جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

باحث قبطي يكشف علاقة الانبا غريغوريوس بالتراث العربي المسيحي 

أسامة عيد -

تسعة عشر عاما مرت علي رحيل الانبا غريغوريوس اسقف البحث العلمي  
كشف الباحث ماجد كامل أن الانبا غريغويوس كان عاشق  للغة العربية والتراث العربي المسيحي  و  تدقيقه الشديد في في نطق اللغة العربية ؛ ومراجعة أي قسيس أو شماس يخطيء في قراءة النطق العربي . واضاف أن السبب الرئيسي لحرصه علي اتقان اللغة العربية  قراءة ونطقا وفهما ؛ترجع إلي أنه في فجر شبابه ؛ وتحديدا في عام 1938 ؛ صدر كتابا هاما لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ( 1889- 1973 ) بعنوان "مستقبل الثقافة في مصر " وكان الفصل (51 ) بعنوان "التعليم الديني للأقباط "حث فيه الأقباط علي ضرورة تعلمهم واتقانهم اللغة العربية حيث قال "لست أدري كيف أصف الألم الذي تثيره نفسي الاستماع إلي صلواتهم يتلونها في لغة عربية محطمة أقل ما توصف به أنها لا تلائم كرامة  الدين مهما يكن ولا تلائم ما ينبغي للمصريين جميعا من الثقافة العربية . ولقد عجزت أحيانا عم مقاومة هذه الضيق فصارحت به بعض كبار الأقباط وألححت عليهم في وجوب العناية بالترجمة الصحيحة لكتبهم المقدسة إلي اللغة العربية وفي تعويد القسيسن النطق الصحيح النقي بهذه اللغة  فألتقط  الطالب  الأكليركي "وهيب عطا الله جرجس" ( الأسم العلماني للأنبا غريغوريوس ؛ وكان وقتها طالبا بالسنة النهائية بالكلية الاكليركية حيث أنه خريج عام 1939  
وعن كيفية معالجة أخطاء النطق للغة العربية ؛فذكر نيافته في الأجابة كتاب طه حسين المشار إليه سابقا ؛وأكد عليه قائلا بالحرف الواحد " هذا الكلام صحيح ؛ونحن نرجو فعلا أن الآباء الكهنة يضبطوا القداس ؛وتكون لهم جلسات يكون فيها ضبط لطريقة النطق "
واضاف  الباحث معلومات في غاية الاهمبة متتبعا التراث المكتوب للمتنيح الأنبا غريغوريوس 
وكشف عن مضمون  نص مقالة بالغة الأهمية لنيافته بعنوان "من آيات التلاقي بين الإسلام والمسيحية " بمجلة الهلال عدد شهر أغسطس 1981  ؛ولقد ذكر في سياق المقالة أن نيافته  قام بإلقاء محاضرة بمعهد الدراسات الشرقية ؛ثم معهد الدراسات العربية بروما  ؛ وقام بزيارة مكتبة المعهد ؛ وطلب منه الآباء الرهبان بالمعهد إلقاء كلمة في المعهد باللغة العربية ؛ فذكر في المحاضرة أن اللغة العربية هي إحدي مجموعات اللغات السامية ؛ وهي من أقدم اللغات الإنسانية ومن أخصبها وأغناها وأجملها وأحفلها بالمعاني . وهي لغة أدب ودين وفن وحضارة ...... ولقد ذكر نيافته في سياق المحاضرة من بين الأدباء العرب ؛ذكر من بينهم "الأخطل " (640- 708 ) وكان مسيحيا من بني تغلب . ومنهم قس بن ساعدة المتوفي نحو 600 للميلاد ؛ وكان أديبا من نصاري نجران ؛ وقد صار أسقفا لنجران ؛وكان خطيبا وشاعرا مفوها .ومنهم أيضا "ورقة بن نوفل " المتوفي نحو 611م ؛وهو من حكماء الجاهلية ؛ وكان نصرانيا ؛وروي عنه أنه ترجم الإنجيل إلي العربية . ومنهم "حنين بن أسحق " ( 808- 873 ) وهو طبيب نصراني  من قبيلة عباد العربية ؛ولد في الحيرة بالعراق ؛وقد درس الطب في بغداد ؛ وتضلع باليونانية ؛عينه الخليفة المأمون علي بيت الحكمة ؛ وأشتغل بالترجمة ؛فترجم إلي العربية والسريانية بعض كتب أفلاطون ؛وبعض كتب أرسطو ؛ وله كتاب "عشر مقالات في العين " و"المدخل في الطب " وكتاب "في الأغذية " وكتاب "في تدبير الناقهين " ؛ وفي كتاب "في الأدوية المسهلة " . وقد ذكر الإنجيل اللغة العربية من بين االلغات التي تكلم بها تلاميذ السيد المسيح ورسله يوم أن حل الروح القدس عليهم في اليوم الخمسين ؛ لقيامة السيد المسيح (أعمال الرسل 2 : 7 – 11 ) . ..... ولقد روي عن ورقة بن نوفل أنه ترجم الإنجيل إلي اللغة  العربية. وبعد ذلك تتابعت الترجمات  العربية للإنجيل ؛وللكتاب المقدس بأكمله  . من ذلك الترجمة التي قام بها يوحنا أسقف إشبيلة إحدي مدن إسبانيا نحو 750م للميلاد ؛ ثم ترجمة سعد الفيومي للعهد القديم إلي العربية في القرن التاسع للميلاد نقلا عن العبرية لمنفعة اليهود الذين كانوا يتكلمون العربية . بعد ذلك قام أولاد العسال ؛ وهم من علماء الأقباط في القرن الثالث عشر بمراجعة ترجمات العهد الجديد  وضبطوا ترجمتها العربية ودونوها في نسخة خطية محفوظة  الآن بالمتحف القبطي . وملاك القول أن اللغة العربية هي لغة الناطقين بالضاد من قديم الزمان ؛وثنيين وجاهليين ومسيحين ومسلمين ( يمكنكم الإطلاع علي النص الكامل للمحاضرة والمقالة في :- الأنبا غريغوريوس؛الدراسات التاريخية "الجزء الثاني "الوحدة الوطنية ودور الكنيسة في تدعيمها ؛ جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ؛الجزء رقم 25 ؛  من صفحة (37- 39 ) . 
