النهار
جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

ننشر حيثيات حكم حبس ضابطي الأمن الوطنى 5سنوات لتعذيبهم محامى المطرية

-


- المحكمة اطمأنت لأقوال شهود الإثبات

- الطب الشرعي:
الوفاة نتيجة توقف القلب والتنفس سبب كسور الأضلاع وتهتك بالرئتين ونزيف بالصدر

 

قالت محكمة جنايات القاهرة فى حيثيات حكمها الصادر بمعاقبة ضابطى الأمن الوطنى بالسجن 5 سنوات المتهمين بتعذيب محامى المطرية إنه لامجال للتشكيك في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة من أقوال الشهود وتقرير الطب الشرعى.
ومطالعتها لأوراقها وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها في الجلسة تتحصل في أنه إذ تواجد المجنى عليه كريم حمدي محمد إبراهيم" المتهم في الجناية رقم 3763 لسنة 2015 بقسم المطرية" ألقى القبض عليه فجر يوم 23فبراير الماضي ، وتم عرضه على نيابة المطرية لاستجوابه في الجناية المذكورة في ذات اليوم والتي أمرت بحجز المتهم وبإعادة عرضه على النيابة صباح اليوم التالي رفق تحريات الأمن الوطني.

وما أن عاد المتهم إلى قسم المطرية ، قام المتهمان عمر محمود عمر حماد ومحمد الأنور محمدين أحمد محمدين , من ضباط الأمن الوطني . بمناقشة المجنى عليه في إحدى غرف المباحث معصوب العينين ومقيد اليدين بمفرده وانهالا عليه ضربا بالأيدي والأرجل على أماكن متفرقة من جسمه قاصدين إيذائه للاعتراف والإرشاد عن باقي المتهمين.

وقد أدى الاعتداء على المجنى عليه كريم حمدي محمد إبراهيم إلي وفاته نتيجة الإصابات الحيوية المتعددة بالصدر والبطن والعنق وما أدت إليه من كسور بالأضلاع الصدرية وتهتك بالرئتين وتكدم بالقلب والكبد وكيس الصفن وما صاحب ذلك من نزيف بتجويفي الصدر والبطن وبالخصيتين وحول الكليتين أدى إلى صدمة على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية من عمر محمود عمر حماد ومحمد الأنوار محمدين ضابطي شرطة بجهاز الأمن الوطني بالسجن المشدد 5 سنوات لكل منهم وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة لاتهامهما بالاعتداء على المحامي كريم حمدي بالضرب وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية.

وأشارت المحكمة الى ان الواقعة على النحو المتقدم قد قام الدليل على ثبوتها وصحة اسنادها في حق المتهمين وفقا لما شهد به كل من عبد الغني ابراهيم شعبان ، الملازم اول احمد محمد محمود وهبه ، ومندوب الشرطة سامي محمد اسماعيل، والنقيب كريم صلاح الدين بحيري ، النقيب محمد المعداوي ، والعميد محمود أحمد عبدالله ربيع ، والمقدم وائل متولي ، والنقيب حمدي السعيد عثمان ، وأمين الشرطة محمد ظريف حسن ، الرائد أحمد يحيي محمود ، ومعاينة النيابة العامة لقسم شرطة المطرية ، تقرير الطب الشرعي ، تقرير المعمل الكيماوي ، وما اوردته تحقيقات نيابة المطرية في القضية رقم 3763/ 2015 ج المطرية في خصوص مناظرة النيابة للمتهمين وشهادة الدكتور حازم حسام الطبيب الشرعي .

كما أنه تم سؤال عبد الغني ابراهيم شعبان "المحبوس احتياطياً في القضية رقم 3763 لسنة 2015 جنايات المطرية" بتحقيقات النيابة العامة وقد شهد بأنه عقب ضبطه والمجنى عليه كريم حمدي وعرضهما على النيابة العامة وبعد عودتهما لديوان القسم تم مناقشته والمجنى عليه كلا منهما على حده معصوبي العينين ومقيد اليدين بأساور حديدية بمعرفة ضباط الأمن الوطنى وانه حال تواجده خارج الغرفة.

