جريدة النهار المصرية

تقارير ومتابعات

كيلو اللحمة وصل 100 جنيه... ولا عزاء للفقراء والمساكين

-

اعتاد تجار اللحوم والماشية زيادة الاسعار فى موسمين, اولهما فى شهر رمضان الكريم, نظرا لاقبال المواطنين على شراء كميات كبيرة من اللحوم لزوم العزومات وثانيهما قبل عيد الاضحى المبارك ومع اقبال المصريين على شراء الاضاحى, حيث يطلق عليه “عيد اللحمة”.
المشكلة الكبرى تكمن فى ان الزيادات فى اسعار اللحوم اصبحت غير منطقية, خاصة ان دخول المصريين ثابتة لا تزيد، وإن زادت كانت الزيادات مجرد جنيهات قليلة لا تقابل زيادة اسعار اللحوم.
كما ان جشع التجار اصبح عنصرا اساسيا فى مقدار الزيادة فى السعر، خاصة فى ظل غياب الرقابة, ليس هذا فقط بل ان مساعى الحكومة فى توفير لحوم مدعمة او استيراد كميات من اللحوم المجمدة لرفع المعاناة عن كاهل الفقراء من المصريين يقابل بمزيد من الاستغلال من قبل بعض التجار الذين يقومون بشراء هذه اللحوم وبيعها على انها لحوم بلدية وبالتالى لا يصل العون والمساعدة التى تبذلها الحكومة الى مستحقيها وتذهب كل الجهود فى الهواء.
ليس هذا فقط بل ان ثقافة المصريين فى شراء كميات كبيرة من اللحوم فى موسم عيد الاضحى قد تكون سببا اساسيا فى اشتعال الازمة.
“النهار” تفتح الملف وتناقش الاسباب والدوافع والوسائل التى تقف وراء الازمة ومناقشة بعض القائمين على عملية بيع اللحوم لمعرفة الحقيقة كاملة والى من تشير اصابع الاتهام فى هذا الاستغلال الموجه ضد المواطنين البسطاء.

.. وضاع حلم الفقراء فى «أكل اللحمة»

“أكل اللحمة” حلم بات مستعصيا على الفقير بعد أن وصل سعرها الى 100 جنيه للكيلو الواحد؛ مما جعلها فى غير متناول محدودى الدخل، فى ظل تأكيد المسئولين على توفرها فى الأسواق واعترافهم بعدم قدرتهم على ضبط سعرها فى الوقت الذى يؤكد فيه التجار نقص المعروص فى السوق فى الفترة الحالية.
  سمير مرقص، أستاذ الضرائب بالجامعة الأمريكية والخبير الاقتصادى، أرجع ارتفاع الأسعار إلى جشع وطمع التجار ورغبتهم فى تحقيق مكاسب أكبر، خاصةً فى المناسبات والأعياد حيث تبدأ الأسعار مع حلول شهر رمضان فى الارتفاع تدريجيا إلى أن تصل لأعلى سعر لها فى عيد الأضحى بنسبة كبيرة جدا، كذلك احتكار صناعة الأعلاف من قبل مجموعة معينة من المستثمرين الذين باتوا يتحكمون فى أسعارها فقاموا برفع السعر تدريجيا بشكل أصبح بعده المربى الصغير غير قادر على تغذية مواشيه فى ظل ارتفاع أسعارها.
أوضح أنه من الأسباب المؤدية الى ارتفاع السعر ظهور شائعة بأن اللحوم ستدخل ضمن سلع البطاقة التموينية فيقوم التجار برفع أسعارها أملا فى الحصول على ارباح اكثر، وعدم وجود رقابة مباشرة وغير مباشرة فى كافة الاسواق ومنافذ البيع، مما تسبب فى ظهور المافيا فى تجارة  واستيراد اللحوم والتى تظهر بنسبة اكبر فى الريف، فاتفاق التجار جميعا على زيادة الأسعار يلغى وجود المنافسة بينهم، فكل ذلك عمل على زيادة السعر فى الفترة الماضية وإلى الآن.