ولقد كتب نيافته دراسة هامة بعنوان " إنصافا لإبن العسال " جاءت في كتاب "مقالات موضوعات في المجامع والقوانين الكنسية ؛ الجزء رقم 35 " ذكر فيها أهمية قوانين إبن العسال "مجموع القوانين " حيث ذكر في مقدمة كتاباته "المجد لله الذي شرفنا بأفضل الإيمان والاعمال ؛وثقف أفعالنا الظاهرة والباطنة بشريعتي البدء والكمال . وبعد فإن هذا الكتاب مجموع من الكتب الإلهية والقوانين البيعية ؛ وما فرعه العقل عليها ؛ورده القياس إليها ؛ جمعا يخلو مع الإختصار من الإخلال ؛ويجمع بين  فائدتي التفصيل والإجمال ؛ اعتضدت فيه بمجموعات جمعت ببصيرة وتوفيق وإجتهاد وانتخبت من موضوعات وضعها من له في التصنيف وتحقيق وإعتياد " . .....ولكتاب ابن العسال ميزة أخري بين ميزاته الكثيرة ؛ وهي أسلوبه العربي السليم والرصين ....... فلقد كان ابن العسال كان من القلة الممتازة من بين الأقباط في القرن الثالث عشر ؛ممن عرفوا اللغة العربية معرفة واسعة وملكوا ناصيتها ؛ووقفوا علي آدابها ؛ وكتبوا بها في سلاسة ورصانة ؛واستخدموا المحسنات البديعية من سجع وجناس وما نقله ابن العسال عن القبطية إلي العربية من نصوص ؛جاء ترجمة أمينة دقيقة بلغة دقيقة مستقميمة حية مشرقة مضيئة . فكان في هذا كله بقدر ما أجاد اللغة التي نقل عنها . ( يمكنك قراءة  النص الكامل للدراسة في :- موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛ مقالا وموضوعات في المجامع والقوانين الكنسية ؛جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ؛ الجزء رقم 35 ؛ من صفحة (108- 111 ) وأيضا الصفحات 112 ؛113 ) . 
وفي موسوعة "الشهادة والاستشهاد وشخصيات كتاب مقدس وقديسون  كتب عن بعض الشخصيات  الذين ظهرت  بعد الفتح العربي لمصر مثل :- ساويرس بن المقفع (صفحتي 540 – 541 ) .والأنبا برسوم العريان ( صفحة 543 – 550 ) والأنبا فريج الشهير بالأنبا رويس ( صفحة 551- 559 ) . ( موسوعة الأنبا غريغوريوس :- الشهادة والاستشهاد شخصيات كتاب مقدس وقديسين ؛ الجزء رقم 18 ) .
