كيف راوغ الرئيس الأمريكي الشرق المتوسط وإسرائيل بخطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة؟

قدّم عزت إبراهيم، المُحلل السياسي تحليلاً لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في قطاع غزة، موضحاً أن الخطة صاغت خطاباً مزدوجاً يجمع بين الطموحات الشخصية للزعيمين «ترامب ونتنياهو» ومقتضيات محاولة إعادة ترتيب الإقليم بعد حرب غزة: «ترامب قدّم نفسه باعتباره صانع السلام الأبدي في الشرق الأوسط، واعتبر أن ما جرى هو أعظم أيام الحضارة، رابطاً بين صورته أمام الداخل الأميركي ومكانته التاريخية كزعيم قادر على إنهاء ما استعصى على من سبقوه».
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قدّم هذا الإطار كجزء من إنجاز الحرب الذي يحقّق أهداف إسرائيل الأمنية، مع تحويل النقاش عن غزة إلى سردية كبرى عن مواجهة الحضارة للبربرية. هذا التوازي بين الخطابين يكشف أن المشهد الذي رأيناه لم يكن عرضاً أو استعراضا بروتوكولياً بل إعلاناً عن صياغة جديدة لمعادلة غزة، وفق تحليل «إبراهيم».
وفق تحليل عزت إبراهيم، تعكس لحظة إعلان الخطة مزيجاً من الواقعية السياسية والرمزية، إذ أراد ترامب أن يستحضر صورة الملوك والأمراء والرؤساء العرب والمسلمين، ليُظهر أنه يملك شبكة دعم واسعة وليدحض فكرة أن ما يطرحه منحاز كلياً لإسرائيل، فقد كانت إشارته إلى السعودية وقطر والإمارات والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان ومصر ليست تفصيلة ثانوية، بل ركيزة لخطابه الذي يربط السلام الأبدي بمظلة إسلامية عربية تتولى تنفيذ المهام الميدانية، أما نتنياهو فقد استثمر ذلك ليثبت الادعاء بأن الحرب التي خاضتها إسرائيل لم تُكسبها فقط التفوق العسكري، بل أيضاً الشرعية الدولية والإقليمية لتثبيت ترتيبات جديدة في غزة.
وفق «إبراهيم»، تتضح في ضوء السياق السابق نقطة التحول التي أرادها ترامب، فلأول مرة، يُنقل عبء التعامل المباشر مع حماس إلى دول عربية وإسلامية، كجزء مما تأمل فيه الإدارة الأمريكية من صفقة دولية تقودها واشنطن، هذه الصيغة لا تقتصر على فرض هدنة، بل تسعى إلى إعادة هندسة المشهد برمته عبر نقل المسؤولية إلى أطراف ثالثة، وهذا يعكس تحوّلاً عن نماذج التسوية السابقة التي كانت تقوم على مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. ما حدث في البيت الأبيض هو إعادة توزيع للأدوار، بحيث تُصبح غزة محكومة بوصاية إقليمية – دولية محكمة، تمثل فيها إسرائيل الضامن الأمني وواشنطن القائد السياسي، والعرب والدول والاسلامية هم منفّذو عملية نزع السلاح لمنع أي تراجع أو انتكاسة.
وذكر «عزت»، أنه من أبرز النقاط أن ترامب ربط أي اتفاق بضرورة إطلاق جميع الرهائن خلال 72 ساعة، مع إعادة جثامين القتلى، وهذا الشرط الإنساني في مظهره صيغ بلغة عاطفية حين تحدث عن لقاءات مع آباء الجنود، لكنه في الحقيقة كان مدخلاً لتسويق الخطة إسرائيلياً باعتبارها تحقق مطلباً شعبياً لا يمكن تجاهله، وتحويل المأساة إلى ضمانة سياسية يساعد ترامب على تسويق خطته داخلياً في إسرائيل، كما أعطى نتنياهو غطاءً للقول إن أهداف الحرب تتحقق الآن على الطاولة السياسية بعد أن مهدت لها العمليات العسكرية.