الأربعاء 8 مايو 2024 09:31 صـ 29 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

أسامة شرشر يكشف: «الدرعية».. مشروع ثقافي سعودي يغير خارطة السياحة العربية

«شرشر» مع عدد من السعوديين أثناء عرض المسرحية
«شرشر» مع عدد من السعوديين أثناء عرض المسرحية

استطاع مجموعة من الشباب السعودي أن يحكي قصة السعودية بالصوت والصورة، ببساطة وبلا تعقيدات، وتشكيل عامل جذب ثقاقي لتقديم وجبة تاريخية عن تاريخ المملكة والأسرة المالكة بشكل بسيط بدون تنظيرات ولا نخب ثقافية تدعي أشياء غير موجودة، كل هذا وأكثر رأيته في مشروع الدرعية البوابة الثقافية الجديدة للرياض والتى تضم حي الطريف التاريخي أحد المواقع المسجلة في قائمة اليونيسكو للتراث والثقافة.

النائب أسامة شرشر أمام لوحة تاريخية تحمل أسماء خيول الرسول عليه الصلاة والسلام

وأكثر ما شدني هو البساطة والمعلومة وحكاية أجيال وراء أجيال تسلم بعضها في رؤية مستقبلية ناضجة ذات أهداف واضحة ومحددة.

وما لفت نظري للبوابة الثقافية الجديدة للرياض هو الفكر والرؤية التى جعلت القائمين على المشروع مجموعة شباب سعوديين دارسين طوعوا التاريخ ببساطة لتقديم وجبة ثقافية حقيقية لزائري الدرعية من كل الجنسيات، فهم شباب فهموا التاريخ وطوعوا الحاضر والتكتولوجيا لغة العصر لاختراق المستقبل، وكما علمت من بدر الماضي مدير المشروع وأحد الشباب الواعدين فإنه ستكون هناك مراحل أخرى للدرعية، والذى قال لنا: عندما ترى رؤية ورؤى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد معنا ومع الشباب فإنه يدعونا دائما لسماع أفكارنا ويشجعنا على تنفيذها، تدرك أن هذه الرؤية ستغير وجه المملكة، بعد أن التقت أفكارنا في خندق الوطن، لدرجة ظهور هذا المشروع (الدرعية) خلال 3 أو 4 سنوات فقط.

كما أثار انتباهي وجود مجموعة من المصريين يشاركون في ها الإبداع الذى يموله صندوق الاستثمار السعودي، فتذكرت قلعة صلاح الدين في مصر بتاريخها الثري، وغيرها من المعالم الأثرية في مصر، وكيف أهملنا الترويج لها وجذب السياح إليها، ولكن الواقع يفرض علينا جميعا أن يكون هناك تكامل ثقافي وليس تنافس، فالثقافة هي الهوية والتعبير عن الذات التى ذابت وتذوب في العالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي الذي سيحول الإنسان إلى آلة، ولكن سيبقى الإبداع وحده معبرا عن إنسانية الإنسان.

والحقيقة أن مشروع الدرعية هو مشروع عملاق برغم بساطته وبساطة فكرته، فحسب روية المملكة 2030، فإنه من المخطط أن يزوره 50 مليون زائر سنويا، وهو رقم ضخم بمعايير السياحة العالمية، ولكن الحقيقة أنه يقدم تجربة فريدة للزوار، فهو لا يركز بالأساس على المعالم التراثية القديمة ولا على المعالم العصرية الحديثة، ولكنه توليفة ومزيح مبهر بين الماضي والحاضر، فمعظم المباني مبنية على الطراز النجدي القديم بهندسة معمارية حديثة، وتم تأسيس الدرعية لتسمح للزوار بالمشي في مساحة 100% من المشروع الذى يقع على بعد 15 دقيقة فقط شمال العاصمة السعودية الرياض وبه 38 منتتجعا وفندقا قيد الإنشاء وأكثر من 20 ألف وحدة سكنية على الطراز النجدي بخلاف الوحدات السكنية الأخرى، و8 حدائق عامة و16 مدرسة وجامعة و4 محطات مترو، ومطاعم من كل المطابخ العالمية لخدمة كل الجنسيات التى تزوره.

أعتقد أن مشروع الدرعية الثقافي سيغير شكل ومضمون الرياض الجديدة ثقافيا وتاريخيا وخارطة السياحة العربية التى كانت تعتمد بالأساس على سياح آثار الحضارات القديمة وقليل من سياحة الشواطئ والمنتجعات، إلى نوع جديد من السياحة الحضارية التى تعتمد على سياحة التجربة المختلفة والحياة البسيطة الهادئة بعيدا عن زخم المدن الكبرى.