وأثناء مناقشة ضابطي الأمن الوطني للمجنى عليه كريم حمدي تناهى إلى سمعه صوته يتأوه مرددا(آه خلاص يا باشا هعترف ) ، وفي تلك الأثناء كان الضابط أحمد يحيى نائما ، ونفى قيامه بمناقشتهما لكونه يعلم صوته جيدا ، وأن القائمين بمناقشته لهم صوت مغاير ، وأضاف بأنه حال مناقشته كان يتم التعدي عليه أيضا بواسطة الضابطين بالضرب بالأيدي والأرجل.

وعقب انتهاء المناقشة تم اصطحابه بمعرفة الرائد أحمد يحي والرائد حسين خيري للإرشاد عن باقي المتهمين وعاد إلى القسم حوالي الساعة الرابعة فجر يوم 24 فبراير الماضي وتم إيداعه غرفة التسجيل الجنائي بوحدة مباحث القسم حيث وجد المجنى عليه بها وكان بحالة إعياء نائما على الأرض ويردد عبارة أنا سقعان، وفي الصباح وحال تجهيزهما للعرض على النيابة العامة زادت حالة إعياء المجنى عليه وفوجئ بسقوطه أرضا وحاول المتواجدون من رجال الشرطة إسعافه وتم نقله للمستشفى حيث توفي .

كما أكد شهود الإثبات من ضباط قسم شرطة المطرية قرروا أنه يوم 23/2/2015 قاموا بعرض المجنى عليه والشاهد الأول على نيابة المطرية وتم إعادتهم للقسم بعد أن قررت النيابة حجزهما لليوم التالي وإعادة عرضهما عليها رفق تحريات الأمن الوطني ، ثم وصل بعد ذلك ضابطي الأمن الوطني بمكتب المباحث لمناقشة المتهمين وكان النقيب أحمد يحيى نائم بمكتب رئيس المباحث وانتقل خارج القسم لوجود مشاجرة وفي يوم 24/2/2015 كان المجنى عليه قد توفى، وأضافوا أنه حال عرض المجنى عليه كريم على النيابة يوم 23/2/2015 كان طبيعيا ولم يكن به ثمة إصابات وشددوا على أنهم شاهدوا ضابطي الأمن الوطني حال مناقشتهما لأحد المتهمين حيث كان المتهم آنذاك واقفا ومعصوب العينين ، وأن أحدهم " من ضباط القسم" دخل المكتب لأخذ بعض متعلقاته الشخصية من مكتبه ثم خرج ، وكان المتهمان يمتنعان عن مناقشة المتهمين اثناء تواجده بمكتب المباحث .

وأوضحت المحكمة أن شاهد الإثبات وهو العميد محمود أحمد عبدالله ربيع مأمور قسم المطرية قرر أنه تم ضبط المتهمين عبد الغنى ابراهيم شعبان وكريم حمدي محمد بمعرفة مأمورية من قوة قسم المطرية وذلك نفاذا لإذن النيابة العامة في القضية رقم 3763 لسنة 2015 ج المطرية بضبطهما وإحضارهما ، وعادت القوة لديوان القسم رفق المتهمين فجر يوم 23/2/2015 وتم عرضهما على النيابة بالفترة الصباحية بذات اليوم.

وعادت المأمورية رفق المتهمين مرة أخرى لديوان القسم عقب العرض على النيابة العامة في حوالي الساعة 30ر7 مساء يوم 23/2/2015 بقرار حجز المتهمين وعرضهما على النيابة العامة صباح اليوم التالي رفق تحريات الأمن الوطني ، وكان الضابطان كلا من عمر حماد ، ومحمد محمدين من قطاع الأمن الوطني في انتظار المتهمين بالقسم حيث قاما بمناقشة المتــــهمين ( المجنى عليه كريم حمدي ، والشاهد الأول ) بالغرفة المخصصة لوحدة المباحث الكائنة بالطابق العلوي بالقسم.

