برنامج رد الأعباء التصديرية الجديد.. رؤية استراتيجية لدعم الصناعة وتحفيز الصادرات

أعلنت الحكومة عن ملامح برنامج رد الأعباء التصديرية الجديد لعام 2025/2026، الذي يعد الأضخم من نوعه على الإطلاق بمخصصات مالية بلغت 45 مليار جنيه.
ولقى البرنامج ترحيبا واسعا من الخبراء والنواب لما يحمله من آليات دقيقة وشفافة تستهدف تحفيز القطاعات الإنتاجية وتعميق التصنيع المحلي وفتح آفاق جديدة أمام المصدرين في الأسواق العالمية.
وأعرب تامر عبد الحميد، الخبير الاقتصادي، عن ترحيبه البالغ بإعلان الحكومة عن ملامح برنامج رد الأعباء التصديرية الجديد، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل دفعة حقيقية للقطاع الصناعي المصري، وتأتي تأكيداً على أن المصنع المصري والمصدرين باتوا في صدارة أولويات الدولة، مشيرًا إلى أن توقيت الإعلان، ولأول مرة قبل بداية السنة المالية، ينم عن تخطيط استراتيجي ورغبة في تمكين الشركات من ترتيب أوراقها واستثمار الفرص المتاحة.
وأكد عبد الحميد أن القفزة الهائلة في موازنة البرنامج إلى 45 مليار جنيه، وتخصيص 38 مليار جنيه منها للقطاعات المستهدفة، هو استثمار مباشر في شرايين الاقتصاد الوطني، مضيفًا: "إن التركيز على معايير مثل القيمة المضافة بنسبة 50%، ومعدل نمو الصادرات بنسبة 30%، عند توزيع المخصصات، هو توجه صائب يشجع على تعميق الصناعة المحلية، وزيادة المكون المحلي، وتطوير منتجات ذات جودة تنافسية عالمية. كما أن الموازنة المرنة البالغة 7 مليارات جنيه، الموجهة لاستهداف منتجات تحقق قفزات تصديرية، خاصة في الصناعات الهندسية والكيماوية، ودعم الشركات الرائدة، هو بالضبط ما يحتاجه القطاع الصناعي للانطلاق نحو آفاق أرحب".
ولضمان التطبيق الأمثل للبرنامج، دعا تامر عبد الحميد إلى ضرورة وضع إجراءات تنفيذية "فائقة السلاسة" تضمن وصول الدعم لمستحقيه الفعليين، وخاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عصب الصناعة، دون الوقوع في براثن البيروقراطية.
وشدد على أهمية المتابعة اللصيقة من قبل كافة الأجهزة المعنية لتقييم أداء البرنامج بشكل دوري، وتذليل أي عقبات قد تظهر، مع الاستمرار في الحوار البناء مع مجتمع الأعمال لضمان أن يظل البرنامج دائماً مستجيباً لاحتياجاتهم ومتطلبات النمو المستدام للصناعة المصرية.
وأكد عماد كرم الباحث الاقتصادي، أن خفض الأعباء على المستثمرين وتقديم حزم جديدة من التسهيلات في العام المالي المقبل، تمثل نقلة نوعية في السياسة المالية للدولة، وتُعد خطوة إيجابية طال انتظارها لتحفيز مناخ الاستثمار واستعادة الثقة بين مجتمع الأعمال والحكومة.
وقال كرم، في تصريحات له، إن اتجاه الدولة لتوسيع القاعدة الضريبية بدلًا من فرض أعباء جديدة على الممولين يعكس وعيًا اقتصاديًا عميقًا بأهمية دعم النشاط الإنتاجي وفتح المجال أمام الاقتصاد غير الرسمي للاندماج في المنظومة، مما يعزز الاستدامة المالية دون إثقال كاهل القطاع الخاص.
وأوضح أن تبسيط الإجراءات وتوحيد جهات التحصيل سيخفف من التعقيدات البيروقراطية التي طالما كانت من أبرز معوقات جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مشيرًا إلى أن الالتزام الحكومي ببرنامج عملي لخفض الأعباء غير الضريبية يبعث برسائل طمأنة حقيقية لمجتمع الأعمال.
