النهار
الإثنين 15 سبتمبر 2025 09:46 صـ 22 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
ماريو نبيل سيدهم ضيف برنامج ”مصر موطني” مع الإعلامية هبة الله حلمي «الصحة» تثقل مهارات الصحفيين الصحيين بورش عمل مكثفة بالتعاون مع شركة فايزر محمود محي الدين في صالون ماسبيرو الثقافي: النظام الاقتصادي العالمي انتهى ويجب تحييد السياسة لأجل الاقتصاد ضبط طن لبن غير صالح للاستهلاك الآدمي في حملة تموينية بأسيوط الأمين العام لاتحاد الفنانين العرب يشارك في مهرجان بغداد السينمائي الدولي الصعايدة وصلوا لكدا.. إعلان لتعليم السيدات الرقص الشرقي يثير غضب المواطنين في قنا غدًا...نتيجة تنسيق المرحلة الثانية لمتقدمين لرياض الأطفال بالقاهرة ثلاث محاضرات علمية في اليوم الأول لبرنامج دار الإفتاء التدريبي للباحثين الماليزيين حول منهجية الفتوى ممنوع الغياب أو التأخير...«تعليم الجيزة» تُعلن تعليمات حاسمة لانطلاق العام الدراسي الجديد رئيس جامعة الأزهر يكشف طريقة تسجيل البرامج الخاصة...تفاصيل قمة الدوحة الاستثنائية: تهدف إلى إعادة رسم التوازنات الإقليمية رئيس وزراء قطر: الهجوم الإسرائيلي لن يؤدي إلى أي شيء سوى إجهاض جهود التهدئة

فن

بالصور..مسرحية ”الربّان” .. حين تتحول السفينة إلى مرآة للضياع الإنساني

مسرحية الربان
مسرحية الربان

في الدورة 37 من مهرجان الدوحة المسرحي، ووسط إقبال جماهيري كبير، أسدل الستار على أحد أكثر العروض إثارةً للجدل والانبهار .. مسرحية "الربّان"، التي اجتاحت الخشبة بلغة درامية غير تقليدية، وبأداء بصري وفكري صادم خرج عن النسق السائد، لا من حيث الشكل فقط، بل من حيث الجوهر كذلك.

هذا العرض، الذي كتبه الدكتور خالد الجابر وأخرجه علي ميرزا محمود، لم يكتفِ بكسر الجدار الرابع، بل حطّمه تمامًا، وحوّل الخشبة إلى بحرٍ متلاطم، دفع بالمتفرج إلى قلب العاصفة، لا كمتلقٍ سلبي، بل كراكبٍ على متن سفينة تائهة لا يملك ترف الانسحاب أو الاستسلام.

في حديثٍ أعقب العرض، أوضح الكاتب الدكتور خالد الجابر أن مسرحية "الربّان" ليست مجرد نص درامي، بل رؤية فلسفية مغلّفة بمأساة، عن مصير الجماعة في غياب القائد، مشيرًا إلى ان الإشكالية الكبرى في كتابة هذا العمل كانت تلاحقه كظل، لا تكفّ عن طرح تساؤلاتها المقلقة، من يقرر مصير الجماعة حين يسقط القائد؟ هل القوة وحدها تكفي؟ أم تُجدي الثورة؟ أم أن الحكمة وحدها من تنقذ السفينة؟ أم أن الانقسام مصير لا مفر منه؟

المسرحية لا تمنح إجابات جاهزة، بل تضع المتفرج أمام مرآة مضطربة، تعكس بحركتها الفوضوية ذات العواصف التي تضرب الخشبة. كل شخصية في العمل تجسد توجهًا أيديولوجيًا معينًا، لا كتنويع درامي فحسب، بل كمحاولة لتجسيد الصراع الداخلي في المجتمعات حين يفقد التوازن.

قاد المخرج علي ميرزا محمود العمل برؤية بصرية مشحونة بالرمز والاضطراب، حيث لم يكن هدفه تجسيد سفينة تتأرجح وسط البحر وحسب، بل ترجمة ما يدور داخل الشخصيات إلى الخارج، ليصبح المشهد المسرحي امتدادًا لقلقها الداخلي. يقول المخرج: اعتمدنا في التصميم على الانكسارات، التكرار، والصوت المتداخل، بحيث يشعر المشاهد أن الشخصيات لا تغرق في البحر، بل في أعماق ذواتها.

اختار المؤلف الدكتور خالد الجابر والمخرج علي ميرزا محمود أن يُسدل الستار على الربّان بمشهد غرق السفينة، دون تفسير أو خاتمة واضحة، دون إعلان عن من نجا أو من ابتلعته الأمواج. لم يكن الغرق نهاية سردية بقدر ما كان نهاية مفتوحة، محمّلة بالرمز. غرق السفينة جسّد انهيار المجتمعات حين تفقد بوصلتها، حين يختفي العقل وتعلو أصوات الصراع.

قال الدكتور الجابر عن هذا المشهد: الغرق ليس خاتمة... بل سؤال. كم مرة يجب أن نغرق حتى نعيد التفكير؟.. وبهذا الختام، غادر الجمهور القاعة مثقلاً بالتساؤلات. لا تصفيق عفوي، لا ابتسامات خفيفة، بل لحظات صمت وتأمل كثيف، وكأن كل متفرج خرج يبحث عن موقعه داخل تلك السفينة الغارقة.

نال العرض إعجابًا واسعًا من النقاد، الذين وصفوه بأنه تجربة "عقلية-شعورية"، تتجاوز حدود المتعة البصرية لتوقظ الفكر والحس. رأى كثيرون في الربّان عودة للمسرح إلى وظيفته الأصيلة: أن يكون ساحة للتساؤل والمساءلة، لا مجرد وسيلة للهروب. وقد أثنوا على تماسك النص، وجرأة الرؤية الإخراجية التي لم تتردد في طرح مواقف معقدة، ومشاهد تهزّ المشاهد بدل أن تريحَه.