أموال التأمينات المنهوبة تضع حكومة ”محلب” فى ورطة!

يعيش أصحاب المعاشات فى هذه الأيام حالة من الغضب والاستياء، بسبب تجاهل حكومة المهندس إبراهيم محلب لمطالبهم الأمر الذى جعلهم ينظمون عددا من الوقفات الاحتجاجية والتجمعات من حين لآخر اعتراضاً على تجاهل الدولة لأصواتهم الأمر الذى جعل معاناتهم تسير فى حلقة مفرغة دون توقف.
واللافت للانتباه أنه فى ظل تفاقم معاناة أصحاب المعاشات، فإن قيمة المعاش الشهرى مازالت فى حالة من التدنى فى ظل تجاهل الدولة لتطبيق الحد الأدنى للأجور على أصحاب المعاشات ليتناسب هذا الأمر مع الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين.
لذا استطلعت " النهار" آراء عدد من الخبراء حول الأسباب وراء تفاقم أزمة أصحاب المعاشات، وكذلك الأسباب التى دفعت الحكومة لتجاهل مطالبهم.. وجاءت إجابتهم خلال السطور القادمة.
فى البداية أكد البدرى فرغلي، البرلمانى السابق ورئيس الاتحاد المستقل لنقابات أصحاب المعاشات، أن الحكومة الراهنة تعد متواطئة مع من اعتدوا على أموال التأمينات الخاصة بأصحاب المعاشات، وهذا ما كشفه الجهاز المركزى للمحاسبات فى أحد تقاريره، إذ أكد تقاضى عدد من الأشخاص مبالغ مالية ورشاوي وعلى رأسهم على نصار وعمر حسن وغيرهما، إذ حصلوا خلال 4 سنوات على ثلاثة مليارات جنيه مقابل عدم الكشف عن أى أمور تتعلق بأموال أصحاب المعاشات، وحتى الآن لم يحاسبهم أحد على ذلك وهذا الأمر يؤكد أن الحكومة تحميهم وتحصنهم جيداً.
واتهم فرغلى الحكومة الحالية وبالأخص وزير التضامن الاجتماعي، بالتضليل خاصة وأنها تسعى لإخفاء الحقائق الكاملة حول حقيقة أموال التأمينات الاجتماعية وفوائدها، وذلك بتصريحاتها مؤخرا حول أن الحكومة ليس لديها أموال لتنفيذ مطالب أصحاب المعاشات، لافتاً إلى أن حديث الحكومة عن أموال التأمينات والمعاشات كلام فى الهواء، أى أن الحكومة تتعامل مع ملفات أموال التأمينات وكأن أموال المعاشات عبارة عن حزمة ورق فى مقبرة الخزانة العامة بدون فوائد على الاطلاق.
وأوضح فرغلى أن هناك نحو خمسة ملايين من أصحاب المعاشات مازالوا حتى هذه اللحظة يتقاضون أقل من 500 جنيه شهرياً، الأمر الذى لا يتناسب على الإطلاق مع غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، وهذا الأمر يؤكد أن الثورتين اللتين اندلعتا فى مصر لا قيمة لهما خاصة فى ظل عدم تطبيق أهم شعار لهذه الثورات وهو تحقيق العدالة الاجتماعية، مشيراً إلى أن أصحاب المعاشات حتى هذه اللحظة لا يرغبون فى تصعيد الأمور مراعاة لتردى الأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد، إلا أن الحكومة إن لم تبحث ملف أموال التأمينات فهذا الأمر قد ينذر بثورة جديدة مقبلة.
فى حين أكد الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، ورئيس مركز صالح للاقتصاد الإسلامي، أن الحكومة تتجاهل تماماً حقوق أصحاب المعاشات، وهذا ما يتضح من عدم اتخاذ اى قرار بزيادتها وربطها على الأقل بالحد الأدنى للأجور، لافتاً إلى أن تجاهل الحكومة لأصحاب المعاشات هو السبب الرئيسى وراء الوقفات الاحتجاجية والتجمعات التى ينظموها أمام وزارة المالية خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح عبد الحليم أن أصحاب المعاشات يبلغ عددهم نحو 9 ملايين مواطن، نصفهم يتقاضون معاشات لا تتعدى الـ500 جنيه، وهذا المبلغ قليل للغاية لسد احتياجاتهم الشهرية، مشيراً إلى أن مشاكل أصحاب المعاشات بدأت بعدما قامت الدولة خلال حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك بإصدار قرار ينص على تحويل التأمينات لتكون تابعة لوزارة المالية على أن يحصل كل محال على المعاش على صك بلا قيمة، وكانت أموال المعاشات وقتها تبلغ نحو 600 مليار جنيه.
وشدد عبد الحليم على ضرورة قيام حكومة المهندس إبراهيم محلب بعقد اجتماعات عاجلة مع القيادات النقابية الممثلة لأصحاب المعاشات وبحث جميع مشاكلهم والسعى لحلها، فضلاً عن أن الدولة لابد أن تقوم بإنشاء هيئة تتلخص مهامها فى الإشراف على أموال التأمينات وبحث إشكاليات أصحاب المعاشات، وذلك حتى لا تضيع أموال التأمينات والمعاشات مثلما حدث من قبل فى عهد وزير المالية الأسبق بطرس غالي.ِ
فى حين أكدت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن السبب الرئيسى وراء تفاقم أزمة أموال المعاشات، جاء نتيجة عدم تعامل الحكومة مع هذه الأموال وكأنها خط أحمر لا يجوز التلاعب فيه، بل استمرت سرقة الأموال منذ عهد مبارك حتى النظام الحالي.
وأضافت الحماقى أن وزير المالية الأسبق بطرس غالى اعتبر الأموال الخاصة بأصحاب المعاشات هى أموال عامة للدولة وبالفعل تم التصرف فى هذه الأموال، وحتى هذه الأيام لم يتم تدبير أموال المعاشات، مشيرة إلى أن أموال المعاشات الحالية تأتى عن طريق فوائد أموال التأمينات.