الأربعاء 8 مايو 2024 01:53 مـ 29 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

الدكتورة سالي محمد فريد لـ ” النهار ” انضمام دول البحر الأحمر يمثّل إلى بريكس محطة مهمة

الدكتورة سالي محمد فريد
الدكتورة سالي محمد فريد

قالت الدكتورة سالي محمد فريد محمود أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة أن قمة بريكس عقدت هذا العام تحت عنوان "بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة"، وتضم المجموعة حالياً الاقتصادات الناشئة الكبرى، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وأعلنت جنوب أفريقيا أن أكثر من 40 دولة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، فيما قدّمت 23 دولة طلبات رسمية لذلك.

بريكس تمثّل الآن 23 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي

وأضافت " فريد " أن بريكس تمثّل الآن 23 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و42 بالمئة من سكّان العالم، وأكثر من 16 في المئة من التجارة العالمية، وانضمت مصر والسعودية والإمارات واثيوبيا وايران والارجنتين بداية من يناير ٢٠٢٤، وتسعى الدولة الأفريقية الغنية بموارد النفط والغاز إلى تنويع اقتصادها وتعزيز الشراكات مع الصين ودول أخرى، وتسعى مصر عبر هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البلاد، نظراً إلى تراجع قيمة عملتها الوطنية مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، وتسعى مجموعة بريكس لانشاء عملتها الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يقلّل من الطلب على الدولار الأمريكي، وبالتالي سيضعف موقف الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.

انضمام دول البحر الأحمر يمثّل إلى المجموعة محطة مهمة

وأشارت " فريد " إلي أن انضمام دول البحر الأحمر يمثّل إلى المجموعة محطة مهمة في تحوّل موازين القوى الاقتصادية العالمية، فمصر والسعودية والإمارات، مرشحة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والتي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري، ويكمن جزء من أهمية مجموعة بريكس في امتلاكها النفط والقمح والمعادن واسعة الاستخدام مثل الحديد، أو المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية، في حين تستمد الولايات المتحدة قوتها من قوة الدولار وامتلاكها احتياطيات ضخمة من الذهب، تعادل نحو ضعف ما تمتلكه روسيا والصين مجتمعتين.

التقارب مع مجموعة "بريكس" يساعد في الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية

وشددت " أستاذ الاقتصاد " على أن التقارب مع مجموعة "بريكس" يساعد في الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وبعد أن كان حجم اقتصاد مجموعة "بريكس" حوالي 26 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 25.6 % من حجم الاقتصاد العالمي في 2022، سيصبح بعد انضمام الدول الست الجديدة حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29 % من حجم الاقتصاد العالمي.

ومع ارتفاع عدد دول مجموعة بريكس بلس إلى 11 دولة سيصبح عدد سكان دول المجموعة أكثر من 3.7 مليار نسمة يمثلون 46% من سكان العالم ،فيما كانت هذه النسبة نحو 40 % قبل انضمام هذه الدول، وهذا التوسع الكبير للمجموعة يظهر أيضا على حجم اليابسة الذي أصبحت تسيطر عليها، فقبل انضمام الدول الست كانت بريكس تشكل نحو ربع مساحة اليابسة في العالم وبعد انضمام هذه الدول ستستحوذ بريكس بلس على نحو 32 % من مساحة اليابسة في العالم.

دول مجموعة بريكس بلس تشكّل مجتمعة نحو 40% من مساحة العالم

وونوهت " فريد " على أن دول مجموعة بريكس بلس تشكّل مجتمعة نحو 40% من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 46% من سكان الكرة الأرضية، حيث تضم أكبر 5 دول مساحة في العالم وأكثرها كثافة سكانية، وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة "مجموعة السبع" (G7) التي تستحوذ على 60% من الثروة العالمية، وهذا ما تثبته الأرقام الصادرة عن مجموعة بريكس، التي تكشف عن تفوقها لأول مرة على دول مجموعة السبع، فقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند 30.7%.

‏وجاء انضمام مصر إلى تجمع دول بريكس "البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا" خطوة هامة نحو فض الارتباط بشكل تدريجي مع الدولار؛ ما ينعكس على الجنيه المصري من عدة نواحي لعل أهمها ارتفاع سعره أمام الدولار، لاسيما في حالة الاتفاق على التصدير بنظام الصفقات المتبادلة أو بنظام العملات المحلية المتبادلة مع تجمع بريكس، الذي بات يضم 11 دولة من أكبر الدول الاقتصادية والتجارية في مختلف أنحاء العالم.