 أضاف أيضا أن اللحوم البرازيلية والصومالية التى استوردتها الدولة لمواجهة مشكلة غلاء الاسعار أثبتت عدم قدرتها على منافسة نظيرتها المصرية من حيث الطعم، مما تسبب فى تزايد الاقبال على اللحوم المحلية على حساب اللحوم المستوردة.
كما نادى بمقاطعة اللحوم كحل حاسم لتلك الزيادة لتكون طريقة لإجبار مافيا اللحوم والتجار على تقليل الاسعار فى الاسواق، مثلما حدث فى الستينيات عندما ارتفعت اسعار اللحوم من 36 قرشا الى 50 قرشا وحدث إضراب، ولجأ المصريون إلى بدائل اللحوم فانخفضت الأسعار إلى 32 قرشا للكيلو أى أنها انخفضت عن السعر الأول، الذى كانت عليه، واضاف انه لابد من طرح بدائل للحوم مثل الأسماك والدواجن خاصة أن القوات المسلحة تعرض تلك البدائل بأسعار رمزية بل تعرض أيضا اللحوم المجمدة بأسعار أقل كثيرا من اللحوم الطازجة، ومن ثم فلن يحتاج الناس للحوم لفترة لا بأس بها، مما يؤدى الى انخفاض الاسعار بشكل تلقائى، كما اشار الى ضرورة وضع عقوبات رادعة على التجار الذين يلجأون الى رفع الاسعار بدون ابداء أسباب مقنعة.
من جانبه، قال د. إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: إن السبب الرئيسى والأهم لارتفاع اسعار اللحوم قلة المعروض منها الى جانب هامش الربح الكبير الذى يحققه التجار والجزارون، ورأى أنه من آليات مواجهة ارتفاع اسعارها هو العمل على زيادة الكمية المعروضة من اللحوم من خلال تشجيع المربين على زيادة عدد الماشية وتوفير أعلاف لها باسعار منخفضة من بنك الائتمان الزراعى، حيث ان هناك علاقة طردية بين اسعار العلف واسعار اللحوم فارتفاع اسعار العلف وعدم توافرها يؤديان الى ارتفاع تكلفة اللحوم والعكس.
كما اشار الى ضرورة ان تطرح الحكومة لحوما بلدية وليس نوعيات مستوردة فى المجمعات الاستهلاكية بسعر منخفض وبجودة مختلفة فيحدث منافسة ويضطر الجزارون إلى تقليل الأسعار، ورأى ايضا انه من الحلول الواجبة لحل المشكلة اتخاذ إجراءات عاجلة وأخرى آجلة لزيادة المعروض من اللحوم٬ وتعتمد الخطة العاجلة علي تكثيف الاستيراد من الخارج عبر عدة مناشئ متنوعة سواء إفريقية أو أوروبية مثل البرازيل واستراليا قبل عيد الأضحى٬ فإذا لم تتدخل الحكومة في تكثيف المعروض فسيرتفع كيلو اللحم إلى اكثر من مائة جنيه فى عيد الأضحى٬ أما عن الحلول الآجلة فتقوم على شراء الحكومة إناثا من الخارج تنتمى لسلالات جيدة أوروبية ثم تمنحها للفلاحين لتربيتها ثم تأخذ الذكور منها لعمل ثروة حيوانية بلدية فيما بعد.
ويرى ان حل المقاطعة يعتبر من الحلول الجزئية التى من الممكن ان تطبق فى بعض المناطق فمن الممكن ان تنجح فى بعض المناطق والاخرى تفشل وهذا الحل سيعمل على خفض الاسعار بنسبة ضئيلة جدا بسبب التباين فى الاسعار فى المناطق المختلفة مما يؤدى الى رتفاع الاسعار بسبب ارتفاع مستوى معيشة ساكنيها وليس بسبب ارتفاع التكلفة.
