من الخلاف إلى المصالحة: قبلة عبدالحليم لأم كلثوم تنهى قطيعة خمس سنوات

يتزامن اليوم مع ذكرى ميلاد الفنان الكبير عبد الحليم حافظ، الذي وُلد في 21 يونيو، ولا يزال اسمه حيًا يتردد عبر الزمن بفضل أغانيه الخالدة وموهبته الفنية الفريدة. رغم عظمته، لم تكن حياة العندليب دائمًا هادئة، بل شهدت أحداثًا ومواقف صعبة، أبرزها خلافه الشهير مع كوكب الشرق أم كلثوم، والذي استمر لمدة خمس سنوات.
انتهى هذا الخصام حين انحنى عبد الحليم لتقبيل يد أم كلثوم، في خطوة رمزية لإنهاء الخلاف، والذي بدأ إثر واقعة عام 1964 خلال إحدى الحفلات التي أقيمت لتخليد ذكرى ثورة يوليو.
في ذلك الحفل، الذي حضره أعضاء مجلس قيادة الثورة وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر، فقد عبد الحليم صبره بعد تأخره لساعات طويلة قبل صعوده إلى المسرح، بسبب وصلة غنائية مطولة لأم كلثوم. اعتبر العندليب ذلك "مقلبًا" من الست، وقال عبارته الشهيرة: "أم كلثوم وعبد الوهاب أصرا أن أغني في هذا الموعد، وما عرفت إذا كان ده شرف لي ولا مقلب؟!"
تسببت هذه الحادثة في ردود فعل ساخرة بين الحضور، لكنها كانت وراء قرار حرمان عبد الحليم من الغناء في تلك المناسبة لمدة ثلاث سنوات، رغم نفوذه وشهرته. ووقفت أم كلثوم بقوة ضد أي محاولة لتصحيح العلاقة بينهما، مما جعل الخلاف يستمر خمس سنوات.
حتى جاء حفل خطبة ابنة الرئيس الراحل أنور السادات في القناطر عام 1970، حيث كانت هناك رغبة واضحة للصلح بين النجمين. وفي هذا الحفل، عبر عبد الحليم عن ثقته في تجاوز الخلاف، ولم يتردد في تقبيل يد أم كلثوم أمام الجميع، لترد عليه بعبارة ساخرة لكنها مليئة بالود: "أنت عقلت ولا لسه؟!"، معلنة بذلك نهاية الخلاف وإسدال الستار على خصام دام خمس سنوات.
وتبقى قصة الخلاف والمصالحة بين عبدالحليم حافظ وأم كلثوم من أجمل صفحات تاريخ الغناء العربي، تذكرنا بأن العظمة لا تكتمل إلا بالتواضع والاحترام. رغم الخلافات، ظل الفن هو الرابط الأقوى بينهما، والقبلة التي أنهت سنوات التوتر لم تكن مجرد رمز بل رسالة عميقة لكل الفنانين ومحبي الموسيقى: أن القلب الكبير هو الذي يسامح، وأن الحب الحقيقي لا يموت، بل يزدهر رغم كل التحديات.