كما ثبت للمحكمة من تقرير الطب الشرعي النهائي بشأن إجراء الصفة التشريحية لجثمان المجنى عليه سالف الذكر أن الإصابات المشاهدة بعموم جسد المجنى عليه حيوية حديثة ذات طبيعة رصينة حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة أيا كان نوعها وأن الواقعة بمجملها جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة بتاريخ معاصر لتاريخ الواقعة ومن مثل التعدي عليه بالضرب اثناء التحقيق معه، وأن الوفاة إصابيه تعزى إلى توقف القلب والتنفس نتيجة الاصابات الرصينة بالصدر والبطن والعنق ، وما أدت إليه من كسور بالأضلاع الصدرية وتهتك بالرئتين وتكدم بالقلب والكبد وكيس الصفن، وما صاحب ذلك من نزيف بتجويفي الصدر والبطن وبالخصيتين وحول الكليتين أدى إلى صدمة وأن الوفاة كان قد مضي عليها حوالى يوم عقب الوفاة..وإذ ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بشأن فحص العينات الحشوية للمجنى عليه تبين خلوها من الترامادول .

وعن الدفع ببطلان تقرير الصفة التشريحية المعد بمعرفة الطبيب حازم حسام الدين حسن بصفته طبيب مساعد بمصلحة الطب الشرعي لمخالفة التعليمات الصريحة المنظمة للعمل بمصلحة الطب الشرعي مردود عليه بان الثابت من الاطلاع على تقرير مصلحة الطب الشرعي رقم 449 لسنة 2015 طب شرعي المحرر بتاريخ 4/3/2015 بانه معد بمعرفة الدكتور حازم حسام الدين حسن وان ماينعاه الدفاع من وجود مخالفة التعليمات القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء لعدم اختصاص الطبيب حازم حسام الدين حسن بتشريح جثة المجنى عليه منفردا لكونه مساعد طبيب فالمحكمة ترى ان القانون المذكور قد نظم اختصاصات درجات وظائف الأطباء الشرعيين وهي مسألة ادارية تنظيمية لا يترتب على مخالفتها ثمة بطلان طالما اطمأنت لهذا التقرير.

وعن الدفع بانتفاء الباعث لدي المتهمين على ارتكاب الجريمة مردود عليه بانه من المقرر ان الباعث على الجريمة ليس ركنا فيها ، فالقصد الجنائي المتطلب في الجريمة المنصوص عليها بالمادة 126 عقوبات يتحقق كلما عمد الموظف او المستخدم العمومي الى تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أيا كان الباعث له على ذلك ، ومتي توافر القصد على هذا المعني فلا تؤثر فيه البواعث التي حملت الجاني والدوافع التي حفزته الى ارتكاب فعله ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد.

وشددت المحكمة على انه في مجال التكييف القانوني فان الواقعة على النحو السالف بيانه تشكل الجناية المؤثمه بالمادتين 126 ، 234/1 عقوبات وكانت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او إنسانية او مهنية التي انضمت اليها مصر وصدقت عليها قد عرفت التعذيب بانه " اي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان ام عقليا يلحق عمدا بشخص ما يقصد الحصول من هذا الشخص او من شخص ثالث على معلومات او اعتراف او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه هو او شخص ثالث أو تخويفه او ارغامه هو أو أي شخص ثالث – أمر عندما يلحق مثل هذا الالم او العذاب لأى سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه ، أو يحرض عليه او يوافق عليه او يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية ، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات او الذي يكون نتيجة عرضية لها ، كما نصت المادة الرابعة من ذات الاتفاقية على ان " تضمن كل دولة طرف ان تكون جميع اعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي ، وينطبق الأمر ذاته على قيام اي شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلة قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب.

واضافت الحيثيات ان المشرع المصري عدل قانون العقوبات تعديلا بإضافة نص المادة 126 من قانون العقوبات ( مستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 ) وقد نصت على ان " كل موظف او مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم او فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد او السجن من ثلاث سنوات الي عشر ، واذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً.

وكان المستقر عليه فقها في مجال اعمال تلك المادة ان لها شرطاً مفترضاً يتمثل في صفة الموظف العام فاعل تلك الجريمة ، فالشارع قد اشترط لقيام هذه الجريمة ان يكون الفاعل فيها موظفاً عاماً او مستخدماً عمومياً وهو ذلك الشخص الذي يعمل باسم السلطة ولحسابها وانه يكفي ان ترتبط الجريمة بالوظيفة ارتباطاً سببياً مادام الجاني قد استخدم فيها امكانات الوظيفة ونفوذها ، وهذه الصفة لا يؤثر فيها كون الجاني مكلفاً رسيماً او غير مختص قانوناً باستجواب المتهم او سؤاله ، أما ركنها الاول فهو سلوك مادي ذي مضمون نفسي.