وفي موسوعة "اللاهوت العقيدي "الجزء الأول " لاهوت السيد المسيح " الجزء رقم 6 . قدم نيافته ملفا كاملا بعنوان "مقتبسات من كتب ومصادر كنسية " أحتل فيها الصفحات من( 523- 532 ) . قدم فيها نماذج رائعة من كتابات بعض الكتاب  الأقباط الذين كتبوا بااللغة العربية مثل :-  " البابا كيرلس بن لقلق ( 1235 – 1243 ) البابا الخامس والسبعون من بطاركة الكنيسة القبطية الآرثوذكسية – فصل من كتاب مصباح الظلمة وإيضاح الخدمة لأبي البركات بن كبر – تفسير سفر التكوين لآباء الكنيسة  – من رسالة البابا زكريا (1004- 1032 ) بابا الكنيسة القبطية رقم 64 إلي البطريرك يوحنا الأنطاكي – فصل من كتاب صلاح المؤمنين للأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا وأخميم ( 1735- 1826 ) – فصل من كتاب "نفي الشك والكفر عن النصاري للعلامة بطرس السدمنتي نقلا عن مخطوطة الفاتيكان رقم 126 عربي – نشرها الأب سمير خليل اليسوعي في مجلة  صديق الكاهن عددي يناير وأبريل 1979 صفحة 44 -60 – أرجوزة (قصيدة ) للشيخ الأسعد بن العسال نقلا عن كتاب القوانين طبعة جرجس فيلوثاوس عوض صفحة 432 – أرجوزة في الاعتقاد  نظم بطرس السدمنتي نقلا عن كتاب القوانين جمعه الشيخ الصفي بن العسال طبعة الأسقف إيسيذوروس سنة 1927 الملحق صفحة 53 – أرجوزة للمرحوم عبد الله أفندي فريج نقلا عن كتاب القوانين الذي جمعه الصفي بن العسال طبعة الأسقف إيسيذوروس 1927 الملحق صفحة 57 "
وفي كتاباته  عن أسرار الكنيسة السبعة ؛ كان يحرص أن يقدم في اقتباساته نصا أو أكثر من التراث العربي المسيحي ؛فمثلا حول سر المعودية قول للقديس ساويرس أسقف الأشمونين جاء في كتاب الدر الثمين في إيضاح  الدين" المقالة الثالثة صفحة 121 حيث قال " بالمعمودية المقدسة  ينعتق الإنسان من سلطان إبليس ؛ويصير مولودا من غير نطفة مثل ناسوت المسيح ؛لأن الروح القدس يقدسه  من ميلاد النطفة ؛فلا يبقي للشيطان عليه سلطان مادام روح المسيح فيه ( موسوعة الأنبا غريغوريوس :- اللاهوت العقيدي الجزء الثالث في أسرار الكنيسة السبعة ؛ المجلد رقم 8 ؛ صفحة 19 ) .
ومن كتابات الأنبا ميخائيل أسقف أتريب ومليج في كتاب (الطب الروحاني ) نشره الشماس ميخائيل شحاتة عام 1905 الباب السابع والعشرين صفحة 36  حيث قال "المعمودية واجبة علي كل أحد ( نفس المرجع السابق ؛صفحة 47 ) .
وحول سؤال وجه للأنبا أثناسيوس أسقف قوص ؛ في مقالة له يجيب علي أسئلة مختلفة منها سؤال ماذا يلزم من أخر عماد ولده بعد الأربعين يوما ؟ فأجاب "قانونه الصوم والصلاة ؛والامتناع عن السرائر المقدسة " (نفس المرجع السابق صفحة 48 )  
وفي سر القربان ؛ أقتبس نص لأبن كاتب قيصر في تفسير سفر الرؤيا طبعة 1939 صفحة 46 حيث قال "يريد بالمن المخفي جسد سيدنا المسيح متحدا بلاهوته الذي يتناوله المؤمنون " ( نفس المرجع السابق صفحة 286 ).
وفي سر الزيجة ؛جاء في المجموع الصفوي للشيخ الصفي ابن العسال طبعة جرجس فيلوثاوس عوض الباب الرابع والعشرون ؛الفصل الخامس ؛ صفحة 80 ؛ قوله " وعقد التزويج لا يتم ولا يكون إلا بحضرة كاهن ؛وصلاته عليهما وتقريبه لهما القربان المقدس في وقت الإكليل "( موسوعة الأنبا غريغوريوس "الجزء الرابع " في أسرار الكنيسة السبعة (2) ؛منشورات أبناء الأنبا غريغوريوس ؛ سنة 2005 ) .  

وعندما تولي نيافته مسئولية أسقفية البحث العلمي في 9 مايو1967 ؛ وضع رؤية محددة من ثمانية  بنود لعمل الأسقفية جاء البند الثاني منها علي النحو التالي :- 
 "مراجعة كتبنا الكنسية ومخطوطاتنا القديمة وتنقيحها بأسلوب عربي سليم يطابق الأصول اليونانية 
والقبطية" .( راجع البنود الثمانية بالكامل في :- موسوعة الأنبا غريغوريوس :- قالوا في الأنبا غريغوريوس ؛ كلمة الأستاذ منير عطية بعنوان "أسقفية البحث العلمي " ؛ المجلد رقم 49 ؛ جمعية الأنبا غريغريوس أسقف البحث العلمي ؛ صفحة 398 ؛399 ) .
ولقد جاءت الفرصة للأنيا غريغوريوس لتحقيق حلم عمره ؛ورغبة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين . في تنقيح الترجمة العربية للكتاب المقدس ؛ عندما أمر المتنيح القديس البابا كيرلس السادس ( 1959- 1971 ) بتشكيل لجنة لإعادة ترجمة الأناجيل الأربعة إلي اللغة العربية من السادة الآتي أسمائهم :- 
1- نيافة الأنبا غريغوريوس – رئيسا .
2- الأستاذ زكي شنودة – عضوا .
3- الدكتور مراد كامل – عضوا .
4- الدكتور باهور لبيب – عضوا .
5- الأستاذ حلمي مراد – عضوا .
وبالفعل أنجزت اللجنة  ترجمة الأربعة أناجيل ؛ ولقد صدرت تباعا عن دار المعارف .