«لم يكن إعلان سلام بل وصاية».. خبايا خطة الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب في غزة

فجر عزت إبراهيم، المُحلل السياسي، مفاجأة في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، موضحاً أنه إحدى المفارقات أن ترامب أعلن عن آلية ثلاثية بين إسرائيل وقطر والولايات المتحدة، رغم أن قطر كانت تُتهم بدعم حماس، مؤكداً أن هذا يكشف عن براجماتية فجة فحتى الخصوم يمكن أن يُعاد تدويرهم كوسطاء إذا كان ذلك يخدم الترتيبات الجديدة، وبالنسبة لنتنياهو، فإن إشراك قطر يخفف من التوتر ويعيد تعريف دورها من داعم إلى وسيط. أما بالنسبة لترامب، فهو يضيف إنجازاً آخر إلى قائمته الطويلة من الصفقات التاريخية.
وقال عزت إبراهيم في تحليل له، إن المشهد في البيت الأبيض كان أيضاً استعراضاً للعلاقة الشخصية بين ترامب ونتنياهو، فالأول قدّم الثاني كـ«محارب» يريد شعبه أن ينهي الحرب ويعود إلى حياة طبيعية، والثاني وصف الأول بأنه «أعظم صديق لإسرائيل»، موضحاً أن هذه اللغة العاطفية هدفت إلى طمأنة الرأي العام في البلدين أن هناك توافقاً كاملاً في الرؤى والمصالح. لكنها في العمق تخفي أن لكل طرف حساباته الخاصة فترامب يريد إنجازاً انتخابياً، ونتنياهو يريد تتويجاً لمسيرته السياسية.
وأضاف عزت إبراهيم، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حرص على رفض أي اعتراف بالدولة الفلسطينية من المجتمع الدولي، واعتبر ذلك تهديداً وجودياً، موضحاً أن هذا الموقف الصارم وجد صدى لدى ترامب الذي استعاد خطابه ضد الأوروبيين الذين اعترفوا بفلسطين: «المهم أن البيت الأبيض تحوّل إلى منصة لتوحيد الموقف الإسرائيلي – الأمريكي ضد أي محاولة لتدويل القضية خارج هذا الإطار الجديد».
وفي الوقت نفسه، حمل خطاب ترامب نبرة هجومية على الأمم المتحدة، والأونروا، والاتفاق النووي الإيراني. أراد أن يُظهر لجمهوره أنه ليس خاضعاً للمنظمات الدولية، وأنه يملك اليد العليا في تقرير مصير القضايا الكبرى. هذا يعكس رؤية تقوم على تقويض المؤسسات المتعددة الأطراف لصالح صفقات مباشرة تُمليها واشنطن وتنفذها الدول الحليفة، وفق «إبراهيم».
ويرى الخبراء أن المشهد إذن لم يكن إعلان سلام بل إعلان وصاية، إذ ستُدار غزة بمجلس دولي، تُموّلها دول الخليج، وتبقى تحت عين إسرائيل الأمنية، بينما الفلسطينيون يُتركون بين خيار القبول أو الإقصاء. بهذا الشكل، أعاد البيت الأبيض إنتاج القضية الفلسطينية في صورة ملف إداري – أمني لا كملف سياسي وطني.
وقال عزت إبراهيم: «شكل شخصي بحت، أراد ترامب أن يقدّم نفسه في صورة الزعيم التاريخي الذي حسم أصعب النزاعات، وأن يجعل من لحظة البيت الأبيض التتويج لإنجازاته. أما نتنياهو فقد رأى في هذه اللحظة فرصة ليُعلن أن حرب غزة لم تذهب سدى، وأنه نجح في تحويل دماء الحرب إلى مكاسب سياسية ودبلوماسية. لكن تحت هذا الخطاب يكمن تناقض كبير: فبينما يتحدثان عن سلام أبدي، تبقى كل أسباب الصراع قائمة، بل وتتعمق عبر تكريس الوصاية
ونفي الأفق السياسي».