النهار
الجمعة 25 يوليو 2025 10:39 مـ 29 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
بيراميدز يختتم تدريباته في مدينة اسطنبول استعدادا لمواجهة قاسم باشا المنتخب الوطني تحت 17 عامًا يفوز على النصر للتصدير بخماسية مجلس حكماء المسلمين يشيد بدور مصر التاريخي في دعم القضية الفلسطينية حزب الوعي: مصر تقود الدفاع عن فلسطين بثبات.. ونرفض التهجير والمزايدات السياسية مدير مكتبة الإسكندرية 2000 طالب وطالبة يشاركون في مؤتمر ”اختر كليتك” بداية من السبت مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة طيران دولية على مدار أسبوع الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج: لها أهداف تحريضية جيهان مديح: دعوات الإخوان للتظاهر ضد مصر محاولة لضرب دعمها لفلسطين ترامب: لقائي مع بوتين وزيلينسكي تأخر 3 أشهر.. لكنه قادم برلمانية: دعوات التظاهر أمام السفارات محاولة خبيثة لضرب صورة مصر المشرفة تجاه فلسطين البديوي السيد: الدعوات المغرضة للتظاهر ضد مصر في الخارج تخدم أجندات مشبوهة وتفتقر للوطنية هل نجح رئيس الموساد في اقناع ترامب بالضغط علي اثيوبيا واندونيسيا وليبيا ؟

تقارير ومتابعات

أهداف إسرائيل الخفية من التدخل في الشأن السوري سيناريو «قديمة حديثة»

هبة شكري
هبة شكري

شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً لوتيرة التدخل الإسرائيلي في الشأن السوري بشكل فج وغير مسبوق، حيث كثفت إسرائيل من غاراتها داخل الأراضي السورية تحت ذريعة استهداف الوجود الإيراني أو حزب الله في لبنان، لكن في الواقع فإن التدخل الإسرائيلي في سوريا يحمل العديد من الأبعاد السياسية والاستراتيجية التي تستهدف استغلال الأوضاع في داخل سوريا بعد سقوط نظام الأسد لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية على حدودها الشمالية، والتأثير في مسار الأزمة السورية بما يخدم المصالح الجيوسياسية لإسرائيل.

هبة شكري، باحث أول بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أبرز ما تسعى إليه إسرائيل في هذا السياق هو تحويل جنوب سوريا إلى منطقة عازلة تضمن القضاء على أي تهديد مستقبلي قد يواجها في المستقبل: «الحقيقة أن أهداف إسرائيل في سوريا لا تقف عند حدود الأمن التكتيكي، بل تأتي في إطار رؤية أوسع ترتبط بطموحاتها لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى على ارض الواقع».

وفق ما روته هبة ل«النهار»، فإن حلم إسرائيل الكبرى يرتكز على إضعاف وتفكيك دول الجوار، بما فيهم سوريا، التي تحتل مكانة محورية داخل هذا التصور، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي وارتباطها التاريخي بالقضية الفلسطينية، فضلاً عن تركيبتها الطائفية المعقدة، وهو ما جعلها في نظر صناع القرار الإسرائيليين دولة قابلة للتفكك وإعادة التشكيل بما يتسق مع الرغبة الإسرائيلية في إعادة رسم منطقة الشرق الأوسط وفقاً للأهداف الإسرائيلية، مؤكدة أن هذه الرؤية ليست تحليلاً افتراضياً، بل تم طرحها صراحة في وثائق استراتيجية إسرائيلية، أبرزها ما يُعرف بـ«وثيقة يينون» عام 1982، التي دعت صراحة إلى تفتيت المحيط العربي على أسس إثنية وطائفية.

وحول علاقة إسرائيل بالدروز وأهدافها، أكدت هبة شكري، أنه على مدار عقود سعت إسرائيل إلى توظيف الدروز واستخدامهم كورقة ضغط داخلياً وخارجياً، ففي الداخل منحتهم تمييز فيما يتعلق بالهوية وفرضت التجنيد الإجباري عليهم كمحاولة لكسب ولائهم، وفي الخارج تعاملت معهم كورقة ضغط ضمن محاولات أوسع لتفكيك المجتمعات المحيطة إلى كانتونات مذهبية متناحرة، بما يسهم في إضعاف محيطها الإقليمي ويسمح لها بلعب دور الراعي الإقليمي للأقليات.

أكدت «هبة»، أنه لا يمكن الحديث عن علاقة إسرائيل بالدروز من دون إدراك استراتيجية إسرائيل لخلق «تحالف الأقليات» وهو أحد محاور الفكر الأمني لـ«ديفيد بن غوريون»، والذي توسع بعد ذلك من خلال خطط إسرائيلية مختلفة شكلت أساساً للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى تفكيك سوريا، والتي تستهدف في النهاية التحول إلى شرق أوسط مجزأ تحت الهيمنة الإسرائيلية.