ويلفت د. حامد ابوحمزة، الخبير الاقتصادى والمستشار سابقا بالامم المتحدة، إلى أن سبب ارتفاع أسعار اللحوم هو طمع وجشع التجار،  وأشار الى ان المشكلة تتطور ويتمادى التجار فى الغلاء بسبب فساد بعض المراقبين والمشرفين على أسعار اللحوم، وأكد ضرورة توسع الجمعيات التعاونية فى امتلاك المواشى وضرورة قيام الدولة بدور تنافسى ولن يتم ذلك بالتسعيرة الجبرية لكن بزيادة المعروض بالمجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة كذلك قوة دور الجمعيات التعاونية وعودة الجمعيات الفئوية للموظفين ليقل الضغط على القطاع الخاص لينخفض السعر ولكى تعمل على زيادة العرض، ويعتبر شهر رمضان وعيد الاضحى موسما للمربى والجزار فيزيد الطلب ويقل العرض وبالتالى يزداد السعر.
 وأشار ايضا الى ان هناك تكاليف إضافية يتم تحميلها على سعر كيلو اللحم٬ فهناك ارتفاع أسعار الكهرباء والمحلات تدفع ضعف المنازل فحسابها تجارى وبالطبع هناك مبردات لحفظ اللحوم وماكينة الفرم وهذه العناصر تعد خدمة معاونة للنشاط٬ وتصب فى مصلحة المستهلك ولا تحقق عائدا للجزار٬ كذلك باقى المستلزمات من أطباق فوم وأكياس وعمالة ارتفعت وكذلك الزيادة السنوية لإيجارات المحلات٬ وأيضاً ارتفاع تكلفة النقل من مكان التربية لتصل إلى محل الجزارة بعد ذبحها بالمدبح وبالتالى كل ذلك يؤدى الى ارتفاع الاسعار.
 كما شجع د. حامد على ضرورة مناداة المستهلك بتقليل الطلب على اللحوم لكى تنخفض الاسعار وليست المقاطعة تماما وكذلك اللجوء الى بدائل اللحوم وضرورة وجود دور الاعلام فى حل هذه المشكلة لتقليل الاستهلاك كما يحدث فى الكهرباء لكى لا تنقطع وليس فقط اللحوم فيجب ان يحد ذلك مع كل سلعة ترتفع اسعارها، وضرورة حساب تكاليف التربية وسعر البيع والشراء والمكسب الذى يحققه التاجر.
واقترح أن تقوم الحكومة بتشجيع التربية من خلال توفير مراكز وهيئات لتربية المواشى ومراكز توزيع ويكون إشرافها تابعا للحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة لضمان تحديد الكميات المعروضة والمطلوبة ومراقبة الانتاج ومساعدة المربين.

الجزارون.. لصوص اللحوم المدعمة

أيام ونستقبل عيد الأضحى المبارك، فى ظل الغلاء الفاحش لأسعار اللحوم الحمراء.. وطمع تجار الأضاحى كعادة كل عام.. وغياب الرقابة على الأسواق.
ولا تزال غالبية الأسر المصرية حائرة أمام «نار الأسعار» الذى لا يقابله زيادة موازية فى المرتبات والاجور وارتفعت الأسعار بشكل جنونى لتشمل جميع أنواع اللحوم الحمراء، إثر التلاعب من قبل تجار الأضاحى الحية برفع أسعارها، نتيجة نقص المعروض، وسرقة معظم الجزارين للحوم المدعمة مثلما كان الأمر فى السابق، إضافة إلى عدم وجود تسعيرة موحدة يمكن من خلالها ضبط عملية الأسعار، ومنع التلاعب من قبل هؤلاء المحتكرين الذين يتحكمون فى الأسعار كيفما يشاءون، الأمر الذى يتطلب اتخاذ إجراءات فورية حازمة وحاسمة من قبل الدولة لوقف الزيادة فى الأسعار، وإيجاد البدائل بزيادة الإنتاج حتى يمكن مواجهة الغلاء، وتفعيل الرقابة على الأسواق، ودعم منظومة جهاز حماية المستهلك.
ورغم تصريحات وزيرى التموين والزراعة بضخ كميات من اللحوم البلدية فى منافذ وزارتى التموين والزراعة، إضافة إلى توفير اللحوم المستوردة فى المجمعات الاستهلاكية، لعرض المزيد من اللحوم المذبوحة التى تحتاجها جميع الأسر المصرية، إلا أن الصورة التى بدت عليها أسواق بيع اللحوم من انفلات غير مبرر فى الأسعار تكشف بوضوح أن تصريحات المسئولين ما هى إلا استهلاك إعلامى الغرض منه تهدئة الرأى العام، خاصة مع تنامى دعوات مقاطعة اللحوم الحمراء المبالغ فى أسعارها، والتى تتبنى شعار «بلاها لحمة يا جزارين»، نظراً لعدم قدرة المواطنين على شراء اللحوم.
فأسعار اللحوم البلدية ارتفعت بنسبة 25%، ليصل سعر كيلو اللحوم البلدية إلى 90 جنيها بارتفاع 10 جنيهات، وتخطت حاجز الـ100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية، كما ارتفعت أسعار اللحوم المستوردة بنسبة 20%، فوصل سعر كيلو اللحم السودانى إلى 40 جنيها بارتفاع 3 جنيهات، بعد أن كان أقصى سعر البيع للمستهلك 37 جنيها فى الكيلو، والبتلو المستورد لـ 75 جنيها، بينما زادت أسعار أحشاء الماشية من مكان لآخر بنسبة 10%.
«النهار» قامت بجولة فى‮ بعض الأسواق وكبرى محلات بيع اللحوم بمحافظتى القاهرة والجيزة، ورصدت حركة البيع والشراء وكذلك الأسعار.
شاهدنا الخراف والماشية على أرصفة شارع البحر الأعظم، وفى الشوارع الجانبية بمناطق السيدة زينب والدراسة والهرم والدقى، وعندما توجهنا للتجار أكدوا ضعف حركة البيع والشراء.
وعن أسعار اللحوم البلدية الحية، نجد أن سعر كيلو اللحم الجاموسى‮ القائم للعجل‮ «‬الذكر‮» يتراوح ما بين 03 و31 جنيها بدلاً من 28‮ جنيها للعام الماضى، وسعر كيلو اللحم الجاموسى للأنثى إلى 27 جنيها بدلاً من‮ 25 جنيها، بينما‮ يصل سعر كيلو لحم العجل البقرى «الذكر‮» إلى 35 جنيها بدلاً من 27‮ جنيها، ويتراوح سعر كيلو لحم الخراف‮ القائم ما بين 35 و38‮ جنيها، كان يباع بـ27 و28 جنيها العام الماضى، أى يصل سعر إجمالى الخروف القائم ما بين الـ0051 جنيه و0052 جنيه بزيادة تراوحت ما بين 2 و3 جنيهات للكيلو مقارنة بالعام الماضى.
اتجهنا نحو تاجر خراف وعجول بشارع البحر الأعظم، استقبلنا عبدالرحمن مسعد، وأكد لـ»النهار» أن الإقبال ضعيف من المواطنين على شراء الأضاحى، وحركة البيع والشراء «شبه متوفقة»، رغم أن أسعار الأضاحى معقولة إلى حد ما– حسب قوله- متوقعا أن تنفرج حالة الشراء فى الأيام القادمة مع اقتراب حلول عيد الأضحى.
أما اللحوم البلدية المذبوحة فاشتعلت أسعارها، وتتراوح أسعار كيلو اللحم البتلو المشفى ما بين 85 و90 جنيها، ولحم البفتيك البتلو لـ85 جنيها، والعرق الرستو لـ 85 جنيها، وتعدى الـ100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية وفقاً للقطعية المطلوب شراؤها، ولحم الكندوز قطع صغيرة وصل سعره إلى 80 جنيها بعد ما كان يباع بـ60 و 65 جنيهاً فى معظم المناطق الشعبية، والكبدة الكندوز بنحو 85 جنيها للكيلو، كما وصل سعر كيلو الفخدة الضأن لـ75 جنيها، والريش الضأن لـ75 جنيها، والزند الضأن لـ 65 جنيها، والرقبة الضأن لـ50 جنيها، والسجق البلدى لـ50 جنيةها بدلاً من 38 جنيها للكيلو للعام الماضى، والسمان لـ 85 جنيها، والقلب والكلاوى بنحو80 جنيها للكيلو.
فيما أكد الحاج على الجزار، صاحب «جزارة أولاد فتحى» بشارع العشرين بالمساكن منطقة فيصل، أن «السوق نايم.. وحركة البيع والشراء محدودة، ومن يشترى أصبح يقلل كمية شرائه.. والأسعار يحددها تجار المواشى». موضحاً أن سعر الكيلو للحم البتلو المشفى يتراوح بين  85 و90 جنيه، والعرق الرستو 85 جنيه، ووصل إلى 100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية وفقاً للقطعية المطلوب شراؤها، والكندوز الطازج قطع صغيرة وصل سعره إلى 80 جنيه بعد ما كان يباع بـ60 و 65 جنيه فى معظم المناطق الشعبية، والكبدة الكندوز وصل سعرها إلى 85 جنيه للكيلو.
وهذا ما أكده شريف محمد، «جزار» بمنطقة أرض يعقوب بمنطقة السيدة زينب، مرجعا أسباب اشتعال أسعار لحوم الاضاحى إلى نقص المعروض من المواشى، وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من الأعلاف وغيرها فى تربية الماشية، بخلاف أعباء النقل والعمالة.  
كما اختلفت أسعار اللحوم البلدية فى شارع السد بنفس المنطقة، حيث لاحظنا وجود محل جزارة آخر يبيع اللحوم البلدية بأسعار منخفضة سعر الكيلو ما بين 35 و65 جنيها.
تحدثنا مع أحد الباعة فى المحل– رفض ذكر اسمه– وقال: «إن هذه اللحوم الموجودة بالمحل تأتى من المزارع الخاصة بصاحب محل الجزارة، وإن سر انخفاض أسعارها يرجع إلى أن صاحب محل الجزارة رجل طيب، ويخاف الله ويراعى الغلابة، ومن ثم يقبل الناس على شراء اللحوم من المحل».
كما لاحظنا أن ارتفاع أسعار اللحوم لم يفرق بين المستورد والمحلى، حيث وصل سعر كيلو اللحوم البتلو إلى 75 جنيها، اللحم الأرجوانى بـ57 جنيها، وكذلك ارتفعت أسعار اللحوم السودانية لـ40 جنيها بعد ما كان يباع بـ 37 جنيها، والموزة البرازيلى بـ37 جنيها للكيلو، ولحوم صوابع القشرة البرازيلى بـ42 جنيها، وأيضاً اللحوم المجمدة من 45 جنيها إلى 57 جنيها لكيلو اللحم الأسترالى.
ويقول حازم محمد عبدالحميد، مدير مجمع استراند التابع للأهرام للمجمعات الاستهلاكية بمنطقة باب اللوق: «أسعار اللحوم بجميع أنواعها فى متناول يد محدودى الدخل، وبالتالى الإقبال طبيعى على شراء اللحوم المستوردة، نظراً لرخص أسعارها بل يتزايد فى بعض الأحيان.
وعن الأسعار يشير «عبدالحميد» إلى أن اللحوم السودانية وصلت إلى 40 جنيها، والموزة البرازيلى لـ 37 جنيها، واللحم الأسترالى لـ57 جنيها، واللحم البتلو لـ75 جنيها.
سوق «الحتت».. ملاذ الفقراء
أسواق «فاكهة» اللحوم بمذبح السيدة زينب تشهد حالياً إقبالاً كبيراً من محدود الدخل، الذى هرب من جشع الجزارين إلى سوق «الحتت» الفشة والكرشة والممبار، رغم أن أسعارها زادت بنسبة 10% عن العام الماضى.  
ارتفعت أسعار كيلو اللحم البتلو البلدى إلى 85 جنيها، ولحمة الرأس إلى 30 جنيها ولها زبون خاص، وكذلك الممبار الضانى بـ25 جنيها للكيلو، والكرشة بـ 10 جنيهات، والكوارع العجالى يباع بـ80 جنيها للزوج، ولحم البتلو بـ50 جنيها، والعكاوى يباع بـ80 جنيها بعد أن كان يباع بـ 35 جنيها، والفشة بـ25 جنيها بدلاً من 15 جنيها للكيلو، والكبدة والقلب والكلاوى بـ75 جنيها بدلاً من 35 جنيها، ورأس العجل البقرى الكبير يباع بنحو 250 جنيها، والرأس الصغير بـ50 جنيها.
أما محمد رحيم، «جزار» بمدبح السيدة زينب، فيقول: «إحنا ملناش ذنب فى غلاء الأسعار غير المبرر، فنحن بائعون للحوم المذبوحة والمشكلة فى احتكار التجار الكبار فى المذبح، لأن ما يحكم السعر مسألة العرض والطلب».
 وأشار إلى أن حركة البيع والشراء «معقولة»، رغم ارتفاع أسعارها بنسبة 10% عن العام الماضى، ولم نكن نتوقع زيادة الإقبال على الفشة والكرشة والممبار بهذا الشكل، وأن أسعار اللحوم البقرى وصلت إلى 85 جنيها، ولحمة الرأس إلى 30 جنيها، والفشة بـ25 جنيها.
الفقراء يمتنعون
وخلال جولتنا التقينا بعدد من المواطنين الذين عبروا عن معاناتهم المستمرة، بسبب الزيادات الملحوظة فى أسعار اللحوم البلدية، خاصة قبيل عيد الأضحى المبارك.. فماذا قالوا؟  
يقول ممدوح على، «45 عاماً»، قابلناه فى ميدان السيدة زينب: ارتفاع أسعار اللحوم تصيبنا بالصدمة، بعدما وصل سعر الكيلو لـ90 جنيها.. وهو ما جعلنا لا نقدر على شرائها، لكننا سنكتفى بشراء الفشة والكرشة والممبار، بدل ما نتحرم من أكل اللحمة خالص.  بينما قال أمجد محمود، «43 سنة»، موظف فى إحدى الشركات الخاصة  ، وأب لـ»3 أبناء»: مقاطعة اللحوم هى الحل، فى ظل اشتعال أسعار اللحوم البلدية والمستوردة.. فأنا أتقاضى راتباً لا يتعدى 800 جنيه، وهو لا يكفينا، خاصة وأننى أعول أسرة مكونة من 5 أفراد، وأسكن فى شقة إيجارها 300 جنيه، بخلاف مصاريف المعيشة الصعبة.. فمنين هشترى خروف العيد؟
«مش لازم ناكل اللحمة اللى هتخرب بيوتنا».. بهذه العبارة بدأ كلامه الحاج إسماعيل عبدالجليل، «على المعاش»، ومقيم فى منطقة بولاق الدكرور، ويقول: الأسعار «نار»، والمعاش لا يكفى، والمقاطعة تعتبر الحل الأمثل والوحيد أمام المواطنين، لمحاربة استغلال وجشع الجزارين، لأن خسارتهم هى الهدف من حملاتنا، كما أن المقاطعة يجب أن تضغط على الحكومة أيضاً حتى توفر لنا البديل الآمن والسريع، وتنقذنا من أرتفاع أسعار اللحوم المبالغ فيه بلا داع.
