كيف عززت فكرة تفعيل آلية الزناد الانقسام الداخلي في إيران؟

كشف علي عاطف، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تفاصيل تفاعل إيران مع تفعيل آلية الزناد، مؤكداً وجود انقسام حاد داخل الأطر السياسية الإيرانية، فقبل إقدام الدول الأوربية الثلاث على تنفيذ الخطوة الأولى لتفعيل «آلية الزناد» –أو ما تُعرف أيضًا باسم «سناب باك»– شهدت الأطر والأوساط السياسية الإيرانية انقسامًا حادًا للغاية بين معسكر إصلاحي كان يحث الدولة على تجنب فرض الدول الغربية لهذه الآلية ومعسكر آخر متشدد يقلل من حجم وتداعيات هذه الخطوة المستقبلية على البلاد.
وأكد علي عاطف، في تحليل له، أن الأحزاب والائتلافات والشخصيات الإصلاحية البارزة في إيران حذّرت خلال الأشهر القليلة الماضية من التداعيات الواسعة لتفعيل الآلية على الجوانب الاقتصادية للدولة على وجه الخصوص، ودعت إلى الانخراط في مفاوضات جادة مع الدول الغربية سوف تستفيد منها إيران اقتصاديًا إلى حدٍ كبير وتمنع انزلاق البلاد إلى مرحلة جديدة مزدحمة بالأزمات.
وفي هذا الصدد، كان بيان جبهة الإصلاحات في إيران أبرز دليل على تفاقم الانقسامات في إيران بسبب سياسات الدولة العميقة التي تقود البلاد إلى الصدام مع الغرب عبر تفعيل آلية الزناد، فقد أصدرت هذه الجبهة بيانًا مهمًا يوم 17 أغسطس 2025 دعت فيه الدولة الإيرانية إلى تجنب تفعيل الدول الأوروبية الثلاث لـ “آلية الزناد”، قائلة: إن ذلك ممكن عن طريق الانخراط في مفاوضات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة والإعلان عن الاستعداد للتعليق الطوعي لتخصيب اليورانيوم وقبول إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في مقابل رفع العقوبات بشكل كامل، حسبما جاء في البيان.
وتطرق البيان إلى نقاط مهمة أخرى تعتبرها المؤسسات الأخرى الإيرانية حساسة للغاية مثل تقييد دور الحرس الثوري في الشئون العسكرية وإعادة النظر في السياسة الأمنية الداخلية وحفظ قوة الدفاع الرادع، وتعزيز حرية الرأي، وإصلاح السياسة الخارجية الإيرانية، والتعاون مع دول المنطقة من أجل السلام، خاصة مع المملكة العربية السعودية.
وواجه هذا البيان الإصلاحي موجة انتقادات واسعة من جانب التيارات المحافظة في إيران؛ حيث وصفها البعض منهم بأنه استسلام للأعداء، قائلين: «إن مثل هذه المبادرة الإصلاحية تُضعف من مبادئ الثورة الإسلامية».
واختتم علي عاطف، تحليله، بأن عملية تفعيل الدول الأوروبية «آلية الزناد» ضد إيران أحدثت انقسامًا حادًا في الداخل السياسي الإيراني ينذر بمواجهة النظام لتحديات متفاقمة في الداخل خلال الفترة المقبلة، لعل من بينها ازدياد التوترات ما بين مؤسسة الرئاسة الإصلاحية والبرلمان المحافظ في البلاد، وذلك في الوقت الذي تحتاج فيه إيران إلى لم الشمل من أجل مواجهة التحديات الخارجية الأخرى. وقال: «نستنتج من استعراض توجهات الداخل الإيراني بشأن تفعيل أوروبا آلية الزناد أن إيران تضع عدة خيارات محتملة للرد على هذا التفعيل يأتي على رأسها الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، وتعليق التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإغلاق مضيق هرمز الدولي، ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم».