الدم : الصراع القادم بين «العسكر» و « الإخوان»

-
دخلت المواجهة بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري مرحلة ما قبل الصدام الدموي بعد أن أعلن اللواء عمر سليمان، رسمياً ترشحه لرئاسة الجمهورية وعقب تغير موقف الإخوان من انتخابات الرئاسة واعلانهم عن احتمالية ترشيح احدهم منصب الرئيس أو دعم مرشح من الحاليين.تأتي هذه المواجهة المحتملة علي خلفية انتهاء شهر العسل بين العسكر والإخوان وانتهاء الصفقات السياسية التي مكنت الإخوان من السيطرة علي مجلس الشعب والشوري ووضع القلاقل في طريق الحكومة الحالية لرحيلها، وصولاً إلي قصر الرئاسة تحقيقاً لحلمهم الأكبر دولة الخلافة الإسلامية وهو ما اعلنه مرشدهم العام مؤخراً بصراحة.وسواء كان مرشح الإخوان هو خيرت الشاطر أو غيره فإن الدفع بعمر سليمان، رجل المخابرات القوي في النظام السابق ينذر بمرحلة صدامية تهدف للقضاء علي نفوذ الإخوان، لا يستبعد ان تصل لمرحلة المواجهة المسلحة، وخروج ميلشيات الإخوان من جديد.. النهار في هذا الملف تحاول قراءة المشهد من رؤي مختلفة:شدد الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية، أن هناك مواجهة قادمة بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري وأن الثورة لم تبدأ بعد، وستحدث ثورة جديدة نتاج إفراط في حالة الصراع السياسي بين النخب السياسية .وأضاف في تصريحات لـالنهار أن هناك صراعاً لفرض إرادة فصيل بعينه.وفي المشهد الحالي سيحدث انشقاق في صفوف السلفيين، حين يكتشفوا ان الهدف ليس واحداً، كما سيحدث الصدام بين الإخوان والمجلس العسكري.وقال إن من يتأمل المشهد يجد أن تفصيل البرلمان للجنة الدستور بنسبة 50% من البرلمان و50% من الشخصيات العامة، ويلاحظ أنها نقطة فارقة، حيث ما سبق هذا التاريخ أن الإخوان فرضوا سيطرتهم علي جميع المؤسسات السياسة في الدولة.وأوضح الزنط أن بسطر هذا التاريخ تبدأ مرحلة جديدة، وهي فرض إرادة الإخوان ولو بالقوة، وكأننا في مرحلة التمكين، وهو الحلم الأكبر للجماعة الذي يسعون إليه منذ أكثر من 80 سنة، وقد عبر عن هذه الفترة مرشدهم العام الدكتور محمد بديع حين أعلن مؤخراً عن اقتراب الجماعة من تحقيق حلم الخلافة الإسلامية.وأضاف: لا ينسي أحد تصريحات المرشد السابق محمد مهدي عاكف، حين قال إن مصر علي جزمتي وأن يترأس مصر ماليزي خيراً عندي من أن يترأسها قبطي أو امرأة.ومن الشعر نضيف بيتاً حين أعلنت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية من قبل أن أمريكا علي استعداد لمساعدة أي حكومة ديمقراطية في مصر ولو كانت من الإخوان المسلمون، وهو ما يفسر أن هناك اتفاقيات واتصالات بين أمريكا والإخوان سبقت أي اتفاق مع المجلس العسكري.وأكد الزنط أن المجلس العسكري أخطأ خطأ استراتيجياً حين ظن أن الإخوان هم الرهان الرابح خلال الفترة القادمة، وظن أنه بمساعدة الإخوان سينجح في إدارة المرحلة القادمة، ولم يدرك انهم ينتظرون الفرصة للانقضاض علي السلطة.وكشف الزنط عن اتفاق ضمني ما بين المجلس العسكري والإخوان في البداية، بهدف إدارة العسكري للبلاد في الفترة الانتقالية بمساعدة القوي الوحيدة المنظمة والقادرة علي الحشد للوصول إلي تاريخ تم فيه تسليم السلطة إلي مؤسسات ديمقراطية، وفي مقابل هذا تظاهر الإخوان بالإخلاص للقوات المسلحة علي اعتبار أنها القوة التي ساندت الثورة، وهو ولاء يتعارض مع التقية السياسية التي كشفتها الأيام والحوادث خلال السنه الماضية.وأضاف: بتجميع كل هذه المشاهد نصل إلي أن المجلس العسكري قد فهم جيداً وإن كان متأخراً أن اللعب مع الإخوان نتيجته خاسرة.ورغم سيطرة الإخوان علي المؤسسة التشريعية، إلا أنهم في حالة ارتباك سياسي يتعارض تماماً مع الوصول للهدف النهائي الجديد لهم.وأوضح الزنط أن ذلك استكمالاً لمشروعهم برئيس دولة من الإخوان وكانوا يظنون أنهم سوف يستطيعوا بالفعل انجاح مرشحهم لكن في ظل حكومة يشكلونها هم، وهذا هو سر هجومهم الشديد علي حكومة الدكتور كمال الجنزوري والمجلس العسكري في الفترة الأخيرة، أما هجومهم علي المحكمة الدستورية فسببه الشبهة الدستورية للبرلمان.وشدد الزنط علي أن الإخوان فشلوا في الاستمرار في استمطاء المجلس العسكري ولأنهم ارتبكوا فيما تسفر عنه المحكمة الدستورية، فهم يعيشون معاناة شديدة حالياً.ويعود الزنط ليؤكد- حسب رؤيته- أن المجلس العسكري ليس له علاقة بعمر سليمان ولا يجب أن نحسبه علي القوات المسلحة، وقال إن المجلس العسكري يجب أن يدعم مرشح ما؛ لأن الظروف القادمة المحتملة للبلاد تستدعا ذلك.وتابع الزنط أن الإخوان من جانبهم سيفرضون قوتهم تدريجياً مع احتمال الوصول للقوة المادية، ومن يلجأ لمقاومة السلطة الدستورية هم الإخوان ومن يلجاء للتدرج في استعمال القوة هم الإخوان، فهم ليسوا تياراً دينياً أو سياسياً أو دعوياً فقط وتابع أن الجماعة علي مدار 80 عاماً لديهم كل القدرات الممكنة، وأعتقد أن السيناريوهات القادمة مفتوحة لكل الاحتمالات، وأنا أراهن علي وطنيتهم وحبهم لمصر، لأنه إذا ما تم في مرحلة ما ووقع الصدام فمصر هي من يدفع الثمن.من جانبه قال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات سابقاً إن المشكلة في أن عمر سليمان محسوب علي النظام السابق والإخوان يقاتلون من أجل حسم معركة الرئاسة لصالحهم، فلابد أن يمر الرئيس القادم من بوابة الإخوان المسلمون باعتبارهم أصحاب التأثير الأكبر علي الشارع.وأوضح رشاد أنه بعد أن عاش الإخوان شهوراً من العسل مع المجلس العسكري وحصدوا ما أرادوه انقلبوا وكشروا عن أنيابهم، وبدأت حرب الإخوان علي حكومة الجنزوري بهدف ألا يتركوا الحكومة للمجلس العسكري ويواصلوا مشاكستهم حتي رحيل الحكومة.وعلي الجانب الآخر في صراع الرئاسة مع عمر سليمان، قال إن من يعزز عمر سليمان هم بقايا الحزب الوطني المنحل، في ظل التأثير القوي للإخوان في الشارع وقدرتهم التنظيمية الهائلة في حشد الناس بأية وسيلة.واضاف رشاد أن ترشح عمر سليمان سيفتح الباب لأجهزة الإعلام والقنوات الفضائية للبحث في ملفاته خصوصاً وأنه من رحم النظام السابق، كما حدث هذا الأمر مع الفريق أحمد شفيق.وحذر رشاد من ظهور الجناح العسكري للإخوان وخصوصاً العائدين من أفغانستان.