أمنية محمد، «ربة منزل»، ولديها «3 أبناء»، قالت: «إننا نعيش حياة غير آدمية، فنحن لا نرى اللحوم إلا كل شهر مرة، وبالتالى المقاطعة هى أنسب الحلول.. لأننا لسنا قادرين على شرائها. وتتساءل: من أين لنا أن ندفع 85 جنيها ثمناً لكيلو اللحم، وزوجى يعمل ساعياً، ومرتبه 120 جنيها؟».
تهريب المستوردة
ورداً على حملة مقاطعة اللحوم والمدشنة بعنوان “بلاها لحمة يا جزارين”، تقول الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك: إن فكرة المقاطعة “جيدة”، لكونها تحد من جشع الجزارين، فى ظل الارتفاع المستمر لأسعار اللحوم، كما أن هناك بلاغات صحية تقدم بها مواطنون عن تسرب لحوم مستوردة مذبوحة فى مجازر البساتين، لإزالة الأختام الدالة على أنها مستوردة واستبدالها بأختام اللحوم البلدية لتباع بأسعارها من قبل الجزارين.
وتطالب الدكتورة “سعاد” الحكومة بضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية من اللجان التفتيشية من التموين على المجازر والجزارين، وذلك لضبط أحكام الأسعار ومواجهة الغلاء، والتجار الجشعين ممن يخالفون القانون.
استراتيجية قومية
من جانبه، اعتبر محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، أن حملات مقاطعة اللحوم ناجحة، لمواجهة جشع المحتكرين، وتكبيدهم خسائر كبيرة، لكى تؤتى ثمارها، وتنخفص أسعار اللحوم وتعود إلى طبيعتها.
وأوضح “وهبة” أننا بحاجة إلى الاتجاة نحو تطوير وتنمية الثروة الحيوانية من خلال دعم المربين لرفع إنتاجية مزارعهم، لما يعد مشروعاً قومية، يساهم فى سد الفجوة بين إنتاج اللحوم والاستهلاك المتزايد، ويحد من عمليات الاستيراد سواء لرءوس الماشية أو اللحوم المذبوحة، ويوفر العملة الصعبة، ويتيح فرص عمل لشباب الخريجين، مؤكداً أن إنتاج مصر من اللحوم البلدية يعادل 40%، ونسبة استيرادنا من اللحوم تعادل 60%.
واستطرد “وهبة” أنه عند ضبط لحوم مستوردة تباع لدى الجزارين على أنها لحوم بلدية، يتم تحرير محاضر غش تجارى لهؤلاء الجزارين، وقد تصل العقوبة إلى حد إغلاق محلاتهم.
التكافل الاجتماعى
ومن جهتها، تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: التكافل الاجتماعى “فريضة واجبة” فى الإسلام، وهى وسيلة جيدة لإظهار الكرم والجود على الفقراء، الذين لا يجدون ما يأكلونه،  فهؤلاء المساكين أحوج من غيرهم إلى لقمة تسد رمقهم وتقويهم على مشقة الحياة، كما أن كثرة التصدق فى هذا العيد المبارك تمكن اليتامى والمحتاجين من شراء مستلزمات الحياة، وهذا بدوره قد يحدث تنشيطا للحركة الاقتصادية داخل المجتمع.
وأضافت الدكتورة “آمنة” أن تلك الفئة المنكوبة لها الحق فى الحياة الكريمة، بل جعل من الإحسان إليها ما يرد النعمة إلى فاعلها، فتعمق قيم التواصل والتكافل والعطاء الاجتماعى فى كل نواحى الحياة، وبأى الوسائل تسعد الفقير والمسكين ويعيش بين إخوانه فرحاً ميسوراً شاكراً لله الذى أنعم عليه بهذا العيد المبارك.