”دماء شقيقين تصرخ من بين القبور”.. مرافعة نارية تكشف تفاصيل الجريمة الغادرة بالخصوص

شهدت قاعة الدائرة الخامسة، بمحكمة جنايات شبرا الخيمة، برئاسة المستشار راغب محمد راغب رفاعي، وعضوية المستشارين أمير محمد عاصم، وأحمد عبد القهار زهوى أحمد، ومحمد يسري البيومي، وأمانة سر رضا جاب الله، واحدة من أقوى الجلسات التى حبست الأنفاس وهزت أركان القاعة غضباً ووجداناً، بعدما صدح صوت المستشار محمد جاد الحق – وكيل النائب العام بنيابة قليوب الجزئية – في القضية رقم 9399 لسنة 2025 جنح قسم الخصوص، والمقيدة برقم 2025 لسنة 2025 كلى جنوب بنها.
حيث جاءت مرافعة النيابة تحت عنوان: "نزعة انتقامية مريضة وأفكار شيطانية قادت المتهم لارتكاب جرمه الغادر"، فأحداث الواقعة تعود لتجرد عامل خردة من إنسانيته وارتكبه جريمة مروعة بقتل شقيقين غدرًا أثناء نومهما.
(صرخة في وجه القاتل.. النيابة تبدأ مرافعتها بآيات من كتاب الله)
حيث بدأ المستشار محمد جادالحق - وكيل النائب العام - مرافعته بقوله بسم الله الحق. بسم الله العدل.. بسم الله الرحمن الرحيم (ولَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) صدق الله العظيم.
(أفظع الكبائر)
قائلاً الهيئة الموقرة... لقد خَضع للاختبار كُل إنسانً محاسبُه الله على ما فعل.. فمنهم من يَجنح إلى الإنحراف عن قواعد السلوك القويم.. وهدي الحقوق السوية والصراطِ المسُتقيم.. ومنهم من ارتكاب مُختاراً أفعالً تُورده المهالِك وتُوجب عليه العقاب.. ولقد أرتكب المتهم في القضية التي جئِنا بها اليوم.. أبشع الجرائمِ وأفجعُها.. فاستمر فى فعل المنكراتِ والمحرمات وظل خطاه في هذه الدُنيا يهَوي.. به من سيئ إلى أسوء.. حتى هان عليه كل فعلً مهما بلغ عَظم إثمه.. وتتبع خُطُوات الشيطانِ حتى وصل به السوء والفُحش.. إلى أن هان عليه قتٌل النفس.. سنُة إبليس وبنيه من بني البشر... ومنه إلى المنكراتِ... ثم الكبائر.. في تدرجً يَفسِد حتى أرتكب أفظع الكبَائر.
(رغبات شيطانية تعرف صاحبها في الظلمات)
وأضاف "جاد الحق" أن هذا حال المتهم القابع أمامنا اليوم خلف القضبان.. سعي خلف رغباته الشيطانية.. حتى أغرقته تلك الرغبات في ظلماتً حَالكة.. حتى تطور به الحال إلى أن نفذ جريمةً هي أكبر الكبائر.. قْتل النفس التي حرم الله... ولجأ لقوله تعالى (ولَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم.. القصاص حياة.. تلك هى حدود الله وهذا شرعه سبحانه وتعالى.. ومن بعده القانون الذى أستمد أحكامِه منه أنه من قَتل يُقتل.
(جريمة لا تبررها خلافات ولا يغفرها الزمن)
وأوضح وكيل النائب العام أننا نقف أمام حضراتكم لنعرض وقائع هذه الجريمة التى أرتكبها المتهم بقلبٍ خالٍ من الرحمةً والندم.. جريمةً أنكشفت فيها ظُلمة النفس حين يغيب عنها الضمير.. وتجرد فيها المتهم الماثل أمامنا من مشاعر الإنسانية ليرتكب جريمةً لا تبررها خلافات ولا يغفرها الزمان.. بكل إصرارً ورغبةً جامحةً فى إزهاق روح المجنى عليهما.
(قلب قاس وغدر في الصباح)
وطالب المستشار "محمد جاد الحق" أن يقص على هيئتكم الموقرة أحداث دعوانا التى وقفت عليها النيابة العامة وصولاً لمشهد النهاية وهو قتل المتهم للمجنى عليهما غدراً.. من هم المجنى عليهما يا سادة شقيقان يكافحا لكسب قوت يومهم.. الأول يُدعى "سيد محمود عبدالله"، والثانى "علاء محمود عبدالله".. شابان يحملان هم الغد يستيقظان صباحاً سعياً لتوفير نفقات يومهما.. يقوما بتجميع المخلفات طوال اليوم.. ثم يعودا سوياً لمسكنهما رغبةً فى قْسط من النوم والراحة.. توجه الشقيقان لمحل إقامتهما يوم الواقعة فى الساعة السادسة صباحاً ليخلدا إلى النوم.. لم يكن يعلم كلاً منهما أن القدر مخبئاً له قاتلاً غادراً هنا يا سادة أتحدث عن المتهم القَابع خلف القضبان أمامنا اليوم.. المتهم / أحمد رمضان إبراهيم دسوقى.. ذلك المتهم الذى أرتكب جريمتهِ بقلبٍ قاسٍ وغليظ.. نتيجة أوهاماً وسراب فى عقله.. وغدراً أشتعل داخل صَدره.