وأضاف الباحث الاقتصادي، أن المؤشرات الأولية التي أعلنتها وزارة المالية بشأن زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة ٣٨٪ خلال ١٠ أشهر دون فرض أعباء إضافية، تعكس نجاح سياسة التحفيز، وتدل على أن الثقة بدأت تعود تدريجيًا بين الدولة والممولين.
وأشار إلى أن استكمال حزم التسهيلات الضريبية وفق رؤية متكاملة وبمتابعة تنفيذية دقيقة، سيساهم نقلة واضحة في تدفقات الاستثمار، وزيادة في معدلات التشغيل، وتحسين في مستويات النمو خلال العام المالي المقبل.
وأشاد النائب محمد السلاب، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، بإطلاق البرنامج الجديد لرد الأعباء التصديرية لعام 2025/2026، والذي أعلنت عنه وزارتا الاستثمار والتجارة الخارجية والمالية، مؤكدًا أنه يمثل نقلة نوعية في دعم الصناعات الوطنية وتعزيز مكانة مصر على خريطة التجارة الدولية.
وأوضح السلاب أن مضاعفة مخصصات البرنامج لتصل إلى 45 مليار جنيه تعكس إرادة سياسية واضحة في دعم الصادرات باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي، وتمثل توجهًا استراتيجيًا نحو تحقيق مستهدفات الدولة بمضاعفة الصادرات بنسبة 14% سنويًا. كما أشاد بتخصيص 7 مليارات جنيه كموازنة مرنة تُوجّه للمنتجات ذات القدرة على تحقيق طفرة تصديرية سريعة، ما يعزز قدرة مصر على الاستجابة السريعة لاحتياجات السوق العالمي واقتناص الفرص الواعدة. كذلك، يتضمن البرنامج تشجيعًا خاصًا للمنتجات ذات التعقيد الاقتصادي المرتفع، لا سيما في قطاعات الكيماويات والصناعات الهندسية، مما ينعكس إيجابًا على رفع القيمة المضافة وتحفيز الاستثمارات الأجنبية في صناعة المكونات ومدخلات الإنتاج.
وأشار إلى أن البرنامج في صورته الجديدة أتاح رفع النسب الأساسية للدعم بنحو 50%، كما تم تصميمه بما يراعي خصوصية كل قطاع، من خلال توزيع الموارد بناءً على معايير تشمل القيمة المضافة، والطاقة الإنتاجية، وعدد العاملين، بما يعزز الإنتاج المحلي ويوفر فرص تشغيل جديدة. وقد حصلت الصناعات الهندسية على 18% من مخصصات الدعم، وهي نفس النسبة المخصصة للصناعات الغذائية، بينما نالت كل من الحاصلات الزراعية والصناعات الكيماوية نسبة 16%.
وأضاف أن البرنامج أتاح أيضًا زيادات في نسب المساندة تتراوح بين 9% و15% حسب معدلات النمو في الصادرات القطاعية، إلى جانب حوافز إضافية للمناطق التصديرية في صعيد مصر، بما يسهم في تنشيط الحركة الصناعية وجذب الاستثمارات إلى جنوب البلاد.
ونوّه السلاب بأن التزام البرنامج بالشفافية وسرعة الصرف، من خلال سداد المستحقات خلال 90 يومًا، يُعد سابقة إيجابية تسهم في تحسين السيولة المالية للمصدرين وتُمكنهم من التوسع في الأسواق العالمية.
كما أشاد بتوجه الدولة نحو دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تخصيص 60% من دعم المشاركة في المعارض الدولية لها، مقابل 40% للشركات الكبرى، إلى جانب تشجيع الصناعات ذات المكون المحلي المرتفع.
وأكد رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب أن البرنامج الجديد يُمثل ركيزة أساسية في تحسين مناخ الاستثمار الصناعي والتصديري، لا سيما مع التزام الدولة بسداد جزء كبير من المتأخرات التصديرية والتي تُقدّر بـ60 مليار جنيه، ما يُعيد الثقة في منظومة دعم الصادرات ويحفز القطاع الصناعي على مزيد من النمو.
وشدد السلاب على أن لجنة الصناعة ستبقى في تواصل دائم مع مجتمع المصدرين لمتابعة تنفيذ البرنامج فور بدء العمل به في يوليو المقبل، والعمل على حل أية تحديات قد تطرأ، بما يضمن تحقيق أقصى استفادة ممكنة، ويعزز القدرة التنافسية لمصر في الأسواق الدولية.