المتشددة والخروج إلى العالم في ظل رغبتها في الحفاظ على وحدة البلاد وعدم إسقاط النظام بالقوة العسكرية، وهو أمر صرح به علنا وزير الأمن حجة الإسلام والمسلمين إسماعيل خطيب يوم الخميس 9 سبتمبر 2025.