السبت 1 يونيو 2024 12:01 صـ 23 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

تحقيق: ”سيارات بلا هوية”.. طمس اللوحات المعدنية الباب الخلفي لجرائم كبرى

يتفنن أصحاب الجريمة فى الأساليب التى يتبعونها من أجل الإفلات من العقاب، ومن بين تلك الأساليب التى انتشرت مؤخرًا، هى طمس اللوحات المعدنية للسيارات، وذهب البعض لأبعد من ذلك وإزال اللوحات بشكل كامل، مما فتح الباب نحو جرائم كبرى، تبدأ بمخالفات مرورية صغيرة، وتنتهي إلى جرائم قتل على الطريق، بل وجرائم جنائية أكثر خطورة كعمليات السطو المسلح والسرقة والقتل وتجارة المخدرات والإرهاب.

تفتح جريدة "النهار المصرية" ملف السيارات التى طمس أصحابها لوحاتها المعدنية عمدًا، وتكشف ما يقع خلف ذلك من مخاطر كبرى على الطريق، وجرائم أخرى تضع أجهزة الأمن فى تحد لحل لغزها.

مخدرات داخل سياراة بلا لوحات معدنية

محكمة جنايات القاهرة قضت بالسجن المشدد 6 سنوات لعاطل متهم بالإتجار في المخدرات بمنطقة عين شمس، بعدما ضبط يستقل سيارة بدون لوحات معدنية وبالاقتراب منه ظهرت عليه حالة من التوتر والارتباك، وبتفتيش السيارة عثر فيها على لفافات من جوهر الهيروين المخدر وبمواجهته بالمضبوطات اعترف بحيازته للمواد المخدرة بقصد الإتجار.

تخصصوا فى تزوير اللوحات المعدنية

مديرية أمن القاهرة تمكنت من ضبط تشكيلٍ عصابى تخصص فى تزوير اللوحات المعدنية التجارية، وتصاريح التسيير الخاصة بها، وبيعها لمالكى وقائدى السيارات مقابل مبلغ 1500 جنيه عن اللوحة الواحدة، وتم بيعها لعدد من المتهمين فى قضايا مختلفة؛ لاستخدامها فى عمليات مشبوهة.

طمس اللوحات للهروب من المخالفات

فى محافظة الجيزة ألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق طمس اللوحات المعدنية لإحدي السيارات تجنبًا للمخالفات المرورية، وبعد التحري عنه تبين تورطه فى العديد من القضايا وصادر ضده أحكام حبس تتراوح ما بين شهر وثلاث سنوات، المتهم اعترف بعد القبض عليه بطمس اللوحات المعدنية؛ للحيلولة دون تسجيل مخالفات مرورية عليه، وأنه أجر السيارة من صاحب صالة ألعاب رياضية، استأجرها من مالك السيارة.

لوحات مزورة حاضرة في العمليات الإرهابية

تحقيقات النيابة فى قضية محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية كشفت عن مسئولية أحد المتهمين فى توفير السيارة المستخدمة فى واقعة التفجير، وتبين أنه اشتراها ببطاقة لسيدة تدعى "أسماء"، والتى ادعى أنها زوجته من أحد معارض السيارات بالإسكندرية خلال عام 2017، كما تبين أن المتهم وضع لوحات مزورة على السيارة خشية الرصد الأمنى.

سحب رخصة القيادة

يقول بلال نصر الدين المحامي والخبير القانوني، كثيرا ما يحدث أن يلجأ عدد من قائدي السيارات إلى طمس اللوحات المعدنية الخاصة بمركباتهم ظنا منهم انهم بذلك الفعل سيتجنبون توقيع عقوبات المخالفات عليهم، ولكنهم يجهلون انهم بفعلهم هذا يعرضون أنفسهم لعقوبات أشد وقد يحرمون من ترخيص القيادة الخاص بهم أو ترخيص تسيير مركباتهم.

وأشار بلال في تصريحات خاصة لـ"النهار"، إلى أن قانون المرور رقم 121لسنة 2008 نص على عقوبة قيادة مركبة بلوحات معدنية غير المنصرفة من إدارة المرور المختصة أو غير ظاهرة، أو بياناتها غير واضحة، أو يصعب قراءتها من بعد مناسب بسحب رخصة القيادة، وكذلك رخصة تسيير المركبة لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن عام.

