النهار
الأحد 7 سبتمبر 2025 02:14 صـ 13 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

إجراءات جديدة من أمريكا لمواجهة الخصوم مثل بكين وموسكو.. ماذا يحدث داخل البنتاجون؟

ترامب
ترامب

اقترح مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، إعطاء الأولوية لحماية الوطن والنصف الغربي من الكرة الأرضية، وفق مسودة استراتيجية الدفاع الوطني الأحدث، التي وصلت إلى مكتب وزير الحرب بيت هيجسيث الأسبوع الماضي، في تحول مذهل للجيش الذي استمر لسنوات طويلة في التركيز على التهديد المحتمل القادم من الصين.

وبحسب ما نقلت صحيفة «بوليتيكو» عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الإصدارات المبكرة من التقرير، فإن المسودة تضع المهام المحلية والإقليمية فوق مواجهة الخصوم مثل بكين وموسكو، وتُمثل هذه الخطوة تحولًا كبيرًا عن نهج الإدارات الديمقراطية والجمهورية الأخيرة، بما في ذلك خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، حين وصف بكين بأنها أكبر منافس لأمريكا.

ومن المرجّح أن تُثير السياسة العسكرية الأمريكية الجديدة المحتملة حفيظة المتشددين المناهضين للصين في كلا الحزبين، الذين يعتبرون قيادة بكين خطرًا على أمن الولايات المتحدة، ونقلت الصحيفة عن أحد المطلعين على مسودة الوثيقة: «سيُمثل هذا تحولًا كبيرًا للولايات المتحدة وحلفائها في قارات متعددة، فالوعود الأمريكية القديمة والموثوقة أصبحت موضع تساؤل».

تشير «بوليتيكو» إلى أن هذه الاستراتيجية الجديدة المنشغلة بالتركيز على نصف الكرة الغربي يقودها إلبريدج كولبي، كبير مسؤولي السياسات في البنتاجون، والذي لعب دورًا محوريًا في صياغة نسخة التقرير عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى، وكان من أشدّ المؤيدين لسياسة أمريكية أكثر انعزالية، ورغم سجله الحافل كمتشدد تجاه الصين، يتفق «كولبي» مع نائب الرئيس جيه دي فانس بشأن رغبته في تنصل الولايات المتحدة من التزاماتها الخارجية.

يتولى فريق كولبي للسياسات مسؤولية مراجعة الوضع العالمي المقبل، التي تُحدد مواقع تمركز القوات الأمريكية حول العالم، ومراجعة الدفاع الجوي والصاروخي الميداني، التي تُقيّم الدفاعات الجوية للولايات المتحدة وحلفائها، وتُقدم توصيات بشأن مواقع نشر الأنظمة الأمريكية.

عادةً ما يُنشر تقرير استراتيجية الدفاع الوطني مع بداية كل إدارة، وحسب «بوليتيكو»، لا يزال بإمكان «هيجسيث» إجراء تعديلات على الخطة، إلا أنه من نواحٍ عديدة، بدأ هذا التحول يحدث بالفعل، فقد فعّل البنتاجون آلافًا من قوات الحرس الوطني لدعم إنفاذ القانون في لوس أنجلوس وواشنطن، وأرسل عدة سفن حربية وطائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى منطقة البحر الكاريبي لمنع تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة.

كما تشير التقارير إلى أن ضربة عسكرية أمريكية، الأسبوع الماضي، أسفرت عن مقتل 11 شخصًا يشتبه في انتمائهم لعصابة «ترين دي أراجوا» الفنزويلية في المياه الدولية، وهي خطوة كبيرة في استخدام الجيش الأمريكي لقتل غير المقاتلين.

وأنشأ البنتاجون منطقة عسكرية عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك تسمح لقواته باحتجاز المدنيين، وهي المهمة التي عادة ما تكون مخصصة لجهات إنفاذ القانون، وعلى ذلك، من شأن الاستراتيجية الجديدة أن تقلب إلى حد كبير تركيز استراتيجية الدفاع الوطني الأولى لإدارة ترامب لعام 2018، التي وضعت ردع الصين في طليعة جهود البنتاجون.

بينما جاء في الفقرات الافتتاحية لتلك الوثيقة: «من الواضح بشكل متزايد أن الصين وروسيا تريدان تشكيل عالم يتسق مع نموذجهما الاستبدادي»، نقلت الصحيفة عن خبير في السياسة الخارجية الجمهورية، مطلع على التقرير، قوله إن «هذا التحول لا يبدو متوافقًا على الإطلاق مع وجهات نظر الرئيس ترامب المتشددة بشأن الصين».

وواصل ترامب التعبير عن خطاب صارم تجاه الصين، بما في ذلك فرض رسوم جمركية باهظة على بكين واتهام الرئيس الصيني شي جين بينج بالتآمر ضد الولايات المتحدة، بعد لقائه مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العرض العسكري الضخم الذي أقيم في بكين بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية.

ومن المتوقع أن يُصدر البنتاجون كلًا من مراجعتي الوضع العالمي، والدفاع الجوي والصاروخي، في أقرب وقت الشهر المقبل، حيث ستركز كلٌّ منها على مطالبة الحلفاء بتحمل مسؤولية أكبر تتعلق بأمنهم، لتتحرر الولايات المتحدة من هذه الضغوط، ومن ثم تركز جهودها في الداخل، وفقًا للمصادر.

في الوقت نفسه، يشعر الحلفاء بقلق خاص إزاء تداعيات مراجعة الوضع العالمي، نظرًا لأنها قد تؤدي إلى سحب القوات الأمريكية من أوروبا والشرق الأوسط، وخفض برامج المساعدات الأمنية الحيوية.

وفي وقت سابق، أكد مسؤول في البنتاجون ودبلوماسي أوروبي لصحيفة «فايننشال تايمز» بأن مبادرة الأمن في البلطيق التابعة للبنتاجون، التي تمنح مئات الملايين من الدولارات سنويًا للاتفيا وليتوانيا وإستونيا للمساعدة في بناء دفاعاتها والبنية التحتية العسكرية، ستفقد التمويل هذا العام.

وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن الأموال من هذه المبادرة ذهبت لشراء أسلحة أمريكية الصنع وحظيت بدعم قوي، ما ساعد في تسريع تطوير القدرات الرئيسية وتمكين الحصول على أنظمة أمريكية مثل HIMARS.