وبشأن الحديث عن نتائج الهجمات الإسرائيلية، قالت الباحثة هبة شكري: «كان لها أثر واضح على البنية العسكرية السورية»، مؤكدة أنها لم تنجح في إحداث تغيير جذري في موازين القوى داخل سوريا، موضحة أنه يمكن اعتبار الهجمات التي استهدفت مواقع حيوية مثل وزارة الدفاع ومبنى القياد العامة للجيش وبعض الوحدات الإلكترونية والمخابراتية بمثابة إرسال رسالة تحذير مباشر للنظام السوري بعد تدخله العنيف في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، حيث شهدت المنطقة اشتباكات دموية بين الدروز والبدو، رافقها تدخل عسكري من قوات النظام، مفادها أن أي محاولة من النظام لكسر التوازن في السويداء أو فرض الهيمنة بالقوة على طائفة تحظى بعلاقات خاصة مع إسرائيل، ستُقابل برد مباشر، حتى في عمق العاصمة دمشق.

وأشارت إلى إن ما يحدث ليس معزولا عن رغبة نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في العودة إلى نهج الردع، ففي وقت تشهد فيه محاولات حكومته للتوصل إلى اتفاق في غزة حالة من الجمود، وفي ظل هذا التعثر، يبدو أن نتنياهو يحاول تعويض ذلك باستعراض القوة على الساحة السورية، حيث يسعى إلى إيصال رسائل متعددة أولها للقيادة السورية، مفادها أن أي اقتراب من حدود إسرائيل الجنوبية سيواجه بالقوة، أما الرسالة الأخرى فموجهة للداخل الإسرائيلي، حيث يحتاج نتنياهو إلى تجديد شرعيته السياسية وسط الأزمات العديدة التي التي يواجهها في الداخل وتزايد الاتهامات لحكومته بالفشل في تحقيق اهداف الحرب في قطاع غزة أو استعادة الأسرى الإسرائيليين.

من جانبها قال محمد عبد الرازق باحث أول بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه

على الرغم من الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار من جانب المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك ورئاسة الجمهورية السورية فإن سيناريوهات التطورات في سوريا لا تزال مفتوحة، وهو ما يرجع إلى عدد من العوامل، أولها أن هذا الاتفاق ليس هو الأول من نوعه فيما يتعلق بالاشتباكات الأمنية في محافظة السويداء؛ إذ توصلت الحكومة السورية مع وجهاء وشيوخ المحافظة إلى عدة اتفاقات سابقة لاحتواء التوترات الأمنية، ومنها اتفاقي مارس ومايو الماضيين، وهو ما يشير إلى طبيعة الوضع الأمني في المحافظة وما تفرضه من تطورات تجعل من الصعب تنفيذ الاتفاقات الموقع عليها.

وأوضح في تصريحات خاصة للنهار، أن العامل الثاني هو أن الاشتباكات الأخيرة وطبيعة ما جرى فيها من أحداث يكشف عن أن الإدارة السورية لا تزال غير قادرة على السيطرة على المقاتلين الأجانب وشديدي التطرف الذين أُلحقوا بالقوى الأمنية والعسكرية للدولة، والذين لا يمكن التأكد من مسار ممارساتهم خلال المرحلة المقبلة وما يمكن أن تتسبب فيه هذه الممارسات من اندلاع الاشتباكات من جديد، أما العامل الثالث أن انخراط العشائر العربية في المواجهات الأخيرة قد ولّد مناخًا انتقاميًا للعلاقة بين المكونين العشائري والدرزي في محافظة السويداء ومحيطها، وهو ما يُحتمل معه حدوث أي توترات مستقبلية.

ونوه إلى أنه من المتوقع أن تستمر عدة مشكلات في المشهد السوري خلال الشهور المقبلة، أهمها ملف الاندماج في الدولة السورية بما يتضمن بشكل أساسي دمج الفصائل العسكرية المسلحة في المؤسسات الرسمية للدولة، وهو أمر يواجه تحديات كبيرة في ضوء الاشتباكات الأخيرة في محافظة السويداء وما يتوقع معه من تعنت الفصائل المحلية هناك في هذا الملف، بالإضافة إلى فشل المباحثات مع قوات سوريا الديمقراطية بشأن تنفيذ الاتفاق الموقع من قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في مارس 2025، حيث يُحتمل أن يستمر إصرار قوات سوريا الديمقراطية على موقفها في ضوء التطورات الخاصة بالدروز في محافظة السويداء.

ونوه إلى أن نجاح الإدارة السورية الجديدة في لم شمل وحدة سوريا يعتمد على اتخاذ خطوات حقيقية في مسار التشاركية وشمولية الحكم خلال المرحلة المقبلة، والابتعاد عن المنهج المركزي والإقصائي للحكم الذي خيّم على الشهور الماضية من حكمها، والتي شهدت سيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل العسكرية المسلحة على كافة مقاليد الأمور. وقد يمثل اختيار مجلس الشعب المقبل الذي تشكلت اللجنة العليا لانتخابه الشهر الماضي ومن المفترض أن تنهي أعمالها في غضون بضعة أشهر.