وأوضح أنه فى حالة العود إلى الفعل ذاته خلال ستة أشهر من تاريخ إعادة الرخصة تضاعف مدة السحب، وفى حالة تكرار المخالفة بعد العود تلغى الرخصة ولا تجوز إعادة الترخيص قبل مضى ثلاث سنوات وبعد توافر الشروط الواجبة لمنح الترخيص ابتدا.

وأكد في حديثه، أن يكون ضبط المركبة المخالفة أما عن طريق أحد الرادارات التي تكشف عن الملصق الالكتروني أو عن طريق أحد رجال المرور المختصين، وتضاف عقوبات أخرى في حالة التلاعب بالملصق الالكتروني.

التكنولوجيا حاضرة لمحاصرة الجريمة

فيما يقول اللواء خالد الشاذلى الخبير الأمني، أن بعض ضعاف النفوس يلجئون لحيلة تغير وطمس اللوحات المعدينة أو إزالتها بشكل كامل من على السيارة بغية ارتكاب جرائم أو مخالفات ظنًا منهم أن ذلك سيعفيهم من العقاب، ولكن أجهزة الأمن بات لديها كل الوسائل التكنولوجيا الحديثة التى تمكنها من رصد وتتبع السيارات المختلفة، وضبط قائدي وتحديد هويتهم بكل سهولة، وعلى سبيل المثال فهناك الملصق الإليكتروني الذى يحتوي على كل بيانات السياراة، فضلًا عن كاميرات المراقبة التى تلتقط كل كبيرة وصغيرة على مختلف الطرق السريعة والداخلية فى المدن والشوارع.

وأضاف "الشاذلى"، أن أجهزة الأمن لديها ما يمكنها من تحديد مرتكب الجريمة وضبطه، من خلال عدة وسائل تبدأ بالتحريات وتفريغ كاميرات المراقبة، والتواصل مع باقى الإدارات المختصة بوزارة الداخلية كإدارة المرور، من أجل إفادتها بالمعلومات اللازمة حول أي مرتكبة مشتبه تورط قائدها فى ارتكاب مخالفة أو جريمة تستوجب المساءلة القانونية.

وتابع "الشاذلي"، لا أحد فوق القانون حتي لو ظن ذلك، وهناك جرائم ارتكبت بالفعل باستخدام سيارات تحمل لوحات معدنية مطموسة، كما حدث فى جريمة مقتل إحدي الإعلاميات مؤخرًا، ولكن تم التوصل لها عن طريق الملصق الإليكتروني، وتبذل إدارة المرور مجهود كبير فى سبيل ضبط تلك العملية، ورصد السيارات المخالفة والتى لاتحمل لوحات معدنية أو تحمل لوحات مطموسة، وهناك أكمنة ثابتة ومتحركة على مدار الساعة تجوب مختلف الشوارع والطرق من أجل رصد أي مخالفات.

تغليظ العقوبة لتحقيق الردع

فيما يقول اللواء ماجد موسى مدير المعهد القومي للإدارة العامة للمرور سابقا، أن طمس اللوحات المعدنية مخالفة للمادة 14 من قانون المرور، وهي ظاهرة بدأت تظهر فى مؤخرًا بسبب زيادة أعداد الرادارات الموجودة فى مصر، والتى تهدف فى الأساس لتقليل السرعات، والدليل على ذلك أن أماكنها معروفة، وهذا دليل على أن هدفها الحد من الحوادث وليس جمع المخالفات.

وتابع "موسى"، فى تصريحات لـ"النهار"، أن تلك الظاهرة انتشرت للإفلات من الرادارات، لذلك لجئ المخالفين لطمس اللوحات وطيها، بل وبعض الناس لجئ إلى حيلة إزالة اللوحة المعدنية بشكل كامل، وهذه ظاهرة خطيرة، تحتاج لتوعية المواطنين بمخاطر هذه الظاهرة على مختلف المنصات الإعلامية.

واختتم "موسى"، نحتاج لتغليظ عقوبة المخالفين، ليكون القانون رادع، حتى ياخذ المخالف حذره، ويفكر أكثر من مرة قبل الإقدام على مثل تلك الأفعال، فعقوبة طمس اللوحات المعدنية فى القانون الحالي، غرامة مالية وقد تصل إلى إيقاف التراخيص وإعادة ترخيص أو حتي وقف لـ6 أو 3 شهور،وهذه عقوبات غير رادعة بالنسبة للظاهرة، لانها ترتقي بعد ذلك لارتكاب جرائم، كبرى تصنف كجنح أو جنايات.