(كواليس جريمة آثمة)
وأوضح أنه أعد سلاح الجريمة (سكيناً) أحضره من مسكنه.. ووضعه بين طيات ملابسه.. متوجه لمسكن المجنى عليهما.. شيطانً يتحرك على الأرض.. ليغدرُ بشابان أمنان نائمان لم يكوناَ فى ساحةِ قتالَ - ولم يكوناَ على طريق خصامِ.. بل كاناَ نائمين فى فراشهماَ.. ينتظران صباحاً جديداً يُشرق على حياتهماَ.. فكان المتهم عالماً بمكان وزمان تواجد المجنى عليهما.. متربصاً متعمداً إزهاق الأرواح.. معداً لسلاح الجريمة و قد خطط وأعد لجريمته الآثمةِ.. فإذا بمتهماً غادراً يكسر بابِ المسكن.. ويُخرج السلاح الأبيض من بين طيات ملابسه.. و يشهرهه فيباغت المجنى عليه الأول وهو نائم بطعنةً.. أستقرت بصدره من الجهة اليسرى.. أيقظته مفجوعاً.. لم يتمكن من فهِم ما يحدث حوله حتى أنِهال عليه القاتل العامد.. بطعناتً بصدره وبطنه ورقبته كما جاء بتقرير الصفة التشريحية.
(المتهم لم يراع حرمة الدم)
وإستكمل "جاد الحق" فأستغاث المجنى عليه وهو يلفُظ أَنفاسه الأخيرة.. بشقيقه المجنى عليه الثانى والذى كان نائماً داخل إحدى الغرف بالمسكن.. فأستيقظ على تلك الإستغاثات ليهرع لإنقاذ شقيقه.. وما إن خرج المجنى عليه الثانى من غرفته حتى عدى نحوه المتهم وأكمل عدوانه.. دون توقفً بل كان مصراً على العنفِ والعُدوان.. فإستخدم ذات السلاح الأبيض الذى كان قد أعده مسبقاً وباغته.. بطعناتً بمناطق متفرقة من جسده كانت كافيةً أن ترديه قتيلاً تأكد المتهم من وفاة المجنى عليهما ولاذ بالفرار.. فأن المتهم الذى أمامنا اليوم لم يراعِ حرمة دمٍ.. ولا قدسيةَ بيتٍ حَول راحة الأبدان إلى موتٍ أبدىِ.
(دماء شقيقين تصرخ بين القبور)
وأكد المستشار "محمد" أن المتهم قتل أخوين غدراً وهَدم أسرةً كاملة.. نشر الرعب فى نُفوس المجتمع.. هنا القاتل خطط مسبقاً بيت نية القتل وأعد سلاحه.. لينفذ جريمته بكل غدرً ووحشيةً مدركاً لكل خطوةً يخطوها نحو إزهاق أرواحً بريئة.. يا قضُاة العدل.. إن دماء الشقيقين تصرخ من بين القبور *أقتصوا لنا من قاَتلنا*.. وليكن حُكمكم جزاءً لما أقترفت يداه.. وصوناً لحرمة الدماء.. وحمايةً لأمن المجتمع وتطهيراً للأرض من مفسدً.
(أدلة النيابة تكشف الحقيقة)
وقال "جاد الحق" الهيئة الموقرة.. بسم الله الرحمن الرحيم ( قُل هاتوا بُرهانكم إن كنتم صادقين) صدق الله العظيم.. سنسرد على مسامع حضراتكم الدليل على ما أتاه المتهمِ من أفعالً قبل المجنى عليهما.. وقد تجسدت تلك الأدلة فى أدلةً قوليةً وفنيةً.
(النيابة سيف الحق)
فبالنسبة للدليلُ القولى.. فنبدأ بإقرار المتهم تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة على ما أقترفه من جرماً.. حتى وإن كان المتهم قد حاول الإدعاء بإقراره من أن دافعه لإرتكاب تلك الجريمة.. هو قيام المجنى عليهما بالتعدى عليه جنسياً منذ سبعة أعوام.. فرغب الإنتقام منهما وكأننا فى غابةً ولسنا فى مجتمعاً له قانوناً يحيمه ويصونه.. إلا أن النيابة العامة وهى سيف الحق تُسرع دائماً لإظهار الحقائق وإثبات الأدلة وتقويتها لنقف فى مرافَعاتنا ندافع عن الحق بصوتاً مرتفع.
(كذب وإدعاء)
موضحاً خلال مرافعته أننا نجد أن النيابة العامة أظهرت كذَب إدِعاء المتهم ضد المجنى عليهما.. فجاء تقرير الطب الشرعى الخاص بالكشف على المتهم للوقوف عما إذا كان قد سبق وتم الإعتداء عليه جنسياً بالنفىِ من أنه لا يوجد فنياً ما يشير إلى سبق إتيانه لواطاً من دُبر فى وقتٍ قديم أو حديث.
