بعد 14 عامًا على رحيلها.. هل أنصف النقاد هند رستم أم حاصروها في صورة ”رمز الإغراء”فقط؟

في مثل هذا اليوم، 7 أغسطس، تحل الذكرى الرابعة عشر لرحيل الفنانة الكبيرة هند رستم، واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية وأكثرهن جدلًا وتأثيرًا. ورغم أنها رحلت عن عالمنا عام 2011، فإن صورتها ما زالت حاضرة، ليس فقط كوجه جميل على شاشة الأبيض والأسود، بل كنموذج فني لا يزال يُثير النقاش حول كيف رآها النقاد، وكيف صنّفها الجمهور.
عرفها الجميع بلقب "مارلين مونرو الشرق"، وهو اللقب الذي زادها شهرة وجماهيرية، لكنه أيضًا كما يراه كثيرون اختزلها في صورة محددة، ظلت تلاحقها نقديًا حتى بعد رحيلها.
وهنا يعود السؤال الذي لا يزال مطروحًا: هل أنصفها النقاد فعلًا؟ أم أن هند رستم ظُلمت فنيًا، بعدما حُوصرت في دور "المرأة المثيرة"؟
موهبة تتجاوز الصورة:
رغم شهرتها الواسعة كأيقونة للجمال والإثارة، فإن هند رستم قدّمت أدوارًا من العيار الثقيل، كشفت فيها عن قدرات تمثيلية حقيقية.
في فيلم "باب الحديد" مع يوسف شاهين، لعبت دور "هنومة" بائعة الصحف الشعبية، وقدّمت أداءً اعتبره كثيرون من أبرز الأدوار النسائية في تاريخ السينما المصرية.
وفي أفلام مثل "شفيقة القبطية" و"الراهبة" و"امرأة على الهامش", أظهرت وجوهًا أخرى لها، جمعت بين العمق والجرأة والتراجيديا، ولكن السؤال يبقى: لماذا تم اختزالها، نقديًا، في أدوار الإغراء فقط؟
النقاد... بين التقدير والتكرار:
عندما يُراجع النقاد اليوم مسيرتها، غالبًا ما يبدؤون من شكلها لا من أدائها. فهل كانت هذه النظرة ظالمة؟ أم أن الوسط الفني في زمنها ساهم في تكريس هذا القالب؟ لافت أن هند رستم كانت من أوائل النجمات اللاتي وضعن حدودًا واضحة لما يقبلنه ويرفضنه، وصرّحت أكثر من مرة: "أنا ممثلة محترفة، ولست سلعة للإغراء فقط."
ورغم ذلك، ظلت هذه الصورة تطغى على تقييم أدائها الفني، حتى من بعض أبرز النقاد في زمنها.
الإعلام والجمهور... شركاء في الحصار:
لا يمكن إنكار دور الإعلام في تعزيز صورة "رمز الإغراء" لهند رستم، حيث تصدّرت أغلفة المجلات بجلسات تصوير جريئة، وارتبطت دائمًا بمظهر النجمة الجذابة.
أما الجمهور، فقد أحب هذه الصورة وأعاد إنتاجها في ذاكرته، دون أن يلتفت في كثير من الأحيان إلى قدراتها كممثلة درامية بارعة.
وبين الإعلام والجمهور، وجدت هند رستم نفسها محاصرة في قالب، ربما لم تصنعه بالكامل، لكنها كانت أذكى من أن تنكره.
الآن... حان وقت الاعتراف الحقيقي
رحلت هند رستم منذ 14 عامًا، ولا تزال سيرتها حاضرة بكثافة، لكن حان الوقت لإعادة تقييم مشوارها الفني بعدالة أكبر، بعيدًا عن الصورة النمطية التي رسختها الأضواء، هند رستم لم تكن مجرد "أيقونة إغراء"، بل كانت فنانة تمتلك حسًّا تمثيليًا فريدًا، وذكاءً نادرًا في اختيار أدوارها وموعد انسحابها من المشهد، السينما المصرية أنجبت كثيرات، لكن القليلات منهن فقط تركن هذا الأثر المركّب و"هند رستم" كانت بلا شك واحدة منهن.