ماذا تعني السيطرة الإسرائيلية على مدينة غزة؟

كشفت تقارير إعلامية، عن الإجابة الخاصة بالتساؤل الدائر حول المعنى الحقيقي للسيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة، موضحة أن الخطة التي وافق عليها مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لفرض سيطرة عسكرية كاملة على قطاع غزة تمثل انتقالاً خطيراً في مسار الحرب، إذ تذهب أبعد من العمليات السابقة التي كانت محدودة في أهدافها ومناطقها.
وأوضحت التقارير، أن هذه الخطة تتحدى بشكل مباشر توصيات رئيس الأركان وقيادة الجيش، ما يعكس انقساماً داخلياً في مؤسسات الأمن الإسرائيلية حول مدى واقعية واستدامة هذا النهج.
ووفق التقارير تتضمن الخطة الإسرائيلية المعلنة خمسة مبادئ أساسية لإنهاء الحرب في غزة، تشكل ملامح ما تراه الحكومة إطارًا للمرحلة التالية وهي:
- المبدأ الأول هو نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل، بما يعني إنهاء أي قدرة عسكرية أو بنية تحتية قتالية في القطاع.
- المبدأ الثاني يركز على إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين، والبالغ عددهم 50 شخصًا، بينهم نحو 20 تؤكد التقديرات أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
- المبدأ الثالث يتمثل في جعل غزة منطقة منزوعة السلاح، وهو ما يعني إزالة أي مظاهر للتسلح أو القدرات القتالية.
- المبدأ الرابع ينص على فرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع لضمان منع أي تهديدات مستقبلية، مع استمرار الوجود الأمني لفترة غير محددة.
- المبدأ الخامس يتعلق بإقامة إدارة مدنية بديلة لا تضمّ لا حماس ولا السلطة الفلسطينية، لتكون الجهة المسؤولة عن تسيير الشؤون اليومية للسكان، وهو ما يعكس توجها إسرائيليا لإقصاء أي كيان فلسطيني قائم من إدارة غزة.
وأكدت التقارير أن السيطرة الحالية للجيش الإسرائيلي على نحو 75% من القطاع لا تعني إحكام السيطرة الكاملة، إذ تبقى مناطق مركزية مثل مدينة غزة وأجزاء واسعة من الوسط تحت سيطرة حماس أو خارجة عن نطاق العمليات العسكرية المباشرة. هذه المناطق تضم الكثافة السكانية الأكبر ومواقع يُعتقد أنها تحتوي على أنفاق وقيادات ميدانية، ما يزيد من تكلفة التوغل فيها.
وحول اختيار كلمة «السيطرة takeover» أو الاستحواذ بدلاً من كلمة الاحتلال occupation ، أكدت التقارير أن ذلك ليس صدفة، بل يعكس اعتبارات سياسية وإعلامية دقيقة، فكلمة احتلال محمّلة بالمعاني القانونية في القانون الدولي، إذ تعني تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة وتحميل القوة المحتلة مسؤوليات كاملة تجاه السكان المدنيين، كما تعني الاعتراف بأن الأرض تحت سيطرة عسكرية أجنبية بلا سيادة. الحكومة الإسرائيلية تتجنب تاريخيًا وصف سيطرتها على الأراضي الفلسطينية بأنها احتلال، وخصوصًا في حالة غزة بعد الانسحاب عام 2005، لأن هذا الاعتراف سيقوّي المطالب القانونية الدولية ضدها.
وحذر منه محللون في The Washington Post ، من أن تطور الخطة الإسرائيلية للسيطرة الكاملة على غزة يعكس تغيراً في أولويات حكومة نتنياهو من استراتيجية الاحتواء إلى استراتيجية الإخضاع، باعتباره يفتح الباب أمام تورط طويل الأمد قد يفقد إسرائيل القدرة على المناورة السياسية.
وفقاً لتسريبات New York Times وHaaretz، فإن الخطة الإسرائيلية للسيطرة الكاملة على غزة تمثل تصعيداً نوعياً في مسار الحرب، إذ تتضمن تقسيم العمليات إلى مراحل تبدأ بالسيطرة على قلب مدينة غزة، ثم التوغل في المناطق الوسطى التي تضم ما تبقى من البنية القيادية لحماس ومواقع احتجاز الرهائن. هذه الخطوات تستلزم تعبئة إضافية لقوات الاحتياط وإعادة نشر مكثف لوحدات المشاة والمدرعات.
أحد الجوانب المثيرة للجدل هو اعتماد الخطة على إخلاء قسري لعشرات الآلاف من الفلسطينيين من مناطق القتال الجديدة، ما يعني عملياً إعادة إنتاج موجات نزوح جماعي في ظروف إنسانية أسوأ، وهو ما تحذر منه The Guardian باعتباره قد يفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، وبالنسبة للشق الإداري من الخطة يهدف إلى إنشاء إدارة مدنية بديلة لا تضم لا حماس ولا السلطة الفلسطينية، وهو تصور يثير جدلاً حتى داخل إسرائيل، إذ يعتبره بعض المحللين في Yedioth Ahronoth و Times of Israel وصفة لفراغ سلطوي قد ينتهي بعودة الفوضى أو بروز قوى مسلحة جديدة.