ويأتى فى خاتمة الأدلة القولية شهادة شهود الرؤية الذين كانوا متواجدين بمحل الواقعة.. وجاءت شهادتهِم بتحقيقات النيابة العامة متناسقة ومؤيدة لإقرار المتهم بتحقيقات النيابة العامة.
(تحريات المباحث تؤكد القتل العمد)
لافتا إلي أن تحريات جهة البحث جاءت بشهادة مجريها أنها توصلت إلى أن المتهم كان قاصداً إزهاق روح المجنى عليهما معداً ومستخدماً لسلاح أبيض (سِكين) أعده مسبقاً قبل الوصول لمحل الواقعة.
(طعنات وجروح غادرة)
وبالنسبة للأدلة الفنية القاطعة فقد ثبت بتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه الأول بأن:- لوحظ عدد (أربعة) جروح طعنية مستوية الحواف تقع بأوضاع مختلفة بأماكن أعلى يمين ويسار الصدر وأسفل أمامية وسط البطن.. وكذا جروح قطعية بأوضاعِ مختلفة يمين الوجه ووسط ويسار الظهر.. وتعزى الوفاة إلى الإصابات سالفة البيان لما أحدثته من قطعً بالقلب والرئتين والأمعاء ونزيف دموى إصابى غزير أدى إلى حدوث صدمة نزفية أنتهت بالوفاة.
وأضاف وكيل النائب العام "جاد الحق" أنه ثبُت بتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه الثانى بأنه:- لوحظ عدد (ثلاثة) جروح طعنيةٍ مستوية الحواف تقع بأوضاعً مختلفة بأماكن أعلى يمين ويسار الصدر والخط الأبطى الأمامى الأيمن للصدر.. وكذا عدٌة جروحً قطعية بأوضاعً مختلفة.. وتعزى الوفاة إلى الإصابات الطعنية بالصدر والبطن لما أحدثته من قطعً بالقلب والرئة اليمنى ونزيف دموى إصابى غزير أدى إلى حدوث صدمة نزفية أنتهت بالوفاة.. علماً بأن أى من هذه الإصابات كافية بذاتها لإحداث الوفاة.
(عدوان غاشم والقصاص حياة)
وأشاد "محمد جاد" وكيل النيابة أنه ها هى الأدلة تنطق... و الحقائق تصُمت كل إفتراء.. إن العدالة اليوم تنادى بتطبيق القانون بكل حزم.. فالأدلة لم تترك مجالاً للشك فى توافر أركان جريمة.. القتل العمد مع سبق الإصرار.. فالمتهم قد ثبتُت أدانتهِ بالأدلةُ القاطعة التى قدمتها النيابة العامة.. إن ما أرتكبه المتهم كان عُدواناً غاشماً.. وقُوده الغدر.. وسلاحُه الخسة.. وضحيته شابان كانا أمنين بفراشهم.. هل هناك سبق إصرارٍ؟! أوضح من أن يقتحم المتهم مسكن المجنى عليهما ويقتل أرواحاً بلا رحمةٍ ولا شفقةً.
(العدالة رسالة للمجتمع)
الهيئة الموقرة أنتم ثوابت إرساء قواعد العدالة.. وتعلمنا من عدالتكم باَلغ أهمية تحقيق العدل.. أنتم بعد الله سبحانه وتعالى الحصِن والملجأ لكل ذى حقٌ.. فأننا نترك بين يدى عدالتكم الموقرة ميزان الحق.. ليتحقق القصَاص العادل من المتهم.. ذلك الغادر منعدم الرحمة والإنسانية.. إن العدالة دائماً ليست مجرد حكمً يُصدر.. بل هى رسالةً تُبعث للمجتمع بأسره.
(الجرائم لا تجلب سوى الدمار)
مضيفاً إن النيابة العامة بصفتها الحارس الأمين على المجتمع والقانون.. تؤكد أن حماية الأرواح وحفظ الأمن والسكينة العامة.. أسمى وأهم مسئوليتنا التى حملناها دائماً وأبداً وسنقف بالمرصاد حتى أخر الدهر.. لكل مجرماً تسول له نفسه العبث بالأرواح وأمان هذا المجتمع.. إن الحياة هبةً مقدسةً.. منحها الله للإنسان.. ولا يحق لأحدٍ أن يسلبُها بأى ذريعةٍ.. وتؤكد النيابة العامة.. أن الجرائم لا تُجلب سوىٌ الدمار للمجتمع.. ولن يكون المجرم إلا نادماً حين لا ينفع الندم.. إن العدالة لا تؤخذ إلا بالقانون.. حفظ الله مجتمعنا أمناً.
(ختام مرافعة: دعوة القصاص)
وأختتم المستشار محمد جاد الحق - وكيل النائب العام - بنيابة قليوب الجزئية بقوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فسادً فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً).. صدق الله العظيم.