بريكس يضم أكبر الدول نموا في الاقتصادات الناشئة

وستستفيد مصر اقتصاديا بشكل كبير من هذا التجمع، الذي تربط مصر به علاقات قوية سياسيا واقتصاديا، ‏وبالأرقام فإن بريكس يضم أكبر الدول نموا في الاقتصادات الناشئة على رأسها الصين التي تمثل قوة عظمى اقتصاديا في الاستثمار وفي الصناعة وفي التصدير في الاستيراد، وكذلك الهند علاوة على روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا وهى من أكبر 30 دولة من حيث الناتج المحلى ، بالإضافة إلى الدول الست الجديدة التي تم انضمت، مما يؤكد أن هذا التجمع كفيل بدعم الاقتصاد المصري من خلال الاستفادة منه كبوابة للدخول إلى أفريقيا والتصنيع والتصدير والاستيراد، بالإضافة إلى كونه نقطة مهمة جدا في الحزام والطريق، علاوة على ‏التوسع في العلاقات الاقتصادية الدولية، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في مصر خلال الفترة المقبلة من دول التجمع سواء القديمة أو الجديدة، وهي أغلبها الدول العظمى .

فك الارتباط التدريجي بين الجنيه والدولار

ومن ‏النقاط الإيجابية للغاية هو فك الارتباط التدريجي بين الجنيه وبين الدولار من خلال التعامل مع تلك الدول بعملتها المحلية، سواء بالروبل الروسي أو اليوان الصيني، أو بقية العملات في المنطقة بعيدا عن الدولار، ما يخفف الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع قيمة الجنيه تدريجيا أمام الدولار، وبجانب التعامل بنظام الصفقات المتبادلة، وهو نظام يطبق في بعض الأحيان، ويمكن التوسع فيه وهو أيضا يخفف الطلب على العملة الصعبة بصفة عامة هذا فيما يتعلق بتحسين وضع العملة المصرية.

زيادة الصادرات المصرية

‏أما المزايا الأخرى التي ستستفيد منها مصر بلا شك، زيادة الصادرات المصرية إلى أسواق تلك الدول وخاصة الصادرات الزراعية، وبعض الصادرات الأخرى المتعلقة بالأسمدة والكيماويات والصناعات الهندسية، علاوة على استيراد الخامات من تلك الدول لدعم الصناعة والتوسع فيها، وكذلك الاستفادة من الخبرات الكبيرة من تلك الدول لتوطين الصناعة محليا وهو أمر مهم للغاية خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن المنافسة ستكون صعبة في الأسواق العالمية عامة وفي أسواق البريكس بصفة خاصة .

التحالف العالمى يمنح الاقتصاد قوة كبيرة

كما أن هذا التجمع سيعطى الثقة الكبيرة لمصر اقتصاديا في الفترة المقبلة، ويمكن لدول بريكس دعم الاقتصاد المصري، سواء من خلال ضخ استثمارات أجنبية مباشرة والتوسع فيها من خلال ‏تنفيذ مشروعات للتصنيع في مصر والنفاذ من خلالها إلى مختلف الأسواق الأوروبية والأفريقية بالاتفاقيات التجارية التي تملكها القاهرة، بالإضافة إلى زيادة بنود المنح والقروض بفائدة مخفضة لدعم الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.

تحسين قوة الجنيه المصري بالتدريج

‏ولا شك أن تقليل الاعتماد على الدولار سيؤدي إلى تحسين قوة الجنيه المصري بالتدريج، وبالتالي انخفاض الأسعار وتراجع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة مدفوعة بزيادة الصادرات، وخفض الواردات بجانب تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتوقعة، والاستفادة ما تمتلكه مصر من بنية أساسية قويه وفرص استثمارية متنوعة ، خاصة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، والتوسع في مشروعات الامونبا الخضراء والهيدروجين الأخضر، وتموين السفن بالوقود الأخضر تزامنا مع عمليات التطوير الواسعة التي تشهدها الموانئ المصرية، ومحور قناة السويس والمنطقة الاقتصادية في إقليم قناة السويس، ‏وكذلك الاستفادة من مشروع الحزام والطريق، وربط الصين بأفريقيا ومختلف دول العالم بطريق بري خاصة أن العمل يتواصل في طريق القاهرة كيب تاون لربط مصر بجنوب إفريقيا، علاوة على تحسين النقل النهري وربط مصر عبر نهر النيل بالعديد من الدول الإفريقية والاستفادة من المنافذ الحدودية الموجودة مع الدول الشقيقة‏.